همٌّ سرى في أضلعي وسرى بي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
همٌّ سرى في أضلعي وسرى بي | فالبرق سوطي والظلام ركابي |
لأَكلِّفنَّ الليلَ عَزْماً طالعاً | في كلّ مظلمة طلوع شهابِ |
ولأعنينَّ الدهر أن يصمَ المنى | ولو کنّني أَنضبتُ ماء شبابي |
بالهولِ أركبُهُ بكلِّ دُجُنَّة ٍ | والسيرِ أُعملُهُ بكلِّ يباب |
من مبلغ الزهراء أنّي راتع | منهتا بروض أزاهر الآداب |
ومخبّر البلقاء أن خطيبها | ظفرت يدي من سجعه بخطاب |
مهلاً أبا بكر فكلُّ مُسوَّمٍ | نازَعْتَهُ طَلَقَ الأعنّة ِ كابي |
قسماً لهاتيك المحاسن أفصحت | بمثالب الشعراء والكتاب |
يبني لك المجد المؤثَّلَ أخرسٌ | بَهَرَتْ فصاحتُهُ ذوي الألباب |
قلم تمشي في طروسك فانبرت | مثل الرياض وأيمها المنسابِ |
جاءت حلاها واضحات كلها | فكأنهن مباسم الأحبابِ |
من كل محكمة كأن شذورها | حلي الترائب من دمى ً أتراب |
تركت حلاوة ُ لفظها إذ نوزعتْ | أَكوابُها كالصَّابِ لفظَ الصابي |
تردُ العيونُ عيونَها في مُهْرَقٍ | رقمت به ورد القطا الأسرابِ |
فكأنما ألّفن من حدق المها | أو من ثنيات لهن عذابِ |
أو من صفاء مودة أدبية | أغنت غناء تلاحم الأنسابِ |
لبّيْكَ داعيَها واني ضامنٌ | الّ تزال وثيقة الأسبابِ |
ناديتَ أسرعَ مَنْ يجيبُ لدعوة ٍ | محمودة فأجبت خير مجابِ |
أن نشترك في الودّ إنا - والعلا | جرض - لمشتركان في الأوصابِ |
إيهٍ دموعَكَ للفضائلِ أقلعتْ | والمجدُ صار إلى حصى ً وتراب |
ولتبك من جزع فإن بكاءنا | لمصارع الأحلام والأحسابِ |
أفَلَتْ نجومُ العلم لا لتعاقبٍ | ومضت وفودُ الحلم لا لإياب |
قد خلت والأيام تنتهب العلا | بنوائب ما حدّهن بنابِ |
وا رحمتا للمجد أقوى ربعه | من ماجد محض النجار لبابِ |
من ذي يد حبت الزمان أيادياً | مُلِئَتْ بهنّ حَقائبُ الأحقاب |
فضفاضُ درعِ الحمد مُشتَمِلٌ بها | |
عفُّ الضمائر طاهرُ الأثواب | |
ولاَّجُ أبوابِ الأمورِ برأيهِ | طلاَّعُ أنجادٍ لها وهضاب |
عِلقٌ أطال من الليالي فَقْدُهُ | فلبست ليلاً سابغ الجلبابِ |
متململاً أصِلُ الدموعَ بمثلها | صلة العهاد ربابها بربابِ |
أردى شبينته الرّدى ومن المنى | لو يفتديها شرخ كلّ شبابِ |
سلبَتْه دنياهُ ثيابَ حياتِهِ | فلتعصبنّ عليه ثوب سلابِ |
ولينكصن الصبر بعد وفاته | من كل مصطبر ، على الآعقاب |
أنى خبت تلك العزائم ريثما | لم يخلُ منْ ضَرمٍ ومن إلهاب |
أمست كنانة بعدهنّ كنانة | مهجورة ً صَفِرَتْ من النُّشَّاب |
وتضعضعتْ أركانُها لِحُلاحِلٍ | قد كان منها في ذُرى الأهضاب |
وتكوّرت شمس العلاء وأطفئت | سرج العلوم وأنور الآدابِ |
واربدَّ وجهُ الحكمِ لما أن رأى | ذاك السّنا متوارياً بحجابِ |
ولرب طبّ بالزمان أهاب بي | وبه من الرزءِ المبرِّح ما بي |
أأخي أن الدهر يعجب صرفه | من طول دأبكَ في البكاءِ ودابي |
لا تصلحُ العبراتُ إلاّ لامرىء ٍ | لم يدرِ أنَّ العيشَ لمعُ سَرَاب |
إنْ تَبْكِهِ فمنَ الوفاءِ بكاؤهُ | لكن ثواب الصبر خير ثوابِ |
وُقُصَارُ أعيننا دموعٌ وكّفٌ | وقصارُه طُوبى وحسن مآب |