ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا حدِّثاها فهي أمُّ العجائب | وما حاضِرٌ في وصْفِها مثلَ غائبِ |
ولا تُخْليا منها على خطَرِ السُّرى | سُروجَ المذاكي أو ظُهورَ النجائبِ |
ولا تُغْفلا من وَسْمِها كلّما سرَتْ | صدورُ القوافي أو صدورُ الرَّكائبِ |
وحُطَّ لها بين الحَطيمِ وزمزمِ | رجالا من البُشْرى مِلآء الحقائبِ |
هو الخبَرُ الصِّدقُ الذي وضَحت به | سبيلُ الهُدى بعد الْتباسِ المذاهِب |
وما هي إلا دعْوة ٌ يُوسُفِيَّة ٌ | أثارتْ قَبُول الله ضَرْبة َ لازِب |
سَمَتْ نحو أبوابِ السّماءِ فلم تُرَعْ | بتَشْغِيب بَوّابِ ولا إذْنِ حاجِب |
أيوسُفُ إنّ الدّهرَ أصبح واقِفا | على بابِكَ المأمولِ مَوْقِف تائبِ |
دُعاؤُكَ أمضى من مُهنَّدة الظُّبا | وسَعْدُكَ أقضى من سُعُودِ الكواكِب |
سُيُوفُكَ في أغمادِها مُطمئنَّة ٌ | ولكنّ سيْف الله دامي المضارِبِ |
فَثِق بالذي أرْعاكَ أمرَ عباده | وسلْ فضلَه فالله أكرمُ واهِبِ |
لقد طَوّق الأذفنشَ سعدُكَ خِزْية ً | تجِدُّ على مرِّ العصورِ الذّواهِبِ |
وفَيْتَ وخانَ العهْدَ في غيرِ طائل | وصدَّقَ أطماعَ الظُّنونِ الكواذب |
جرى في مجاري العِزّ غيرَ مقصِّرٍ | وهل نَهَضَ العُجْبُ المُخِلُّ براكِب |
وغالَبَ أمرَ الله جلَّ جلالُه | ولَمْ يَدْرِ أنّ الله أغْلَبُ غالِبِ |
ولله في طيّ الوجودِ كتائبٌ | تَدِقُّ وتخفى عن عُيُونِ الكواكِبِ |
تُغيرُ على الأنفاسِ في كُلِّ ساعة ٍ | وتكْمُنُ حتى في مياهِ المشارب |
أخَذْتَ عليهِ الطُّرْقَ في دارِ طارِقٍ | فما كَفَّ عنه الجيشُ من كَفِّ ناهب |
فصار إلى مَثْوى الإهانَة ِ ذاهبا | وخَلَّفَ عارَ الغدْرِ ليْسَ بذاهِب |
فمِن قارع في قومِه سِنَّ نادِم | ومِنْ لاطِمٍ في خدِّه خَدَّ نادِبِ |
مصائب أشْجَى وقعُها مُهَجَ العِدا | وكمْ نِعَمٍ في طَيّ تلكَ المصائب |
وإن لم يُصِبْ مِنْهُ السِّلاحُ فإنما | أصِيبُ بسَهْم من دُعائكَ صائِب |
ولله من ألْطافِه في عبادِه | خزائنُ ما ضاقَتْ بمَطْلَبِ طالِب |
فمهما غَرَسْتَ الصَّبرَ في تُرْبة ِ الرِّضا | بحُكْمِ القَضَا فلْتجنِ حسْنَ العواقِب |
ولا تُبْعِدِ الأمرَ البعيدَ وقوعُهُ | فإنّ الليالي أمهاتُ العجائِب |
هنيئا بِصُنْعِ قد كفاكَ عظيمُهُ | رُكوب المرامي واخْتيارَ الكواكِب |
ودونكَ فافْتح كلّ ما أبْهَم العِدا | ورُدَّ حُقوقَ الدِّينِ من كُلِّ غاصِب |
وبادرْ عدوَّ الله عند اضْطِرابِهِ | وعاجِلْه بالبيضِ الرِّقاقِ القواضِب |
إذا قيل أرضُ الله إرثُ عبادِهِ | بمُوجِب تقوى أنت أقْرَبُ عاصِب |
ألَسْتَ من القومِ الذين إذا انْتَموْا | نَمَتْهُم إلى الأنصا غُرُّ المناسب |
سماحَة َ إيمانٍ وإشراقَ أوْجُهٍ | وصِحَّة َ أحلام وغُرَّ مناقِب |
إذا أشْرَقَتْ يومَ النّوالِ وجوهُهُم | رأيت البدُورَ في خِلال السَّحائب |
ويا جبَلَ الفتحِ اعتمدْها صنيعة ً | رأينا بها كيف انجلاءُ الغياهب |
إذا ما هباتُ الله كانتْ صحيفة ً | فما هي إلا سَجْدة ٌ في المواهِب |