هذا الصباح صباح الشيب قد وضحا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
هذا الصباح صباح الشيب قد وضحا | سرعان ما كان ليلا فاستنار ضحى |
للدهر لونان من نور ومن غسق | هذا يعاقب هذا كلما برحا |
وتلك صبغته أعدى بنيه بها | إذا تراخى مجال العمر وانفسحا ما ينكر المرء من نور جلا غسقا ما لم يكن لأماني النفس مطرحا |
إذا رايت بروق الشيب قد بسمت | بمفرق فمحيا العيش قد كلحا |
يلقى المشيب بإجلال وتكرمة | من قد أعد من الأعمال ما صلحا |
أما ومثلي لم يبرح يعلله | من النسيم عليل كلما نفحا |
والبرق ما لاح في الظلماء مبتسما | من جانب السفح إلا دمعه سفحا |
فما له برقيب الشيب من قبل | من بعد ما لام في شان الهوى ولحا |
يأبى وفائي أن أصغي للأئمة | وأن أطيع عذولي غش أو نصحا |
يا أهل نجد سقى الوسمي ربعكم | غيثا ينيل غليل الترب ما اقترحا |
ما للفؤاد إذا هبت يمانية | تهديه أنفاسها الأشجان والبرحا |
يا حبذا نسمة من ارضكم نفحت | وحبذا ربرب من جوكم سنحا |
يا جيرة تعرف الأحياء جودهم | ما ضر من ضن بالإحسان لو سمحا |
ما شمت بارقة من جو كاظمة | إلا وبت لزند الشوق مقتدحا |
في ذمة الله قلبي ما أعلله | بالقرب إلا وعاد القرب منتزحا |
كم ليلة والدجى راعت جوانبها | قلب الجبان فما ينفك مطرحا |
سريتها ونجوم الأفق فيه طفت | جواهرا وعباب الليل قد طفحا |
بسابح أهتدي ليلا بغرته | والبدر في لجة الظلماء قد سبحا |
والسحب تنثر در الدمع من فرق | والجو يخلع من برق الدجى وشحا |
ما طالبت همتي دهري بمعلوة | إلا بلغت من الأيام مقترحا |
ولا أدرت كؤوس العزم مغتبقا | إلا أدرت كؤوس العز مصطبحا |
هذا وكل الذي قد نلت من أمل | مثل الخيال تراءى ثمت انتزحا |
كم يكدح المرء لا يدري منيته | أليس كل امرئ يجزى بما كدحا |
وارحمتا لشبابي ضاع أطيبه | فما فرحت به قد عاد لي ترحا |
أليس ايامنا اللائي سلفن لنا | منازلا أعلمت فيها الخطا مرحا |
إنا إلى الله ما أولى المتاب بنا | لو أن قلبا إلى التوفيق قد جنحا |
الحق ابلج والمنجاة عن كثب | والأمر لله والعقبى لمن صلحا |
يا ويح نفس توانت عن مراشدها | وطرفها في عنان الغي قد جمحا |
ترجو الخلاص ولم تنهج مسالكها | من باع رشدا بغي قلما ربحا |
يا رب صفحك يرجو كل مقترف | فأنت أكرم من يعفو ومن صفحا |
يا رب لا سبب أرجو الخلاص به | إلا الرسول ولطفا منك إن نفحا |
فما لجأت له في دفع معضلة | إلا وجدت جناب اللطف منفسحا |
ولا تضايق أمر فاستجرت به | إلا تفرج باب الضيق وانفتحا |
يا أهل تبلغني مثواه ناجية | تطوي بي القفر مهما امتد وانفسحا |
حيث الربوع بنور الوحي آهلة | من حلها احتسب الآمال مقترحا |
حيث الرسالة تجلو من عجائبها | من الجمال بنور الله متضحا |
حيث النبوة تتلو من غرائبها | ذكرا يغادر صدر الدين منشرحا |
