يا مُوقدَ النّار بالهِنْديّ والغارِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا مُوقدَ النّار بالهِنْديّ والغارِ | هَيّجتَ لي حَزَناً يَا مُوقِدَ النّارِ |
بينَ الرّصافة ِ والمَيدانِ أرقُبُها | شُبّت لغانية ِ بيْضاءَ مِعطارِ |
هَاجَتْ ليَ الرّيحُ مِنْها نَفحَ رائِحة ٍ | أحيت عظامي وهَاجَتْ طولَ تَذكاري |
يا فوزُ! أنْتِ التي جَشّمتِني رَقصاً | يبري المَهاري بتَرحالٍ وتسيارِ |
غِبتُمْ وَغِبْنَا فَلَمّا كانَ أوبُكُمُ | أبنا فنحنُ وأنتمْ رَهنُ أسفارِ |
وما أرى اثنين حَالَ النّاسُ بينهما | مثلي ومثلكِ في جَهدٍ وإضرارِ |
تَشكو الفِراقَ ويشكوهُ وما اجتمعا | يوماً ولا افْتَرقا إلاّ بِمقدارِ |
وما يرى في وصالِ اثنينِ قد شُغِفا | مَا لَمْ يَميلا إلى الفَحْشاء، من عارِ |
إذَا تَعَمّدْتُكُمْ جاوزتُ بابَكُمُ | كيْ لا تكونوا لإقبالي وإدباري |
أخبّرُ النّاس أني قد سلوتكمُ | والله يَعلمُ ما مكنونُ إضماري |
ما تَطعَمُ النومَ عيني من تذكّرِكُمْ | فما أنامُ إذا ما نام سُمّاري |
أخلُو إذا هجَعَ النُّوَّامُ كلُّهُمُ | فَمَا أُسامِرُ إلاّ عامِرَ الدَّارِ |
لكُلّ جفنٍ على خدّي على حدة ٍ | طريقة ٌ دمعها مُستَوكفٌ جارِ |
استمطِرُ العَينَ لا تفنى مدامعُها | كأنّ يَنبوعَ بحرٍ بينَ أشفاري |
ليتَ المَهذّبَ عبدَ اللّه خالصتي | ومن لدَيهِ مِن الإخوانِ حُضّاري |
مِنْهُم حُمَيدٌ وَدَاودٌ وَصَاحِبُهُ | و الأخْنَسيّ وبشرٌ وابنُ سيّارِ |
قَومٌ هُمُ خَنْدَقُوا لي في قُلوبِهِمُ | على الحصونِ فأخْلَوْهَا لأسْراري |
مَن كانَ لَمْ يَرَ مَشغُوفاً بَرَاهُ هوى ً | فَلْيَأتِني يَرَ نِضواً عَظمُه عار |
ينسَلُّ عنّي قمِيصي مِن ضَنى جَسدي | ولَوْ شدَدتُ على الجِلْبابِ أزراري |
ما يَنقَضي عجبي من جَهلِ حاسدة ٍ | كانَتْ بذي الأثل من خدني وأنصاري |
سَمّتْ ولِيدَتَها فَوزاً مُغَايَظة ً | عذرتُ لوْ لطمَتني ذاتُ إسوارِ |
وما يَزالُ نِساءٌ مِن قرابتها | مِن كلّ ناحية ٍ يَهتِكنَ أسْتاري |
وقَدْ صَبَرتُ على قَومٍ مُنيتُ بِهم | وما تَكَلّمتُ إلا بعد إعذارِ |
أنَا وعَمُّكِ مِثْلُ المُهرِ يَمنَعُهُ | مِن قُوتِه مَربِضُ المستأسدِ الضاري |
لَوْ كُنتَ يا عَمها حَرّانَ سَرَّكَ أن | تحيَا بإظماء إيرادٍ وإصْدارِ |
فما أخو سفَرٍ فب البيد مُرْتَهَنٍ | قَدْ كانَ في رُفَقٍ شتّى لأمصارِ |
أخطَا الطَّريقَ وأفنَى الزادَ وانقطعَتْ | عَنْهُ المَناهِلُ في تَيهاء مِقفارِ |
يّدعو بصوتَ شجيّ لا أنيسَله | قد غابَ عنه أنيسُ الأهلِ والجارِ |
لَوْ جُرّعَ الماءَ لاسْتَطْفَاهُ مَوقِعُه | من الحشى من لَظّى فيهِ وتَسعارِ |
حتى تبيّنَ أنْ لا دلْوَ حاضِرة ٌ | ولا رِشاءٌ ولا عَهدٌ لآثارِ |
دَلّى عِمامتَه حتّى إذا انقشَعَتْ | غَمامة ُ الماء عَنْ عَذبٍ ومَوّارِ |
أهوى يُقلّبها في الماء مُغتبطاً | يَكُرُّها فيهِ طوراً بعدَ أطوارِ |
حَتّى إذا هُوَ روّاهَا وأخرَجَها | وقالَ قَد نلتُ يُسراً بعدَ إعسار |
وجرّها صَوّبَتْ في البئرِ راجعة | ً واستبَلَتْ نفسُه الدّنيا بإكشارِ |
يوماً بأجهدَ منّي حينَ تَمنعُني | لغيرِ جُرمٍ لُبَاناتي وأوطاري |