مَحْضُ إلاباءِ وَسُؤْدُدُ الآباءِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَحْضُ إلاباءِ وَسُؤْدُدُ الآباءِ | جعلاكَ منفرداً عنِ الأكفاءِ |
وَلقدْ جمعتَ حمية ً وَتقية ً | ثنتا إليك عنان كُلِّ ثناءِ |
يا مَنْ إِذا أَجْرى الأنامُ حَديثَهُ | وصلوا ثناءً طيباً بدعاءِ |
الدَّهْرُ في أَيامِ عِزِّكَ لا کنْقَضَتْ | متعوضٌ منْ ظلمة ٍ بضياءِ |
وَتَحَكُّمُ الأيَّامِ مُنْذُ رَدَعْتَها | عنْ جورها كتحكمِ الأسراءِ |
حُطْتَ الرَّعِيَّة َ بِالرِّعايَة ِ رَأْفَة ً | فاضتْ على القرباءِ وَالبعداءِ |
وَشملتها بالعدلِ إحساناً بها | فجزاكَ عنها اللهُ خيرَ جزاءِ |
عدلٌ كفيتَ بهِ العداءَ يضمهُ | عَزْمٌ أَقامَ قِيامَة َ الأعْداءِ |
عَزْمٌ إذا سَمِعَ الْعَدُوُّ بِذِكْرِهِ | أغنى غناءَ الغارة ِ الشعواءِ |
إنْ صلتَ كنتَ مجبنَ الشجعانِ أوْ | ظافَرْتَ كُنْتَ مُشَجِّعَ الْجُبَناءِ |
وَإِذا مَرَرْتَ عَلَى مَكانٍ مُجْدِبٍ | نابتْ يداكَ لهُ عنِ الأنواءِ |
كمْ أزمة ٍ سوداءَ راعتْ إذْ عرتْ | جليتها بندى يدٍ بيضاءِ |
وَكَتيبَة ٍ شَهْباءَ مِنْ ماذِيِّها | لاقيتها بمنية ٍ دهماءِ |
تَلْقَى الْفَوارِسُ مَنْكَ في رَهْجِ الْوَغى | زَيْدَ الْفَوارِسِ أَوْ أَبا الصَّهْباءِ |
وَ العزُّ لا يبقى لغيرِ معودٍ | أنْ يكشفَ الغماءَ بالغماءِ |
إِنَّ الأئِمَّة َ في اصْطَفائِكَ أُيِّدُوا | بِمُؤَيَّدِ الرّاياتِ وَالآراءِ |
ذي هَمَّة ٍ عَدَويَّة ٍ مارُوِّعَتْ | بِعِدى ً وَلا باتَتْ عَلَى عُدَواءِ |
وَجَدُوكَ في مَنْعِ التُّراثِ وَحِفْظِهِ | أَقْوى الحُماة ِ وَأَوْثَقَ الأمَناءِ |
ما زلتَ مذْ أعلوا مكانكَ مازجاً | صِدْقَ الْوَلاءِ لَهُمْ بِحُسْنِ وَفاءِ |
وَلَقَدْ أَعَدُّوا لِلْخُطُوبِ صَوارِماً | لَيْسُوا وَأَنْتَ إِذا عَدَتْ بِسَواءِ |
تذكى مصابيحُ الظلامِ علالة ً | أبداً وَما يجلوهُ كابنِ ذكاءِ |
لوْ كنتَ قدماً سيفهمْ لمْ يستثرْ | أبناءُ هندٍ منْ بني الزهراءِ |
أَوْ كُنْتَ ناصِرَ حَقِّهِمْ فيما مَضى | ما حَازَهُ ظُلْماً بَنُو الطُّلَقاءِ |
ما غيظُ منْ يبغي محلكَ ضلة ً | إلاَّ كغيظِ ضرائرِ الحسناءِ |
حَسَدٌ كَحَرِّ النّارِ مُنْذُ عَراهُمُ | لا زالَ غصهمُ ببردِ الماءِ |
يابْنَ الألى ما رُشِّحَتْ أَيْمانُهُمْ | إِلاَّ لِبَذْلِ نَدى ً وَعَقْدِ لِواءِ |
نزلوا على حكمِ المروءة ِ وَامتطوا | بِالْبَأْسِ ظَهْرَ الْعِزَّة ِ الْقَعْساءِ |
أَمْواتُهُمْ بِالذِّكْرِ كالأَحْياءِ | وَلحيهمْ فضلٌ على الأحياءِ |
ولاكَ حمدانُ الفخارَ بأسرهِ | وَأجلهُ لبني أبي الهيجاءِ |
الْفائضينَ عَلَى الْعُفاة ِ مَواهِباً | وَالناهضينَ بباهظِ الأعباءِ |
سكنَ القصورَ العزُّ منذُ حضرتمُ | وَبِكُمْ قَديماً حَلَّ في الْبَيْداءِ |
وَعَلَوْتُمُ حَتَّى لَقالَ عَدُوُّكُمْ | أَمُلُوكُ أَرْضٍ أَمْ نُجُومُ سَماءِ |
