عَرَفَ الدِّيَارَ تَوَهُّماً فاعْتَادَهَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عَرَفَ الدِّيَارَ تَوَهُّماً فاعْتَادَهَا | من بعدِ ما درسَ البلى أبلادها |
إلا رواسيَ كلهنَّ قد اصطلى | جمراً واشعلَ أهلها إيقادها |
بِشُبَيْكَة ِ الحَوَرِ الّتِي غَرْبِيّهَا | فَقَدَتْ رسومُ حِيَاضِهَا وُرَّادَها |
كانَتْ رواحِلَ للقُدُورِ فَعُرِّيَتْ | منهنَّ واستلبَ الزمانُ رمادها |
وتنكرتْ كلَّ التنكرِ بعدنا | وَالأَرْضُ تَعْرِفُ بَعْلَهَا وَجَمَادَهَا |
وَلَرُبَّ وَاضِحَة ِ الجَبِيْنِ خَرِيدَة ٌ | بَيْضاءُ قَدْ ضَرَبَتْ بِهَا أَوْتَادَهَا |
تصطادُ بهجتها المعللَ بالصبا | عُرُضاً فَتُقْصِدُهُ وَلَنْ يَصْطَادَهَا |
كالظبية ِ البكرِ الفريدة ِ ترتعي | من أرضها قفاتها وعهادها |
خضبتْ بها عقدُ البراقِ جبينها | مِنْ عَرْكِهَا عَلَجَانَهَا وَعَرَادَهَا |
كَالزَّيْنِ فِي وَجْهِ العَرُوسِ تَبَذَّلَتْ | بَعْدَ الحَيَاءِ فَلاَعَبَتْ أَرْآَدَهَا |
تُزْجِي أَغَنَّ كَأَنَّ إبْرَة َ رَوْقِهِ | قلمٌ أصابَ منَ الدواة ِ مدادها |
ركبتْ بهِ منْ عالجٍ متحيراً | قَفْراً تُرَبِّبُ وَحْشُهَا أَوْلاَدَهَا |
فَتَرَى مَحَانِيهِ الَّتِي تَسِقُ الثَّرَى | والهبرُ يونقُ نبتها روادها |
بمجرِّ مرتجزِ الرواعدِ بعجتْ | غرُّ السحابِ بهِ الثقالُ مزادها |
بَانَتْ سُعَادٌ وَأَخْلَفَتْ مِيْعَادَهَا | وَتَبَاعَدَتْ عَنَّا لِتَمْنَعَ زَادَهَا |
إنِّي إذَا مَا لَمْ تَصِلْنِي خُلَّتِي | وَتَبَاعَدَتْ عَنِّي اغْتَفَرْتُ بِعَادَهَا |
وَإذَا القَرِيْنَة ُ لَمْ تَزَلْ فِي نَجْدَة ٍ | مِنْ ضِغْنِهَا سَئِمَ القَرِيْنُ قِيَادَهَا |
إمَّا تَرَى شَيْبِي تَفَشَّغَ لِمَّتِي | حتى علا وضحٌ يلوحُ سوادها |
فلقدْ ثنيتُ يدَ الفتاة ِ وسادة ً | لي جاعلاً يسرى يديَّ وسادها |
وَلَقَدْ أَصَبْتُ مِنَ المَعِيشَة ِ لَذَّة ً | ولقيتُ منْ شظفِ الخطوبِ شدادها |
وَعَمِرْتُ حَتَّى لَسْتُ أَسْأَلُ عَالِماً | عنْ حرفِ واحدة ٍ لكيْ أزدادها |
وأصاحبُ الجيشَ العرمرمَ فارساً | فِي الخَيْلِ أَشْهَدُ كَرَّهَا وَطِرَادَهَا |
وَقَصِيدَة ٍ قَدْ بِتُّ أَجْمَعُ بَيْنَهَا | حتى أقومَ ميلها وسنادها |
نظرَ المثقفُ في كعوبِ قناتهِ | حتى يقيمَ ثقافهُ منآدها |
فَسَتَرْتُ عَيْبَ مَعِيْشَتِي بِتَكَرُّمٍ | وأتيتُ في سعة ِ النعيمِ سدادها |
وعلمتُ حتى ما أسائلُ عالماً | عنْ علمِ واحدة ٍ لكيْ أزدادها |
صَلَّى الإِلهُ عَلَى امْرِىء ٍ وَدَّعْتُهُ | وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ وَزَادَهَا |
وإذا الربيعُ تتابعتْ أنواؤهُ | فَسَقَى خُنَاصِرَة َ الأَحَصِّ فَجَادَهَا |
نزلَ الوليدُ بها فكانَ لأهلها | غَيْثاً أَغَاثَ أَنِيْسَهَا وَبِلاَدَهَا |
وَلَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ إذْ وَلاَّكَهَا | مِنْ أُمِّة ٍ إصْلاَحَهَا وَرَشَادَهَا |
وَعَمِرْتَ أَرْضَ الْمُسْلِمِيْنَ فَأَقْبَلَتْ | وَنَفَيْتَ عَنْهَا مَنْ يُرِيْدُ فَسَادَهَا |
وأصبتَ في بلدِ العدوِّ مصيبة ً | بَلَغَتْ أَقَاصِيَ غَوْرِهَا وَنِجَادَهَا |
ظفراً ونصراً ما تناولَ مثلهُ | أَحَدٌ مِنَ الخُلَفَاءِ كَانَ أَرَادَهَا |
وإذا نشرتَ لهُ الثناءَ وجدتهُ | جَمَعَ المَكَارِمَ طُرْفَهَا وَتِلاْدَهَا |
أو ماترى أنَّ البرية َ كلها | أَلْقَتْ خَزَائِمَهَا إلَيْهِ فَقَادَهَا |
غَلَبَ المَسَامِيحَ الوَلِيدُ سَمَاحَة ً | وكفى قريشَ المعضلاتِ وسادها |
تأتيهِ أسلابُ الأعزة ِ عنوة ً | قَسْراً وَيَجْمَعُ لِلْحُرُوْبِ عِتَادَهَا |
وَإذَا رَأَى نَارَ العَدُوِّ تَضَرَّمَتْ | سامى جماعة َ أهلها فاقتادها |
بعرمرمٍ - تبدو الروابي - ذي وعى | كَالْحِرَّة ِ احْتَمَلَ الضُّحَى أَطْوَادَهَا |
أَطْفَأْتَ نَاراً لِلْحُرُوبِ وَأُوْقِدَتْ | نَارٌ قَدَحْتَ بِرَاحَتَيْكَ زِنَادَهَا |
فبدت بصيرتها لمنْ يبغي الهدى | وَأَصَابَ حَرُّ شَدِيْدِهَا حُسَّادَهَا |
وَإذَا غَدَا يَوماً بِنَفْحَة ِ نَائِلٍ | عرضتْ لهُ الغدَ مثلها فأعادها |
وإذا عدتْ خيلٌ تبادرُ غاية ً | فالسابقُ الجالي يقودُ جيادها |