أرقدتَ عنْ قلقِ الفؤادِ مشوقهِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أرقدتَ عنْ قلقِ الفؤادِ مشوقهِ | فَأَمَرْتَ بِالسُّلوَانِ غَيْرَ مُطِيقِهِ |
لا تتعبِ اللَّومَ الَّذي أنضيتهُ | فِي كُلِّ مُعْتَدِلِ الْقَوَامِ رَشِيِقِه |
يَحْكِي الْقَضِيبَ إِذَا الصَّبَا مَرَّتْ بِهِ | حَرَكاتُهُ وَيَطُولُهُ بِبُسُوقِهِ |
وَمُمَنْطَقٍ يُغْنِي النَّدِيمَ بِوَجْهِهِ | عَنْ كَأْسِهِ الْمَلأَى وَعَنْ إِبْرِيقِهِ |
فِعْلُ الْمُدَامِ وَلَوْنُها وَمَذَاقُها | فِي مُقْلَتَيْهِ وَوَجْنَتَيْهِ وَرِيقِهِ |
وبنفسيَ الطَّيفُ الملمُّ وإنْ جرى | فِي مَذْهَبِ الإعْرَاضِ عِنْدَ طُرُوقِهِ |
فدنوُّهُ كبعادهِ ووصالهُ الـ | هجرُ الصَّريحُ وبرُّهُ كعقوقهِ |
أبداً أريهِ باطلاً منْ سلوتي | وَأَبُثُّهُ وَلَهي عَلَى تَحْقِيقِهِ |
وجدٌ كوجدِ أبي المظفَّرِ بالنَّدى | كلُّ امريءٍ يصبو إلى معشوقهِ |
لَطَرَقْتَ فِي كَسْبِ الثَّنَاءِ مَحَجَّة ً | أَبْدَعْتَها وَعَدَلْتَ عَنْ مَطْرُوقِهِ |
وَظَهَرْتَ فِي ذَا الْمُلْكِ مَظْهَرَ سِيرَة ٍ | أَفْضى الرَّجَاءُ بِهَا إِلى تَصْدِيقِهِ |
مِثْلَ انْتِهاءِ الشَّمْسِ تَمَّ ضِياؤُها | لا كابتداءِ الصُّبحِ قبلَ شروقهِ |
حازَ السَّعادَة َ مَنْ يُقَسِّمُ عَيْشَهُ | قِسْمَيْنِ بَيْنَ صَبُوحهِ وَغَبُوقِهِ |
مَهْلاً فَضَلْتَ المعْدَ مُنذُ حَوَيْتَهُ | وَفَصَلْتَ بَيْن كذَوبِهِ وَصَدومهِ |
لا فضلَ نائلهِ على مرتادهِ | بلْ فضلَ خالقهِ على مخلوقهِ |
فبعيدُ ما قدْ رمتهُ كقريبهِ | وعلى سواكَ قريبهُ كسحيقهِ |
فَلْيُسْأَلِ الْمالُ الَّذِي لَجَّ الْوَرى | في جمعهِ ولججتَ في تفريقهِ |
ولتسألِ الخيلُ الَّتي ذيدتْ ضحى ً | بالطَّعنِ عنْ سعة ِ المكرِّ وضيقهِ |
عمَّنْ حمى أعقابها ضنَّاً بها | لاَ مَنْ سَلاَ عَنْ سَرْحِهِ وَوُسُوقِهِ |
يا ناصِرَ الدِّينِ الْحَنيِفِ بِعَزْمَة ٍ | صَدَقَتْ فَأَذْعَنَ باطِلٌ بِزُهُوقِهِ |
لَنْ يَأَمَنَ اللَّيَّانَ إِلاَّ صارِمٌ | سلَّ الصَّوارمَ لاقتضاءِ حقوقهِ |
فليحقنِ المستعصمونَ بمنبجٍ | باقي دمٍ متعرِّضٍ لمروقهِ |
فَلَقَدْ رَمَيَيْتَهُمُ بِمَنْ يَغْشى الْوَغى | فَيَرى فِرَاقَ النَّفْسِ دُونَ فَرِيقِهِ |
أَوْ يَنثْنِي بِدَمِ الْكُماة ِ مُخَلَّقاً | مثلَ العروسِ مضمَّخاً بخلوقهِ |
ومهنَّدٍ يمضي غراراهُ إذا | كَلَّ الشَّقيِقُ وَمَلَّ نَصْرَ شَقِيقِهِ |
ومطهَّمٍ يردُ النِّزالَ كأنَّما | يُدعى إلى آريِّهِ وعليقهِ |
