لك الحقُّ الذي يجبُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لك الحقُّ الذي يجبُ | وفضلك ليس يحتجب |
ودون عُلاك ما تُنمى | إليه السَّبعة ُ الشُّهب |
وفوْقَ ابن البتول ابن | وفوق ابن البتول أبُ |
أتتني منكَ زائرَة ٌ | يقودُ هدِّيها الأدَبُ |
زرَتْ بابن الحسينِ فما | له في الحُسْن منتسَبُ |
ونادت بالرَّضى لقدْ | حكيت وفاتَكَ الشَّنب |
تعالى الله من يهبُ الكمالَ | ونعْمَ ما يَهَبُ |
تُغازلني معانيها | فتُسفِرُ ثمَّ تنتقِبُ |
ولكن نغَّص المَسْرى | ودهري كلُّهُ عجبُ |
وأوحَتْ عنك لي وَصَبا | تخطى مجدَكَ الوصَبُ |
فصرْتُ كصاحبِ الضَّليلِ | دون الدَّرْب أنتحِبُ |
فإنَّك ذُخري الأعلى | ومعقِلُ عزِّي الأشِبُ |
وأنت جميعُ أسبابي | إذا ما أعوَزَ السبَبُ |
وجدتُكَ عدتي وغنى | يدي إذا أذهِبَ الذهبُ |
فلولا أنك اسبقَيْتني | والعقل مستلبُ |
وبالدَّر النثيرِ شعبتَ | صَدعا ليسَ ينشعِبُ |
فدتْك كواعِبُ الخضراء | لا عجَمٌ ولا عربُ |
ودُمت الدَّهر في سُحُبٍ | من الآلاء تنسحِبُ |
ألا بكيا روْضَ الجلال الذي ذَوي | على حين هزَّتهُ السماحَة ُ واستوا |
وجادتْهُ أخلافُ الخلافَة ِ فارتوا | ونوحا على نجْمِ العلاء الذي هَوا |
فأبرَزَ شمسَ الجوِّ في خلعَة ِ الجوا | فللهِ من ديوانِ فضلٍ قد انطوا |
وعوجا بأكنافِ الضَّريح الذي حوا | من الجودِ والإفضال أسنى المراتِبِ |
أقيما بحقِّ مأتمَ الباسِ والنَّدى | ولا تقفا خيْلَ الدُّموع إلى مدا |
لبدرٍ جلى جنْحَ الرجا لِمن اهتدى | وغصْنٍ ذوى حينَ استوى وتأوَّدا |
وسيف إمام أغمدتْهُ يدُ الرَّدى | ولا تأنسا ما راح ركبٌ وما غدا |
ألا فابكيا غيث المواهِبِ والجدا | وليث الشَّرى نجلَ السُّراة الأطايب |
هو الدَّمْع إن شحّتْ لخطب عيونُه | على ابن أبي عمرو يُذالُ مصونُه |
فتًى حرَّك الأرجاء حزناً سُكنوه | وغالَتْ قصيات الأماني مَنونهُ |
فحُثا سحابَ الدَّمْع تهمي هتونُهُ | عليه كما كانَتْ تصوبُ يمينَهُ |
وجودا بوبْلِ الدَّمعِ تهمي شؤونُهُ | كما هملَتْ مزَنُ الغيوثِ السواكِبِ |
وقولا لمن شُدَّت إليه نُسوعه | تُؤمِّل منه النصر فيما يروعُهُ |
فيصرِخُه إن ضاقَ بالرَّوع روعُهُ | هو القدرُ المحتومُ حُمَّ وقوعُهُ |
وبدرُ الليالي لا يُرجَّى طلوعُهُ | وقلب المعاني أسلمتْه ضلوعُه |
ونوحا فإنَّ المجدَ أقوَتْ ربوعهُ | وزلزِلَ منه مشمخِرُّ الأهاضبِ |
هصرْتَ ثمار العزِّ طيّبة الجنا | وشيَّدت مثوى الفخْرِ مستحكَمَ البِنا |
وخلَّفت في الأرجاء من ذائِع الثنا | فضائِع لا يغتالُها طارقُ الفنا |
وصيَّرت صعْبَ الشَّرق للغربِ هيناً | وكنت مسرّ اللخلوصِ ومُعلنا |
وما كنتَ إلا البحر والطَّودَ والسَّنا | تضيءُ ضياء الزَّاهرات الثواقِب |
ألهفاً عليها من خلالٍ كريمة ٍ | كروْضِ الرُّبا تفترُّ في أرض ديمة |
ترفُّ جناها عن أصولٍ قديمة ٍ | ودرَّة ِ مجدٍ لا تُقاسُ بقيمة |
تذودُ عن الأحرارِ كل عظيمة | وكم من معالٍ قد حويْت عظيمة |
