أَمّا الْفِراقُ فَقَدْ عاصَيْتُهُ فَأَبى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَمّا الْفِراقُ فَقَدْ عاصَيْتُهُ فَأَبى | وَطالَتِ الْحَرْبُ إِلاّ أَنَّهُ غَلَبا |
أراني البينُ لما حمَّ عنْ قدرٍ | وَداعنا كلَّ جدًّ قبلهُ لعبا |
أَشْكُو إِلى اللّهِ فَقْدَ السَّيْفِ مُنْصَلِتاً | وَالليثِ مهتصراً وَالغيثِ منسكبا |
وَالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالنَّفْسِ الَّتي بَعُدَتْ | عنِ الدنياتِ وَالصدرِ الذي رحبا |
وَمنْ أعادَ حياتي غضة ً وَيدي | مَلأى وَرَدَّ لِيَ الْعَيْشَ الَّذي ذَهَبا |
قدْ كنتُ أكرعُ كاساتِ الكرى نخبا | وَبَعْدَ بَيْنِكَ لَمْ أَظْفَرْ بِهِ نُغَبا |
وَقدْ أظلنيَ السقمُ المبرحُ بي | فَإِنْ سَلِمْتُ فَما أَدَّيْتُ ما وجَبا |
مااعْتَضْتُ مِنْكَ وَلَوْ مُلِّكْتُ مامَلَكَتْ | يمينُ قارونَ أوْ سكنتُ عرشَ سبا |
أقولُ هذا وَقدْ صيرتَ لي نشبا | لولاكَ لمْ أرَ لي في غيرهِ نسبا |
يَکبْنَ الْمُقَلَّدِ قَدْ قَلَّدْتَني مِنَناً | ماقارَبَ الْحَمْدُ أَدْناها وَلا كَرَبا |
سَأَمْلأ الأرْضَ مِنْ شُكْرٍ يُقارِنُ ما | أَوْلَيْتَني رَضِيَ الشّانِيكَ أَوْ غَضِبا |
فيمنُ جدكَ أفضى بي إلى ملكٍ | ماابْتَزَّهُ الشِّعْرُ إِلاّ هَزَّهُ طَرَباً |
مَحْضِ القَبِيلَيْنِ يُلْفى صالِحاً أَبَداً | في حلبة ِ الفخرِ وَثاباً إذا نسبا |
ولادتانِ لهُ منْ عامرٍ قضتا | أَنْ يَشْرُفَ النّاسَ خالاً فاقَهُمْ وَأَبا |
أغنى وَأقنى وَأدنى ثمَّ أرغبَ في | إنعامه فأفاد العقل والأدبا |
يزيدني كلما أحضرتُ مجلسهُ | فضيلة ً لمْ يدعْ لي غيرها أربا |
لَوْ تَدَّعِي الشَّمْسُ يَوْماً نُورَهُ كُسِفَتْ | وَلوْ جرى النجمُ يبغي شأوهُ لكبا |
شمائلٌ بصنوفِ الفضلِ ناطقة ٌ | وَهمة ٌ قارنتْ بلْ طالتِ الشهبا |
تدنو العلى أبداً منهُ وَإنْ بعدتْ | على سواهُ وَينأى كلما قربا |
في الممحلاتِ غمامٌ لا يقالُ ونى | وَفي الْحُروبِ حُسامٌ لا يُقالُ نَبا |
وَقبلَ قلعتهِ دامتْ ممنعة ً | ما إنْ رأينا سماءً تمطرُ الذهبا |
فَكُلُّ نَوْءٍ بِمِصْرٍ جادَني زَمَناً | فداءُ نوءٍ سقاني الريَّ في حلبا |
أرى المطامعَ ضلتْ وَهيَ رائدتي | قِدْماً وَقَدْ هُدِيَتْ فَاخْتارَتِ السُّحُبا |
