كلفتُ بكمْ ففاضَ دمي دموعاً
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كلفتُ بكمْ ففاضَ دمي دموعاً | وبتُّ سميرَ منْ هجرَ الهجوعا |
رحلتمْ ذات يومَ البينِ عني | فها أنا بعد كمْ أبكي الربوعا |
و ماليَ لا َ أنوحُ على طلولٍ | أطلتُ بأهلهاَ وبها الولوعا |
و في يومِ الربوع ِ سلبتَ عقليِ | بنجدٍ لا رعى اللهُ الربوعا |
و كنتُ أحبُ أنْ أخفي غرامي | فيأبي الدمعُ إلا أنْ يذيعا |
فكيفَ بهائمٍ يرجووصالاً | و لمْ يكنْ الزمانُ لهُ مطيعا |
لقدْ علمَ الفريقُ بأنَّ مثلي | إذا ذكرَ الفراقُ لديهِ ريعا |
يطولُ وراءهمْ ظمى وجوعي | لفقدِ الأهلِ لا ظمأً وجوعا |
وينزعُ نحوهمْ قلبي فمنْ لي | إذا لمْ يرحموا قلباً نزوعاً |
عسى زمنٌ يعودُ بأهلِ ودى | فياتى الأنسَ إنساناً هلوعا |
و لو كانَ الهوى العذرى ُّ عدلاً | لقلدني بزورتهمْ صنيعا |
أصيحابى دعوا عبراتِ جفني | تجدْ بدراً فطيبة َ فالبقيعا |
فإنَّ بها نبياً هاشمياً | شكوراً صابراً براً خشوعا |
و قوماً جاهدوا في اللهِ حتى | سقوا أعداءهُ السمَّ النقيعا |
أسودٌ تفرقُ الهيجاءُ منهمْ | إذا لبسوا دماءهمُ دروعا |
وإن نهضت كتيبتهمْ لحيٍ | كثيرِ الجمعِ فرقتِ الجموعا |
بكلِّ فتى يخوضُ الهولَ سعياً | إلى الضربِ المبرحِ لا جزوعا |
فكمْ حملتْ عتاقُ الخيلِ منهمْ | أسوداً تدهشُ الأسدَ الشجيعا |
و كمْ شجرتْ لهمْ فوقَ الهوادي | رماحٌ تمنعُ الطيرَ الوقوعا |
و بيضٌ في سماءِ النقعِ بيضٌ | ترى لشموسها فيها طلوعا |
إذا اشتعلُ الظبا لهباً ظننا | متونَ الخطياتِ لها شموعا |
لقدْ صدعوا منَ العزى شعوباً | كما صرعوا فيَ التقوى صدوعاَ |
رمتْ بهمُ الصوافنُ كلَّ ثغرٍ | كأنَّ به مرعى مريعا |
فكمْ غمرٍ طغى وبغى عليهمْ | فباتَ مجدلَ الغبرا ضجيعا |
وذي نظرٍ سعى حتى رآهمْ | فخرَّ لهولِ هيبتهمْ صريعا |
إذا سلوا سيوفَ الهندِ ظلتْ | رءوسُ المشركينَ لها ركوعا |
مدحتُ أولئكَ الملأَ افتخاراً | فصارَ بمدحهمْ زمني ربيعا |
فصلى ذو الجلالِ على نبيِّ | و على صحابتهِ جميعا |
بهِ وبهمْ علتْ رتبي لأني | طويتُ على ودادهم الضلوعا |
قرنتُ بعزهمْ ذلي وحبي | لهمْ فوجدتهمْ حصناً منيعا |
كلأتُ بهمْ منَ المحنِ اللواتي | تشيبُ خطوبها الطفلَ الرضيعا |
مدحتك َيارسولَ اللهِ فخراً | و تشريفاً ولمْ أكنِ البديعا |
ألستَ علوتَ على سبعٍ طباقٍٍ | يومُّ ركابكَ الركنَ الرفيعا |
و شرفكَ المهيمنُ بالتداني | فأصبحَ كلُّ ذي شرفٍ وضيعاً |
و خصكَ بالشفاعة ِ يومَ تعنو | وجوهُ الخلقِ للباري خضوعا |
و أنتَ أحقُّ منْ يرجى بصيراً | لنائبة ٍ ومنْ يدعى سميعا |
أيا مولايَ ضاعَ العمرُ جهلاً | و لستُ أرى لفائتة ٍ رجوعا |
فخذْ بيدي وجدْ بالعفوِ يا منْ | إذا ناديته لبى سريعا |
و قلْ عبدُ الرحيمِ غدا رفيقي | و ما يخشى رفيقكَ أنْ يضيعا |
وعمَّ بما تخصصني صحابي | و حاشيتي وأصلي والفروعا |
رجونا جاهَ وجهكَ منْ ذنوبٍ | ثقالٍ تعجزُ الجلدَ الضليعا |
و ما قدرُ الذنوبِ وأنتَ نورٌ | خلقتَ لكلٍّ ذي ذنبٍ شفيعا |
و كيفَ يضيقُ ذرعكَ منْ مرجٍ | نداكَ الحمَّ والجاهَ الوسيعا |
عليكَ صلاة ُ ربكَ ما تولتْ | نجومُ الغربِ تنتظرُ الطلوعا |