يَا دَارَ مَيَّة َ لَمْ يَتْرُكْ لَنَا عَلَماً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يَا دَارَ مَيَّة َ لَمْ يَتْرُكْ لَنَا عَلَماً | تَقَادُمُ الْعَهْدِ وَالْهُوجُ الْمَرَاوِيدُ |
سقياً لأهلكِ منْ حيٍّ تقسمهمْ | رَيْبُ الْمَنُونِ وَطِيَّاتٌ عَبَادِيدُ |
يا صاحبيَّ انظرا، آواكما درجٌ | عَالٍ وَظِلٌّ مِنَ الْفِرْدَوْسِ مَمْدُودُ |
هلْ تبصرانِ حمولاً بعدما اشتملتْ | مِنْ دُونِهِنَّ حِبَالُ الأَشْيَمِ القُودُ |
عَوَاسِفَ الرَّمْلِ يَسْتَقْفِي تَوَالِيَهَا | مُسْتَبْشِرٌ بِفِرَاقِ الْحَيّ غِرّيدُ |
ألقى عصيَّ النَّوى عنهنَّ ذو زهرٍ | وَحْفٌ عَلَى أَلْسُنِ الرُّوَّادِ مَحْمُودُ |
حَتَّى وَجَفَتْ بُهْمَى لِوَى لَبَنٍ | وابيضَّ بعدَ سوادِ الخضرة ِ العودُ |
وغادرَ الفرخُ في المثوى تريكتهُ | وحانَ منْ حذارِ البينِ مورودُ |
أَقُولُ لِلرَّكْبِ لَمَّا أَعْرَصَتْ أُصُلاً | أُدْمَانَة ٌ لَم تُرَبِّيْهَا الأَجَالِيدُ |
ظلَّتْ حذاراً على مطلنفئٍ خرقٍ | تبدي لنا شخصها والقلبُ مزؤودُ |
هذَا مَشَابِهُ مِن خَرْقَآءَ نَعْرِفُهَا | العينُ واللَّونُ والكشحانِ والجيدُ |
إِنَّ الْعَرَاق لأَهْلِي لَم يَكُنْ وَطَناً | والبابُ دونَ أبي غسَّانَ مشدودُ |
إِذَا الْهُمُومُ حَمَاكَ النَّوْمَ طَارِقُهَا | وحانَ منْ ضيفها همٌّ وتسهيدُ |
فانمِ القتودِ على عيرانة ٍ حرجٍ | مهريَّة ٍ مخطتها غرسها العيدُ |
نَظَّارَة ٍ حِينَ تَعْلُو الشمْسُ رَاكِبَهَا | طرحاً بعيني لياحٍ فيهِ تجديدُ |
ثبْجَاءَ مُجفَرَة ٍ سَطْعَاءَ مُفْرِعَة ٍ | في خلقها منْ وراءِ الرَّحلِ تنضيدُ |
مَوَّارَة ِ الضَّبْعِ مِسْكَاتٍ إِذَا رُحِلَتْ | تهوي انسلالاً إذا ما اغبرَّتْ البيدُ |
كأنَّها أغبريٌّ بالفروقِ لهُ | عَلَى جَوَاذِبَ كَالأَدْرَاكِ تَغْرِيدُ |
منَ العراقيَّة ِ اللاَّتي يحيلُ لها | بَيْنَ الْفَلاَة ِ وَبَيْنَ النَّخْلِ أُخدُودُ |
تربَّعتْ جانبي رهبى فمعقلة ٍ | حَتَّى تَرَقَّصَ فِيَ الآلِ الْقَرَادِيدُ |
تَسْتَنُّ أَعْدَآءَ قُرْيَانٍ تَسَنَّمَهَا | غرُّ الغمامِ ومرتجَّاتهُ السُّودُ |
حتَّى كأنَّ رياضَ القفِّ ألبسها | مِنْ وَشْيِ عَبْقَرَ تَجْلِيلٌ وَتَنْجِيدُ |
حتَّى إذا ما استقلَّ النَّجمُ في غلسٍ | وأحصدَ البقلُ أو ملوٍ ومحصودُ |
وظلَّ للأعيسِ المزجي نواهضهُ | فِي نَفْنَفِ اللُّوحِ تَصْوِيبٌ وَتصْعِيدُ |
رَاحَتْ يُقَحِّمُهَا ذُو أَزْمَلٍ وَسَقَتْ | لهُ الفرائشُ والسُّلبُ القياديدُ |
أَدْنَى تَقَاذُفِهِ التّقْرِيبُ أَوْ خَبَبٌ | كَمَا تَدَهْدَى مِنَ الْعَرِضِ الْجَلاَمِيدُ |
ما زلتُ مذْ فارقتْ ميٌّ لطيَّتها | يعتادني منْ هواها بعدها عيدُ |
كانَّني نازعٌ يثنيهِ عنْ وطنٍ | صرعانِ: رائحة ٌ عقلٌ وتقييدُ |