مالي مقالٌ عنْ فعالكَ يعربُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
مالي مقالٌ عنْ فعالكَ يعربُ | قدْ ضلتِ الأفكارُ مما تغربُ |
بذلاً وَمنعاً فالرجاءُ مخيمٌ | بِذَرَاكَ وَالنَّكَباتُ عَنْكَ تَنَكَّبُ |
وَسُطاً وَصَفْحاً فَالْمَمالِكُ قَدْ عَنَتْ | مِنْ خَوْفِ بَأْسِكَ وَالْجَرَائِمُ تُوهَبُ |
وَتواضعاً سنَّ التواضعَ للورى | مَعَ رُتْبَة ٍ يَنْحَطُّ عَنْها الْكَوْكَبُ |
يا جامعَ الأضدادِ في كسبِ العلا | منْ أينَ لي قلبٌ كقلبكَ قلبُ |
لوْ ميزتكَ سجية ٌ عنْ ضدها | لعلمتُ ما آتي وَما أتجنبُ |
ما سارَ في الأفاقِ ذكرٌ طيبٌ | عمنْ مضى إلاَّ وَذكركَ أطيبُ |
قَعَدوا عَنِ الْغَيْرِ الَّتي ناهَضْتَها | وَاستبعدوا الأمدَ الذي تستقربُ |
فَضَفَتْ عَلَيْكَ مِنَ الثَّناءِ مَلابِسٌ | لمْ يقدروا منها على ما تسحبُ |
نَسَخَتْ فَضائِلُكَ الْفَضائِلَ كُلَّها | إِنَّ الْكَثِيرَ عَلَى الْقَلِيلِ يُغْلّبُ |
فَلْيَعْتَرِفْ لَكَ بِالسَّيادَة ِ أَهْلُهَا | لَزِمَتْ مَلازِمَها وَصَرَّ الْجُنْدَبُ |
لاَ يَدَّعِ الْمَجْدَ الْمُؤَثَّلَ مُدَّعِ | فالمجدُ منْ هذي الخلالِ مركبُ |
فظباكَ مذْ خطبتْ على قممِ العدى | خَطَبَتْ لَكَ الرُّتَبَ الَّتي لا تُخْطَبُ |
فَفَرَعْتَ مِنْهَا كُلَّ مالاَ يُرتَقى | إِنَّ النُّجُومَ قَلائِصٌ ما تُرْكَبُ |
فلذا إذا نسبتْ على ً في مشهدٍ | فإليكَ يا شرفَ المعالي تنسبُ |
بَعُدَ کلْمَدى إِلاَّ عَليْكَ فَما لِمَنْ | يأتمهُ إلاّ النصيبُ المنصبُ |
ما انقادتِ الأملاكُ طوعكَ كلها | حتى استقادَ لكَ الزمانُ الأصعبُ |
لَوْ غَيْرُكَ الْمُبْتَزُّ يَا سَيْفَ الْهُدى | ما كانتِ النخواتُ مما تسلبُ |
تَتَجَنَّبُ الأَحْداثُ ما لاَ تَشْتَهي | وَتَسَارِعُ الأَقْدارُ فِيما تَطْلُبُ |
لَوْ كانَ ذَبُّكَ في الزَّمانِ اللَّذْ مَضى | لَمْ تَفْتَخِرْ بِحِمى كُلَيْبٍ تَغْلِبُ |
أوْ كانَ جُودُ يَدَيْكَ عَاصَرَ حَاتِماً | لَرَأَيْتَهُ مِنْ فِعْلِهِ يَتَعَجَّب |
فطلِ الورى يا منْ لباذخِ فخرهِ | أَلْقَتْ مَفاخِرَها نِزارُ وَيَعْرُبُ |
فَلَئِنْ عَلَوْتَ فَكُلُّ ما أَدْرَكْتَهُ | وَهُوَ التَّناهِي بَعْضُ ما تَسْتَوْجِب |
أضحتْ بعدتها الإمامة ُ هضبة ً | لَيْسَتْ تُرامُ وَرَوْضَة ً لا تُجْدِبُ |
