بأيّ نعيّ صبحتنا الركائب
بأيّ نعيّ صبحتنا الركائب | وفي أيِّ عِلْقٍ حاربتنا النوائبُ |
أحقاً فتى الفتيان سلم للردى | وأسلمه جيرانه والأقاربُ |
بكتْه سيوفُ الهندِ ملءَ جفونها | وَسُمْرُ العوالي والعِتاقُ الشوازب |
وأصبحت العلياء غفلاً كأنها | رسوم محتهن الصبا والجنائبُ |
وما راعنا إلا الوفود وقد يجلت | ضمائرَهُمْ تلك الدموعُ السواكب |
إذا سئلوا عن آل داوود أعولوا | |
كما أعولت ورق الحمام النوادبُ | |
فمن نبأ تسود منه قلوبنا | |
وَمِنْ حَدَثٍ تبيضُّ منه الذوائب | |
أغارت على الشمّ المغاوير منهم | |
رعالُ جيوشٍ للردى وَمَقَانب | |
فلم يُغنِ جُردٌ في الأعنّة ِ شُهِّرَت | |
ولم تُجْدِ بيضٌ في الأكفِّ قواضب | |
ويا لمضائ المشرفية دونهم | |
لو کن المنايا إذ سرَينَ كتائب | |
لئن كان يُذرَى الدمعُ حزناً ولوعة ً | |
لقد آن أن تذرى الدموع السواربُِ | |
لمسفر صبح دونه الموت سافر | |
وحاجبِ شمسٍ دونها الثكلُ حاجب | |
وهضبة ِ حلمٍ منْ شمارخها النُّهى | |
وزهرة مجد من رباها المناقب | |
تضمَّن منه القبرُ حَلْيَ شبيبة ٍ | يُخَيِّلُ لي أنَّ الترابَ ترائب |
فواحزنا أَلا أُشَاهِدَ مجلساً | تُشَاهِدُهُ أخلاقُهُ والضَّرائب |
ويا أسفا الاّ أطيقَ ابتسامة ً | إذا خطبت للهمّ حولي غياهب |
لئن أمست الولدان شيباً لموته | |
فكم شبّ في أحوى حماه الأشايب | |
وإن صَفِرَتْ منه يدُ المجدِ والعلا | |
فكم ملئت من راحتيه الحقائب | |
يقول أناس لو تعزّيت بعده | فكلُّ عزاءٍ في مصابك عازِبُ |
و والله ما طرفي عليك بجامد | وهل تجمد العينان والقلب ذائب |
ولا لغليل البرح بعدك ناضح | ولو نشأتْ بين الضلوعِ سحائب |
رويد الليالي كم تهمّ بضيمنا | وتطرقنا منها هموم نواصب |
نُسالمُ هذا الدهرَ وهو محاربٌ | ونطمَع في إعتابِه وهو عاتب |
تُسَاقُ أَبيّاتُ النفوسِ ذليلة | إليه وتنقاد القروم المصاعبُ |
لئن غلب الليث الهصور وشبله | |
فما لهما يوماً سوى الله غالبُ | |
هو القدر المحتوم إن جاء مقدماً | |
فلا الغاب محروس ولا الليث واثبُ | |
وكائن طلبنا العيش صفواً جمامه | |
فلم تخلُ منْ رَنْقِ الخطوبِ المشارب | |
وَمَنْ يَبْلُ أنفاسَ الورى ونفوَسهُمْ | |
يَجِدْهَا ديوناً تَقْتَضيها النوائب | |
وما تفتر الأيام تطلبنا بها | |
فيُدْرَكُ مطلوبٌ وَيظفَرُ طالب | |
وما الناس إلا خائضوغمرة الردى | |
فطاف على ظهر التراب وراسب | |
أبا حَسنٍ طال الحجابُ ولم يكنْ | |
يعوق رجائي عن لقائك حاجبُ | |
أبا حَسنٍ قد آب كلُّ مودِّعٍ | |
فمَن ضامنٌ للمجدِ أنكَ آيب | |
أنبكيكَ أم نبكي أباك لِغارة ٍ | |
تشن ، لقد ضاقت علينا المذاهب | |
تزلزل من طود الكهولة باذخ | |
وأُخمدَ من نورِ الشبيبة ِ ثَاقِبُ | |
وصوح أصل المعلوات وفرعها | |
وقد يتبع الأصل الفروع الأطايبُ | |
بأيِّ اتّفاقٍ والحياة ُ بمائها | |
وأي اتفاق بعد والعيش ناضبُ | |
نوائب لم يقنعنا منكم بواحد | |
وواحدُكُمْ عن مَشْهَد الكلِّ نائب | |
فليت العلا إذ جف منهن جانب | |
تَبَقّى على عَهْدِ الغَضارة ِ جانب | |
وليتَ بحارَ الجوادِ إذ غاض ماؤها | |
تدومُ لنا تلكَ العِهاد الصَّوائب | |
فيا عجباً للسّيدين طوتهُما | |
معاً حادثات كلهن عجائبُ | |
أكانا على وعد من الموت صادق | |
فخانهما وعدٌ من العيش كاذب | |
عزاءً بني داودَ إنَّ قلوبكم | |
صوارم تفري الحزن منها مضارب | |
فمن يصدع الخطب الملم صفاته | |
فعَزْمُكُم المشهورُ للصّدْعِ شاعب | |
وكيف بهذا الموتِ إنْ كانَ صَبَرُكُمْ | |
وفيه لباناتٌ لكم ومآرب | |
وكم مَشْرَعٍ حامتْ عليه نفوسُكُمْ | |
ولا ماءَ إلاَّ المُرْهَفَاتُ القواضب | |
وما زلتُم في الرَّوْعِ مُعْتنقي القَنَا | |
كما اعتنقت يوم الوداع الحبائبُ | |
بقيتم ومحذور الردى متنصل | |
ومعتذرٌ ممّا جَنَاهُ وتائب | |
ولا زال روح الله يسري لأعظم | |
تغاير في سقي ثراه السحائبُ |