ولا أنت، فاشْكُرْهُ يُثِبْكَ مُثِيبُألا طَرَقَتْ بعدَ العِشاءِ جَنُوبُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ولا أنت، فاشْكُرْهُ يُثِبْكَ مُثِيبُألا طَرَقَتْ بعدَ العِشاءِ جَنُوبُ | وذلك منها- إن عجبتَ- عجيبُ.. |
تسدَّتْ ومرٌّ دوننا وأراكُهُ | ودورانُ أمسى دونها ونقيبُ |
ونحنُ ببطحاءِ الحجونِ كأنّنا | مِرَاضٌ لَهُمْ وَسْطَ الرّحالِ نَحِيبُ |
فحيّتْ نِياماً لم يَرُدُّوا تحيّة ً | إليها، وفي بعضِ اللِّمام شغوبُ |
لقد طَرَقَتْنَا في التَّنائي وإنّها | على القُرْبِ عِلْمي للسُّرى لهيُوبُ |
أُحِبّكِ ما حَنّتْ بغَوْرِ تهامَة ٍ | إلى البوِّ مقلاتُ النِّتاجِ سلوبُ |
وما سجعَتْ في بطنِ وادٍ حمامة ٌ | يجاوبُها صاتُ العَشِيِّ طَرُوبُ |
وإني ليثنيني الحياءُ فأنثني | وأَقعُدُ والمَمْشَى إليكِ قريبُ |
وآتي بيوتاً حَوْلَكُمْ لا أُحِبّها | وأُكثرُ هجرَ البيتِ وهوَ جنيبُ |
وأُغْضِي على أشيَاءَ منكِ تَريبُني | وأُدْعَى إلى ما نَابَكُمْ فأُجِيبُ |
وما زلتُ مِنْ ذِكْرَاكِ حتَّى كأنَّني | أميمٌ بأكنافِ الدّيارِ سليبُ |
وحتَّى كأَنّي من جَوَى الحُبِّ منكُمُ | سليبٌ بصحراءِ البريحِ غريبُ |
أبُثّكِ ما أَلقى وفي النَّفْسِ حَاجَة ٌ | لها بين جلدي والعظامِ دبيبُ |
أراكمْ إذا ما زرتُكمْ- وزيارتي | قليلٌ ـ يُرَى فيكم إليَّ قُطوبُ |
أبِيني أتعويلٌ علينا بما أَرَى | مِنَ الحبِّ أَمْ عندي إليك ذنوبُ |
أبِيني: فإمّا مُسْتَحِيرٌ بِعِلّة ٍ | عَلَيَّ، وإمَّا مُذْنِبٌ فأتوبُ |
حلفتُ وما بالصّدقِ عيبٌ على امرىء ٍ | يَرَاهُ، وبعضُ الحالفينَ كذوبُ |
بربِّ المطايا السّابحاتِ وما بنتْ | قريشٌ وأهدتْ غافقٌ وتُجيبُ |
وملقى الولايا منْ منى ً حيثُ حلَّقَتْ | إيادٌ وحلَّتْ غامدٌ وعتيبُ |
يمينَ امرئٍ لم يغشَ فيها أثيمة ً | صَدوقٌ وَفَوْقَ الحالِفينَ رَقيبُ |
لَنِعْمَ أبو الأضيافِ يَغْشَوْنَ نَارَهُ | وملقى رحال العيسِ وهيَ لغوبُ |
ومختبَطُ الجادي إذا ما تتابعتْ | على النَّاسِ مثنى قرَّة ٍ وجُدوبُ |
وحامي ذمارِ القوم في ما ينوبُهم | إذا ما اعترَتْ بعد الخطوبِ خُطُوبُ |
على كلّ حالٍ إنْ ألمّتْ مُلِمّة ٌ | بنا عُمَرٌ، والنَّائِباتُ تَنُوبُ |
فتى ً صمتُهُ حلمٌ، وفصلٌ مقالهُ | وفي البأسِ محمودُ الثَّناءِ صليبُ |
خطيبٌ إذا ما قال يوماً بحكمة ٍ | من القولِ مغشيُّ الرّواقِ مهيبُ |
كثيرُ النَّدى يأتي النَّدى حيثما أتى | وإنْ غابَ غابَ العُرْفُ حيثُ يَغِيبُ |
كريمُ كرام لا يُرى في ذوي النَّدى | لهُ في النَّدى والمأثراتِ ضريبُ |
أبيٌّ أبى أن يعرفَ الضيمَ غالبٌ | لأعدائه، شَهْمُ الفؤادِ أريبُ |
يُقلِّبُ عينيْ أزرقٍ فوقَ مرقبٍ | يفاعٍ لهُ دونَ السَّماءِ لصوبُ |
غدا في غداة ٍ قرَّة ٍ فانتحتْ لهُ | على إثر وُرّادِ الحمامِ جنوبُ |
جنى لأبي حفصٍ ذرى المجدِ والدٌ | بنى دونهُ للبانيينِ صعوبُ |
فهذا على بنيانِ هذينِ يبتني | بناهُ وكلٌّ منجبٌ ونجيبُ |
وجدٌّ أبيه قَدْ يُنافي على البُنا | بناهَ، وكلٌّ شبَّ وهو أديبُ |
فأنتَ على منهاجهمْ تقتدي بهم | أَمامَك ما سَدّوا وأنتَ عقيبُ |
فأصبحتَ تحذو من أبيكَ كم حذا | أبوكَ أباهُ فعلَهُ فتُصيبُ |
وأمسيتَ قلباً نابتاً في أرُومة ٍ | كما في الأُرومِ النّابتاتِ قلوبُ |
أبوكَ أبو العاصي فمن أنت جاعلٌ | إليهِ، وبعضُ الوالدينِ نجيبُ |
وأنتَ المنقّى مِنْ هنا ثمَّ مِنْ هُنا | ومِنْ هاهُنا والسَّعدُ حينَ تؤوبُ |
أقمتَ بهلكى مالكٍ حينَ عضَّهمْ | زمانٌ يعُرُّ الواجدينَ عصيبُ |
وأنت المُرَجَّى ، والمُفَدَّى ، لِهَالِكٍ | وأَنْتَ حَلِيمٌ نافعٌ وَمُصِيبُ |
وَلِيتَ فلم تُغْفِلْ صديقاً، ولم تَدَعْ | رَفيقاً، ولم يُحْرَمْ لديكَ غريبُ |
وأَحييتَ مَنْ قَدْ كان مَوَّتَ مالَهُ | فإن مُتَّ مَنْ يُدْعى له فيجيبُ |
نصبتَ لسوراتِ العلا فاحتويتَها | وأنت لسوراتِ العلاء كسوبُ |
وما الناسُ أعطوكَ الخلافة والنُّقى | ولا أنت، فاشْكُرْهُ يُثِبْكَ مُثِيبُ |
ولكنّما أَعطاكَ ذلكَ عالمٌ | بما فيكَ معطٍ للجزيلِ وهوبُ |