بِأَغَرَّ يَثْنِي الْحادِثاتِ فَتَنْثَنِي | رهباً وَيقتادُ الجبالَ فتصحب |
يَا بَالِغَ الْغَرَضِ الْبَعِيدِ وَدُونَهُ | جَيشٌ يَضِيقُ بِهِ الْفَضاءُ السَّبْسَبُ |
تُغْنِي الْخِلاَفَة ُ ما عُدِدْتَ ظَهيرَهَا | وَالجَيْشُ ما لاَقاكَ حَرْباً رَبْرَبُ |
قَدْ صارَتِ الدُّنْيا بِعَدْلِكَ مَعْقِلاً | هلْ في الورى عادٍ وَأنتَ المرهبُ |
أَنّى وَفي هذِي الْجُفُونِ بَوارِقٌ | ما أَوْمَضَتْ إلاَّ تَجَلّى غَيهَبُ |
وَعلى َ عواملِ ما ركزتَ كواكبٌ | مِمَّا کنْتَصَيْتَ لَها وَخَلَّفَ قَعْضَبُ |
تَجْلُو ظَلاَمَ النَّقْعِ عِنْدَ طُلُوعِها | وَظَلاَمَ أَهْلِ الْبَغْيِ سَاعَة َ تَغْرُبُ |
تَرَكَ الزَّئِيرَ اللَّيْثَ مُذْ أَشْرَعْتَهَا | فَرَقاً كَما تَرَكَ الْهَدِيرَ الْمُصْعَبُ |
بِكَ عَاذَ هذا الدّينُ دُمْتَ نَصِيرَهُ | مما يخافُ وَنالَ ما يترقبُ |
أَنْتَ الْمُظَفَّرُ بالأَعادِي وَالمُنى | إِنْ خِيفَ حَيْفٌ أَو تَعَذَّرَ مَطْلَبُ |
فرقتَ شملَ الخوفِ وَهوَ مجمعٌ | وَجمعتَ شملَ الأمنِ وَهوَ مشعبُ |
مَا زِلْتَ تَبْعَثُ كُلَّ يَوْمٍ نَكْبَة ً | حتى استقامَ لكَ العنودُ الأنكبُ |
فلينتحِ القمقامَ عندَ سكونهِ | مَنْ نَدَّ عَنْهُ وَمَوْجُهُ مُغْلَوْلِبُ |
فَالْعِزُّ أَقْعَسُ وَالْمَجازُ مُساهِمٌ | وَالروضُ أحوى وَالحيا متصوبُ |
غيرُ الذي عاداكَ يظفرُ بالمنى | وَبغيرِ آملكِ الظنونُ تخيبُ |
تسدي الكرامُ مكارماً مبتولة ً | وَلِكُلِّ نَيْلٍ مِنْ يَدَيْكَ مُعَقِّبُ |
فَمِنَ الْعُفَاة ِ مُقَوِّضٌ وَمُطَنِّبٌ | وَمِنَ الثَّنَاءِ مُشَرِّقٌ وَمُغَرِّبُ |
وَلقدْ أجرتَ الخائفينَ وَمالهمْ | في الأْرْضِ عَنْ حُجُراتِ مُلْكِكَ مَذْهَبُ |
وَغمرتهمْ صفحاً يقربُ منهمُ | منْ مالهُ عملٌ إليكَ يقربُ |
حَتى لَقالَ النَّاسُ مِمَّا عَمَّهُمْ | مَا ثَمَّ ذَنْبٌ لِلْعُقُوبَة ِ مُوجِبُ |
فَالعَفْوُ فِيكَ فَضِيلَة ٌ مَكْنُونَة ٌ | حتى يبينَ فضلهُ منْ يذنبُ |
وَأَرَاكَ تَكْرَهُ طَيَّها فِلأجْلِ ذَا | كُلٌّ إِلَيْكَ بِنَشْرِها يَتَقَرَّبُ |
لَتَخِذْتِ إِعْجَازَ الأْنامِ خَلِيقَة ً | فغريبُ ما تأتيهِ لاَ يستغربُ |
وَعممتَ كلَّ العالمينَ بنائلٍ | ما امتازَ فيهِ عنِ البعيدِ الأقربُ |