فلتفخرْ بكمُ ربيعة ُ بلْ بنو | عَدْنانَ طُرًّا بَلْ بَنُو حَوَّاءِ |
أَيْديكُمُ مَشْكُورَة ُ الآلاءِ | وَوُجُوهُكُمْ مَشْهُورَة ُ اللأْلاءِ |
وَأَرى مُشَبِّهَكُمْ بِأَهْلِ زَمانِكُمْ | كَمُشَبِّهِ الإصْباحِ بِالإمْساءِ |
وَلأنتَ في الرؤساءِ غيرُ مطاولٍ | وَكذلكَ ابنكَ في بني الرؤساءِ |
أَخَذَ الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَحاسِنِ صَفْوَها | عَفْواً وَما أَبْقى سِوى الأقْذاءِ |
عَمْري لَقَدْ كُبِتَ الْحَسُودُ بِوُصْلَة ٍ | تَصِلُ الرَّفاءَ بِصالِحِ الأبْناءِ |
وَاجتابَ منْ خلعِ الخلافة ِ كلَّ ما | تقذي سناهُ نواظرَ النظراءِ |
فَلْيَعْلُ أَبْناءُ الْمُلُوكِ كَما حَوى | أَسْنى الْحِباءِ وَعُدَّ في الأحْياءِ |
وَمَلابِسُ الْخُلَفاءِ لائِقَة ٌ بِمَنْ | أضحى أبوهُ ناصرَ الخلفاءِ |
إِنْ حازَ أَقْطارَ السَّعادَة ِ فهو مَنْ | نَمَّتْ عَلَيْهِ مَخايِلُ السُّعَداءِ |
وَتحدثتْ تلكَ الشمائلُ أنهُ | عَيْنُ الزَّمانِ بِأَلْسُنٍ فُصَحاءِ |
فَأثْنِ الْمَلامَة َ في فِراقٍ بالِغٍ | بِأَبي عليٍّ أَشْرَفَ الْعَلْياءِ |
ـدَاني وَلا الدّاني حَياة َ النّائِي | لمؤمليهِ أكرمُ الوزراءِ |
لنْ تحسبَ الضراءُ ضراءً إذا | أفضتْ بصاحبها إلى السراءِ |
فاجعلهُ مثلَ الشمسِ ينفعُ وقعها | وَضياؤها وَمكانها متنائي |
للعزَّ سارَ محمدٌ عنْ أهلهِ | ثمَّ استعانَ بنصرة ِ الغرباءِ |
إِنْ كانَ عَنْ عَيْنَيْكَ غابَ فَلَمْ تَغِبْ | أَنْباءُ مَنْ يَأْتي مِنَ الأبناءِ |
لا يجحدنكها الحسودُ تجاهلاً | فالصبحُ لا يخفي على البصراءِ |
إِنَّ الْمَحامِدَ في الْمَحافِلِ رُتْبَة ٌ | ما حرمتْ إلاّ على البخلاءِ |
فَتَمَلَّ مِنْ وَشْي الْقَرِيضِ مَلابِساً | طَرَّزْتَها بِجَلاَلَة ٍ وَعَلاءِ |
لَوْ كانَ لِلْعَرَبِ الْقَدِيمَة ِ مِثْلُها | لَمْ تَحْمَدْ الْمَصْنُوعَ في صَنْعاءِ |
إنِّي عَقَلْتُ رَكائِبي وَوَسائِلي | في حَضْرَة ٍ مَسْكُونَة ِ الأفْناءِ |
مأهولة ِ الأرجاءِ بالنعمِ التي | ما كدرتْ بالمنَّ وَ الإرجاءِ |
شفعتُ مواهبها الجسامُ بعزة ٍ | كفلتْ بإعدائي على أعدائي |
أبقية َ البيتَ الرفيعِ بناؤهُ | لازِلْتَ تِرْبَ عُلى ً حَلِيفَ بَقاءِ |
مستمتعاً بالمأثراتِ ممتعاً | أُذُنَ السَّمِيعِ بِها وَعَيْنَ الرّائي |
إِنّا لَنَدْعُو بِالبَقاءِ لِتَسْلَما | أبداً وَلا ندعو بقربِ لقاءِ |
فَرَقاً لَعَمْرُكَ أَنْ يُفارِقَ عاصِماً | بِالْبَأْسِ مَعْصُوماً مِنَ الْفَحْشاءِ |
حكمٌ بغيرِ تحاملٍ وَحراسة ٌ | حمتِ الهدى وَتقى ً بغيرِ رياءِ |
هذا الْوَرى فَضْلاً عَنِ الأمَراءِ | |
إِنّا أَمِنّا السُّوءَمُنْذُوَلِيتَنا | فَوَقَتْكَ أنْفُسُنا مِنَ الأسْواءِ |
وَهناكَ ذا العيدُ الذي حسنتهُ | وَبَقِيتَ مَخْصُوصاً بِكُلِّ هَناءِ |
مستعلياً بمناقبٍ مسموعة ٍ | مِنْ أَلْسُنِ الْخُطَباءِ والشُّعَراءِ |