وما كنْتَ إلا حائزاً كل شيمة ٍ | من الفخْرِ سبَّاقاً لبذل الرَّغائب |
إذا ذكر الحُجَّابُ في كل مشهَدٍ | وأملاكهُمُ في كلِّ هاد ومهتَد |
ومعتمدٍ من بعدهم ومؤَيِّد | وعددت الآثارُ من كل أوحَد |
كما زين نحْرٌ بالفريدِ المقلَّدِ | وكانوا نجوماً في الزمان لِمُهتَد |
فما اختصَّت الأملاكُ مثل محمدٍّ | وما افتخرَتْ طول الزَّمان بحاجِب |
محمَّد أحرزْتَ العلاءَ المكمَّلا | فعُلياكَ قد حطَّتْ سِواكَ وإن علا |
فكنتَ الحيا والبدْرَ جوداً ومُجتلا | وسيفاً طريرَ الحدِّ منتظِمَ الحُلا |
بلغْتَ التي ما فوقَها متمهَّلا | وما بالغ الإطنابُ فيكَ وإن غَلا |
وما نالتِ الأشرافُ ما نلْتَ من عُلا | ولا لك ندٌّ في العلا والمناقِب |
لأبديْتَ في التَّدبير كلَّ عجيبَة | بآراء كهلٍ في ثيابِ شبيبَة |
فأعجزْتَ حُجَّاب العلا بضريبَة | من الله والخلقِ الحميد قريبَة |
ونفسٍ إلى داعي الكمال مجيبَة ِ | تذوبُ حياءً وهي غيرُ مريبة |
وإن خُصَّ منهم ماجِدٌ بنقيبة ٍ | فقد حُزتَ في العليا جميع المناقِب |
كمُلْت فلم تلحَقْ عُلاك النقائصُ | سموت فلم يدرِكْ محلك شاخِصُ |
وحثَّتْ لمغناكَ الرَّحب القلائِصُ | ورُدَّت بك الأهوالُ وهي نواكِص |
فإن شئتَ إخلاصاً فؤادُكَ خالصٌ | ويارة ً ما حازها قطٌّ غائِص |
نمتك إلى المجدِ الأصيلِ خصائِصُ | يقصِّرُ عنها نجلُ زيدٍ وحاجِبِ |
هو البين حتماً لا لعلَّ ولا عسى | وماذا عسى يُغْني الولي وما عسا |
ولو كان يُجدي الحزْنُ وينفعُ الأسى | لما وجدَتْ أنفاسُنا متنفَّسا |
فكم بين من هدَّ البناء وأسَّسا | وليس سواءً أحسنَ الدهْرُ أم أسا |
ظعنَتْ عن الدنيا حميداً مقدَّساً | وسرْتَ بريًّا من ذميمٍ المثالبِ |
كذا البثُّ لا يُشفي بليتَ وعلَّني | أعالج أشجاني إذا الليلُ جنَّني |
وأنهلني وِرْدَ الدُّموع وعلَّني | وما أنا عن حُزني عليك بمنثَني |
فلم يُلهني ما طاب من عيشي الهَني | أقولُ لمن يبغي سلوِّي خلِّني |
فبالله ما دمعي براقٍ وإنني | أكفكِفُ منه كالعهادِ السَّواكبِ |
لبست الرِّضى في بدأة وتتمَّة ٍ | ودافعت عن مولاكَ كلَّ ملمَّة |
كفيت إذا استكفاكَ كلَّ مهمة ٍ | ولم تألُ في صيتٍ بعيدٍ وهمَّة |
وكنتَ أحقَّ المخلصينَ بنعمة ٍ | فقدسْتَ من إلٍّ كريم ورِمّة |
وغمَّضك الرحمنُ منه برحمة ٍ | تبلِّغُك الزُّلفى وأقصى المآربِ |
ترحَّلْت عن ربعٍ علمت غرورَهُ | وفارقْتَ مغناهُ وأخليت دورَه |
ورافقْتَ ولدانَ الجنانِ وحورَهُ | ومن قدَّم الخير استطاب وَجوره |
فضاعفَ في مثواكَ ربُّك نورهُ | ونضرتَهُ لقاكَها وسرورَهُ |
وبوَّأك من أعلى الجنانِ قصورهُ | تحيِّيك فيها مسبلاتُ الذوائبِ |
على مثله ثُكلاً تشيب المفارِقُ | وهل تخطىء المرءَ الخطوبُ الطوارِقُ |
لقد شاقَني منك الحبيبُ المفارِقُ | فقلبي وأجفاني العقيقُ وبارِقُ |
أصبْتُ بذخري منك والدَّهرُ سارقٌ | سأصحَبُ فيك الوجدَ ما ذرَّ شارقُ |
عليك سلامُ الله ما لاحَ بارقٌ | وما سجعت وُرْق الحمام النَّوادبُ |