أنشأتَ منهُ بكلَّ أفقٍ ديمة ً | لسحابها في كلَّ أرضٍ هيدبُ |
فَالْغَيْمُ إِلاَّ مِنْ سَمَائِكَ زِبْرِجٌ | وَالبرقُ إلاَّ منْ سحابكَ خلبُ |
فلتعلُ أرضُ التركِ أنَّ ترابها | مَا حَازَ أَصْلاً فَرْعُهُ لاَ يُنْجِبُ |
وَلقدْ أبنتَ لنا بضربكَ في الطلى | يَوْمَ الْوَغَى في أَيِّ عِرْقٍ تَضْرِبُ |
لِلْمشْرِقِ الأْقْصَى بِبَيْتِكَ مَفْخَرٌ | قَدْ ظَلَّ يَحْسُدُهُ عَلَيْهِ الْمَغْرِبُ |
وَدِمَشْقُ فَهْيَ لهُ الْغَداة َ قَسِيمَة ٌ | إنَّ المعاليَ منْ جواركَ تكسبُ |
لَوْلاَ انْتِقَالُ مُحَمَّدٍ عَنْ قَوْمِهِ | ما شاركتْ في الفخرِ مكة َ يثربُ |
وَبفضلِ قومكَ منْ إبائكَ شاهدٌ | إِنَّ الإْبَاءَ عَنِ الأْبُوَّة ِ يُعْرِبُ |
وَلَوَ انَّهُمْ لَمْ يُشْهَرُوا بِفَضِيلَة ٍ | لآزْدَانَ بِالْفَرْعِ الزَّكيِّ الْمَنْصِبُ |
فَلْيَهْن بَيْتاً أَنْتَ مِنْهُ أَنَّهُ | أَبَداً عَلَى ظَهْرِ السِّمَاكِ مُطَنَّبُ |
فنواظرُ الأفلاكِ شاهدة ٌ لهُ | بالمجدِ وَهوَ عنِ العيونِ محجبُ |
وَإِذَا الْسَّحَابُ رَأَيْتَهُ مُتَراكِماً | فَاحْكُمْ بِأَنَّ الْغَيْثَ فِيهِ صَيِّبُ |
شَغَفَ الْوَرَى حُبّاً فَعَالُكَ كُلُّه | إنَّ الجميلَ إلى النفوسِ محببُ |
تتطلبُ الأهواءَ أفئدة ُ الورى | وعَنِ الْمَناقِبِ مَا تَزالُ تُنَقِّبُ |
فَلْيَطْلُبِ الصَّبَوَاتِ غَيْرُكَ صَاحِباً | ماذا العزوفُ لصبوة ٍ مستصحبُ |
وَلقدْ شغلتَ بمنعِ ثغرٍ طارفٍ | عما دعاكَ إليهِ ثغرٌ أشنبُ |
قلْ للمساعي بعضَ ما تملينهُ | قدْ ملتِ الأقلامُ مما تكتبُ |
يرجوكَ منا خائفٌ وَمؤملٌ | وَمنَ الملوكِ متوجٌ وَمعصبُ |
لاَأَدَّعِي بِالْقَوْلِ فِيكَ فَضِيِلَة ً | باغي مديحكَ رائدٌ لا يتعبُ |
بِكَ عَادَ دَهْرِي ضَاحِكاً مِنْ بَعْدِمَا | ألوى َ بصدرِ العمرِ وَهوَ مقطبُ |
هَلْ غالَني زَمَنٌ وَظِلُّكَ عاصِمي | أوْ فاتني طلبٌ وَأنتَ المطلبُ |
فلأشكرنَّ نداكَ مبلغَ طاقتي | أَنا إِنْ رَجَوْتُ لَهُ جَزَاءً أَشْعَبُ |
أثني عليكَ وَلستُ أبلغُ شأوهُ | معَ أنني في وصفِ مجدكَ مطنبُ |
زينتْ بهذا الملكِ أعيادُ الورى | فبقيتَ ما دامتْ تجيءُ وَ تذهبُ |
للخطبِ تنفيهِ فليسَ بعائدٍ | وَالأْمْرِ تُمْضِيهِ فَلاَ يُتَعَقَّبُ |