يَعِنُّ ذِكْرُكَ أَحْياناً فَيُخْبِرُني | فرطُ الإضاحة ِ عنْ قلبٍ إليكَ صبا |
يصغي لهُ في حديثٍ جاءَ مقتضياً | لَهُ وَيَبْغيهِ إِنْ لَمْ يَأْتِ مُقْتَضِبا |
أثني فيعجبهُ قولي ويكثرُ منْ | سَلامَتي بَعْدَ أَنْ لَمْ فارَقْتُكَ الْعَجَبا |
يامُحْرِزَ الْمَجْدَ مَوْرُوثاً وَمُبْتَدَعاً | وَحائزَ الفضلِ مولوداً وَمكتسبا |
وَكُلُّ ما نِلْتُ مِنْ عِزٍّ وَتَكْرِمَة ٍ | وَثَرْوَة ٍ فَإِلى آلائِكَ انْتَسَبا |
لمْ يعدُ منْ شامَ نصراً عندَ نائبة ٍ | خِيفَتْ بَوائِقُها إِدْراكَ ماطَلَبا |
سللتهُ وَضربتُ النائباتِ بهِ | ما كُلُّ من سلَّ سَيفاً صارماً ضرباً |
فَمَرَّ كَالسَّهْمِ إِسْراعاً لِوِجْهَتِهِ | إِنْ هِيْجَ عَنَّ وَإِنْ سِيلَ الْجَزيلَ حَبا |
بِهِمَّة ٍ لاتُجارَى في اكْتِسابِ عُلى ً | وَعزمة ٍ لا تشكى الأينَ وَالوصبا |
تلقى أعاديهِ منهُ شرَّ منْ لقيتْ | وَيَصْحَبُ الْمَجْدُ مِنْهُ خَيْرَ مَنْ صَحِبا |
وَيُشْبِهُ التُّركَ إِقْداماً وَمَحْمِيَة ً | فَإِنْ دَعاهُ وَفاءٌ عاوَدَ الْعَرَبا |
صاحبتهُ ولداً براً يعينُ على | قَطْعِ الطَّريقِ فَكَانَ الْوالِدَ الْحَدِبا |
تَلاكَ فِيَّ فَأَكْرِمْها مُصاحَبَة ً | تعطي المنى وَتزيلُ الهمَّ وَالتعبا |
يابْنَ الَّذينَ إِذا شَبَّتْ وَغى ً مَلَؤُا | دروعهمْ نجدة ً وَاستفرغوا العيبا |
وَخَوَّفُوا النّاسَ فَارْتاعَتْ مُلُوكُهُمُ | تروعَ السربِ لما عارضَ السربا |
منْ أمَّ مسعاكَ أنضى فكرهُ سفهاً | وَلَسْتَ تَلْقاهُ إِلاّ خائِفاً وَصِبا |
وَقدْ حللتَ بثغرٍ عزَّ ساكنهُ | سددتهُ بسدادٍ صحح اللقبا |
ظافَرْتَ مالِكَهُ دامَتْ سَعادَتُهُ | بمحضِ ودًّ أزالَ الشكَّ وَالريبا |
فأنتما فيهِ سيفا عصمة ٍ وَردى | أمضى منَ المرهفاتِ الباتراتِ شبا |
إنْ طاولا علوا أوْ فاضلا فضلا | أَوْ حارَبا حَرَبا أَوْ خاطَبا خَطَبا |
إِنِّي أَقُولُ وَلَيْسَ الْمَيْنُ مِنْ شِيَمي | إِنِّي شَريكُكَ فِيما عَنَّ أَوْ حَزَبا |
لَمّا اشْتَكَى مُرْشِدٌ أَعْظَمْتُهُ نَبَأً | ذادَ الكرى وَاستثارَ الهمَّ وَالوصبا |
حتى إذا جاءتِ البشرى بصحتهِ | قَضَتْ بِتَسْكينِ قَلْبٍ طالَما وَجَبا |
فَلا بَرِحْتَ وَإِنْ ساءَ الْعِدى أَبَداً | تَلْقى الْخُطُوبَ بِجَدٍّ يَخْرُقُ الْحُجُبا |