تزمُّ غداً للظاعنينَ الركائبُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تزمُّ غداً للظاعنينَ الركائبُ | فتحدى وتخدي بالنجاءِ النجائبُ |
ويُوحشُ مَغْنى الحَيِّ غِبَّ ارتحالِهِمْ | كما أوحشتْ بعدَ العقودِ التّرائبُ |
وتَبقى الأثافي كـالحمائـمِ رُكّداً | نأتْ دونَها الأوكارُ فهْيَ غَرائبُ |
أو الكبدُ الحَرَّى يقطِّعُ جُرمَهـا | ثلاثة َ أجزاءٍ جوى ً متراكبُ |
ستعطفُ قوس النوى فدى مثلها | وللوجدِ في قَلـبي سِهـامٌ صَوائبُ |
وتكتمُ أطلالَ الدِّيارِ مِـنَ النّوى | نوائبُ تفشي سرهنَّ النواعبُ |
وتبكي على ما فاتَ من بردِ ظلِّـها | شَوادٍ سَخيناتُ العيونِ نَوادبُ |
كما ادَّرعتْ زِيّ الحـداد ثواكـلٌ | تلوت على اعناقهنَّ الذوائبُ |
وربَّ نهارٍ للفراقِ أصيله | ووَجْهـي، كلا لونيهِـما متناسبُ |
فدَمعي وشَخصي والمَـطيُّ مُقطّـرٌ | وقلبي وقرصُ الشمسِ والهمُّ واجب |
ظلِلتُ بـه أُحصي كواكبَ أدمُعي | وفي مثلِ ذاكَ اليومِ تُحصى الكواكبُ |
فمَن عاذِري مِن غـائبٍ وخيالُه | إذا خاطَ جفني النومُ أو غابَ آيبُ |
تدرَّعَ سربـالَ الدُّجى وكأنّما | على وجنته رونقُ الصبح ذائبٌ |
ولم يكُ يرعاهُ سوى أخواته | عنيتُ دَراري النُّجومِ مُراقب |
فما زلتُ منهُ واصلاً وهْوَ هـاجرٌ | وغازلتُ منهُ حـاضراً وهـو غائِبُ |
له اللهُ من طيفٍ يزورُ وبينهُ | وبيني رمالٌ جمة ٌ وسباسب |
فللِكُدْرِ في أَطرافهِنَّ مشاربٌ | وللعُفْرِ في أَكنافهِنَّ مسَارب |
هو البدرُ تهديهِ الكواكب نحونا | كما البدرُ تهدينا إليهِ الغياهبٌ |
يُنزَّهُني في رَقدتي وهو وافِدٌ | ويوحِشُني في يَقظّتي وهْوَ ذاهِبُ |
فإِن سُدَّ منه مِنخرٌ جاشَ منخرٌ | وإن سرَّ منهُ جانبٌ ساءَ جانب |
كما غرَّ بالنارِ الكذوب وميضها | عيونَ البرايا خلبٌ أو حباحبُ |
كذلكَ دأبُ الدهرِ لم يصفُ موردٌ | منَ العيشِ إلا كدرتهُ شوائبُ |
قضى جائراً حتى اشرأبت مناسمٌ | إلى حيثُ شاءت واطمأنت غوارب |
وصادَ العقابَ الصعوُ فاقتاتَ شلوهُ | وصالَ على أسدِ العَرينِ الثّعالب |
وعندكَ ممّا أنشأتهُ خَواطِري | غرائـبُ فيها للرواة ِ رَغائب |
فطوراً بها في السّلم تُجلى عرائسٌ | وطوراً بها في الحربِ تُزجى كَتائب |
وإن امراً عطشانَ وافاكَ شائماً | حياكَ لمدلولٌ على الماءِ قارب |