حيث الضريح بما قد ضم من كرم | قد بذ في الفخر من ساد ومن نجحا |
يا حبذا بلدة كان النبي بها | يلقى الملائك فيها أية سرحا |
يا دار هجرته يا أفق مطلعة | لي فيك بدر بغير الفكر ما لمحا |
من هاشم في سماء العز مطلعة | أكرم به نسبا بالعز متشحا |
من آل عدنان في الاشراف من مضر | من محتد تطمح العلياء إن طمحا |
من عهد آدم ما زالت أوامره | تسام بالمجد من آبائه الصرحا |
عناية سبقت قبل الوجود له | والله لو وزنت بالكون ما رجحا |
يا مصطفى وكمام الكون ما فتقت | يا مجتبي وزناد النور ما قدحا |
لولاك ما أشرقت شمس ولا قمر | لولاك ما راقت الافلاك ملتمحا |
صدعت بالنور تجلو كل داجية | حتى تبين نهج الحق واتضحا |
يا فاتح الرسل أو يا ختمها شرفا | بوركت مختتما قدست مفتتحا |
دنوت للخلق بالألطاف تمنحها | والقلب في العالم العلوي ما برحا |
كالشمس في الأفق الأعلى مجرتها | والنور منها إلى الأبصار قد وضحا |
كم آية لرسول الله معجزة | تكل عن منتهاها ألسن الفصحا |
إن ردت الشمس من بعد الغروب له | قد ظللته غمام الجو حيث نحا |
يا نعمة عظمت في الخلق منتها | ورحمة تشمل الغادين والروحا |
الله أعطاك ما لم يؤته أحدا | والله أكرم من أعطى ومن منحا |
حبيبه مصطفاه مجتباه وفي | هذا بلاغ لمن حلاك ممتدحا |
أثنى عليك كتاب الله ممتدحا | فأين يبلغ في علياك من مدحا |
قد أبعدتني ذنوبي عنك يا أملي | فجهدي اليوم أن أهدي لك المدحا |
لعل رحماك والأقدار سابقة | تدني محبا بأقصى الغرب منتزحا |
نفس شعاع وقلب خان أضلعه | مما يعاني من الأشواق قد برحا |
إذا البروق أضاءت والغمام همت | فزفرتي أذكيت أو مدمعي سفحا |
لم لا أحن وهذا الجذع حن له | لما تباعد عن لقياه وانتزحا |
كم ذا التعلل والأيام تمطلني | كأنها لم تجد عن ذاك منتدحا |
ما أقدر الله أن يدني على شحط | وأن يقرب بعد البين من نزحا |
يا سيد الرسل يا نعم الشفيع إذا | طال الوقوف وحر الشمس قد لفحا |
أنت المشفع والأبصار شاخصة | أنت الغياث وهول الخطب قد فدحا |
حاش العلا وجميل الظن يشفع لي | أن يخفق السعي مني بعدما نجحا |
عساك يا خير من ترجى وسائله | تنجي غريقا ببحر الذنب قد سبحا |
ما زال معترفا بالذنب معتذرا | لعل حبك يمحو كل ما اجترحا |
عسى البشير غداة الروع يسمعني | بشرى تعود لي البؤسى بها فرحا |
لا تيأسن فإن الله ذو كرم | وحبك العاقب الماحي الذنوب محا |
صلى الإله على المختار صفوته | ما العارض انهل أو ما البارق التمحا |
وأيد الله مولانا بعصمته | بأي باب إلى العلياء قد فتحا |
وهنئ الدين والدنيا على ملك | بسعده الطائر الميمون قد سنحا |
أنا الضمين لمكحول بغرته | ألا ترى عينه بؤسا ولا ترحا |
مولاي خذها كما شاءت بلاغتها | غراء لم تعدم الأحجال والقزحا |
كأن سرب قوافيها إذا سنحت | طير على فنن الإحسان قد صدحا |