ما بالُ واليهمْ يعلِّلُ نفسهُ | حيناً ويخبرُ صبرهُ عنْ موقهِ |
متعرِّضاً لنضالِ منْ هوَ فوقهُ | جهلاً بسهمٍ قدْ خلاَ منْ فوقهِ |
وتعذُّرُ الأبصارِ أوعظُ واعظٍ | لَوْ أَنَّهُ يُهْدى إِلى تَوْفِيقِهِ |
في عارضٍ فيهِ المنايا والمنى | تردي وتحدى قبلَ لمعِ بروقهِ |
يَخْشى الْهِزَبْرُ هُجُومَهُ فِي غابِهِ | أبداً ويرهبهُ العقابُ بنيقهِ |
قدْ كانَ جدُّكَ صالحٌ في أسرِ منْ | مَنَعَ الْمَحِيصَ وَزَادَ فِي تَضْيِيقِهِ |
حتّى إذا ما اللهُ أطلقهُ قضى | بِبِعادِ آسِرِه وَمُلْكِ طَلِيقِهِ |
وَكذَاكَ يَفْعَلُ فِيكَ فَأعْزمْ عَزْمَة ً | تَجْلُو ظَلاَمَ کلإِفْك بَعْدَ غُسُوقِهِ |
كَمْ حَلَّ أَنْطاكِيَّة ً مِنْ مُتْرَفٍ | مُتَشاغِلٍ بِرَحِيقِهِ وَرَقِيقِهِ |
وَأَمامَ قَسْطَنْطِينَة ٍ وَوَرَاءَها | خطبٌ أعينَ جليلهُ بدقيقهِ |
وافى مليكَ الرُّومِ منهُ مانعٌ | عنْ نصرِ دوقسهِ وعنْ بطريقهِ |
وَقَفَ الرَّجاءُ بِهِ عَلَى إِخْفاقِهِ | والخوفُ يلزمُ قلبهُ بخفوقهِ |
لا يأمننَّ الشِّركُ بطشَ غشمشمٍ | يُرْجى لِقَطْعِ فُرُوعِهِ وَعُرُوقِهِ |
وَمِنَ الضَّلاَلِ نِضالُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ | سَفَهاً بِسَهْمٍ قَدْ خَلاَ مِنْ فُوقِهِ |
وليعتصمْ بمملَّكٍ قهرَ العدى | حَتَّى لَدَانَ عَدُوُّهُ لِصَدِيقِهِ |
أغنى عطاؤكَ عنْ ندى ً محرومهُ | أولى بحسنِ الذِّكرِ منْ مرزوقهِ |
جودٌ علوتَ بهِ الملوكَ فما سعوا | يَوْماً إِلَيْهِ وَلاَ اهْتَدَوا لِطَرِيقِهِ |
سبقوا السُّؤالَ وعاذليكَ على اللُّهى | مَنْ ذَا يَرُدُّ السَّهْمَ بَعْدَ مُرُوقِهِ |
أَسْرَفْتَ فِي إِكْثارِهِ وَشَرُفْتَ فِي | إنكارهِ وكرمتَ عنْ تعويقهِ |
فلتعلمِ الآمالُ حقّاً أنَّها | نَزَلَتْ عَلَى مَحْضِ النِّجارِ عَرِيقِهِ |
عقلَ المديحَ نوالهُ فأنفتُ منْ | تَغْرِيبِهِ وَغَنيِتُ عَنْ تَشْرِيقِهِ |
قدْ كنتُ أعرضهُ ولا سوقٌ لهُ | فَالآنَ صِرْتُ أَبِيعُهُ فِي سُوقِهِ |
حلاًّ لأنِّي أشتريهِ بفكرة ٍ | جَوَّالَة ٍ وَأَحِيدُ عَنْ مَسْرُوقِهِ |
فِي كُلِّ مُعْجِزَة ٍ تَكَفَّلَ لِي بِها | فَضْلٌ أَعاذَ الْقَوْلَ مِنْ تَلْفِيقهِ |
حَتَّى قَرَنْتُ بِدُرِّهِ ياقُوتَهُ | وَسِوَايَ يَقْرِنُ دُرَّهُ بِعَقِيقِهِ |
مِنْ بَحْرِ نَصرٍ أَجْتَنِيهِ فَرَائِداً | والحظُّ للعلياءِ في منسوقهِ |
بَحْرٌ يُغاصُ عَلَى الْغِنى فِيهِ فَما | ينجو منَ الإعدامِ غيرُ غريقهِ |