أتَعْرِفُ رَسْماً كاطِّرَادِ المَذاهبِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أتَعْرِفُ رَسْماً كاطِّرَادِ المَذاهبِ | لعمرة وحشاً غير موقف راكب |
ديارَ التي كادتْ ـ ونحنُ على مِنًى ـ | تَحُلُّ بنا، لولا نَجاءُ الرَّكائبِ |
تبدت لنا كالشمس تحت غمامة | بَدا حاجبٌ منها وضَنّتْ بحاجبِ |
ولم أرها إلا ثلاثاً على منى | وعَهْدي بها عَذْراءَ ذاتَ ذَوائبِ |
ومِثْلِكِ قد أصْبَيْتُ ليستْ بكَنّة ٍ | ولا جارة ٍ ولا حَلِيلة ِ صاحبِ |
دعَوْتُ بني عَوْفٍ لحَقْنِ دمائهمْ | فلمّا أبَوْا سامحْتُ في حَرْبِ حاطبِ |
وكُنْتُ امْرءاً لا أبْعثُ الحَرْبَ ظالماً | فلمّا أبَوْا أشْعَلْتُها كُلَّ جانبِ |
أربت بدفع الحرب حتى رأيتها | عن الدفع لا تزداد غير تقارب |
فإذْ لم يَكُنْ عَنْ غاية ِ الموْتِ مَدْفعٌ | فأهْلاً بها إذْ لم تَزَلْ في المَرَاحبِ |
فلما رأيت الحرب حرباً تجردت | لبست مع البردين ثوب المحارب |
مُضَاعَفَة ً يَغْشَى الأناملَ فَضْلُها | كأنَّ قَتيرَيْها عُيُونُ الجنادبِ |
أتت عصبم الكاهنين ومالك | وَثَعْلَبَة َ الأثْرِينَ رَهْطِ ابن غالبِ |
رجال متى يدعوا إلى الموت يرقلوا | إليه كإرْقالِ الجِمَالِ المَصَاعِبِ |
إذا فزعوا مدوا إلى الليل صارخاً | كَمَوْجِ الأتيّ المُزْبِدِ المُتراكِبِ |
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تَهْوي كأنّها | تذرع خرصان بأيدي الشواطب |
صَبَحْنا بها الآطامَ حَوْلَ مُزاحِمٍ | قَوَانِسُ أُولى بَيْضِنا كالكَواكبِ |
لَوَانّكَ تُلْقي حنظلاً فوق بَيْضِنا | تَدَحْرَجَ عَنْ ذي سامِهِ المُتقارِبِ |
إذا ما فررنا كان أسوا فررانا | صدود الخدود وازورار المناكب |
صدود الخدود والقنا متشاجر | ولا تبرح الأقدام عند التضارب |
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها | خطانا إى أعدائنا فنضاربِ |
أُجالِدُهُمْ يَوْمَ الحَدِيقة ِ حاسِراً | كأنَّ يدي بالسّيفِ مخراقُ لاعبِ |
وَيَوْمَ بُعاثٍ أسْلَمَتْنا سُيُوفُنا | إلى نَسَبٍ في جِذْمِ غَسّانَ ثاقِبِ |
يعرَّينْ بيضاً حينَ نلقى عدونَّا | ويغمدن حمراً ناحلاتِ المضاربِ |
أطاعَتْ بَنُو عَوْفٍ أميراً نهاهُمُ | عَنِ السِّلْمِ حتى كان أوَّلَ واجبِ |
أويتُ لعوفٍ إذْ تقولُ نساؤهم | وَيَرْمِينَ دَفْعاً: لَيْتَنا لم نُحارِبِ |
صَبَحْناهُمُ شَهْباءَ يَبْرُقُ بَيْضُها | تبينُ خلاخيلَ النسّاء الهواربِ |
أصابت سراة ً مِ الأغرّ سيوفنا | وغُودِرَ أولادُ الإماءِ الحَواطِبِ |
ومنّا الذي آلى ثلاثين ليلة ً | عنِ الخمرِ حتى زاركمْ بالكتائبِ |
رضيتُ لهمْ إذْ لا يريمون قعرها | إلى عازبِ الأموالِ إلا بصاحبِ |
فَلَوْلا ذُرى الآطامِ قد تَعْلَمونَهُ | وتركُ الفضا، شوركتمُ في الكواعبِ |
فلم تمنعوا منّا مكاناً نريدهُ | لَكُمْ مُحْرِزاً إلا ظُهُورَ المشارِبِ |
فهلاَّ لَدَى الحَرْبِ العَوَانِ صَبَرْتمُ | لوقعتنا، والبأسُ صعبُ المراكبِ |
ظَأرْناكُمُ بالبِيضِ حتى لأنْتُمُ | أذَلُّ مِنَ السُّقْبانِ بَينَ الحلائبِ |
ولمّا هَبَطْنا الحَرْثَ قال أميرُنا: | حرامٌ علينا الخمرُ ما لم نضاربِ |
فسامحهُ منّا رجالٌ أعزَّة ٌ | فما بَرِحُوا حتى أُحِلّتْ لِشارِبِ |
فَليْتَ سُوَيْداً راءَ مَن جُرَّ مِنْكُمُ | ومَن فَرَّ إذْ يحْدُونَهُمْ كالجلائبِ |
فَأُبْنا إلى أبْنائنا ونِسائنا | وما مَنْ تَرَكْنا في بُعاثٍ بآئبِ |
وغُيّبْتُ عَن يَوْمٍ كَنَتْني عشيرتي | ويومُ بُعاثٍ كان يَوْمَ التّغالُبِ |