أأنْ ترسَّمتَ من خرقاءَ منزلة ً
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أأنْ ترسَّمتَ من خرقاءَ منزلة ً | ماءُ الصَّبابة ِ منْ عينيكَ مسجومُ |
كَأَنَّهَا بَعْدَ أَحْوَالٍ مَضَيْنَ لَهَا | بِالأَشْيَمَيْنِ يَمَانٍ فِيهِ تَسْهِيمُ |
أودى بها كلَّ عرّاصٍ ألثَّ بها | وَجَافِلٌ مِنْ عَجَاجِ الصَّيْفِ مَهْجُومُ |
ودمنة ً هيَّجتْ شوقي معالمُها | كَأَنَّهَا بِالْهِدَمْلاَتِ الرَّوَاسِيمُ |
منازلُ الحيِّ إذ لا الدارُ نازحة ٌ | بِالأَصْفِيَآءِ وَإذْ الْعَيْشُ مَذْمُومُ |
كَادَتْ بِهَا الْعَيْنُ تَنْبُو ثُمَّ ثَبَّتَهَا | مَعَارِفُ الدَّارِ والْجُونُ الْيحَامِيمُ |
هل حبلُ خرقاءَ بعدَ الهجرِ مرمومُ | مَخَافَة َ الرَّمي حَتَّى كُلُّهَا هِيمُ |
أَمْ نَازِحُ الْوَصْلِ مِخْلاَفٌ بِشِيْمَتِهِ | لونانِ منقطعٌ منهُ فمصرومُ |
لاَ غَيْرَ أَنَّا كَأَنَّا مِنْ تَذَكُّرِهَا | وطولِ ما قدْ نأتنا نُزَّعٌ هيمُ |
تعتادني زفراتٌ حينَ أذكرها | تَكَادُ تَنْفَضُّ مِنْهُنَّ الْحَيَازِيمُ |
كأنَّني من هوى خرقاءَ مطَّرفٌ | دَامي الأَظَلِّ بَعِيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ |
دانى له القيدُ في ديمومة ٍ قذفٍ | قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عَنْهُ الأَنَاعِيمُ |
هامَ الفؤادُ لذكراها وخامرهُ | منها على عدواءِ الدّارِ تسقيمُ |
فَمَا أَقُولُ ارْعَوَى إِلاَّ تَهَيَّضَهُ | حظٌّ له من خبالِ الشَّوقِ مقسومُ |
كأنَّها أمُّ ساجي الطَّرفِ أخدرها | مُسْتَودَعٌ خَمَرَ الْوَعْسَآءِ مَرْخُومُ |
تَنْفي الطَّوَارِفَ عَنْهُ دِعْصَتَا بَقَرٍ | وَيَافِعٌ مِنْ فِرِنْدَادَيْنِ مَلْمُومُ |
كأنَّهُ بالضُّحى ترمي الصَّعيدَ به | دبّابة ٌ في عظامِ الرَّأسِ خرطومُ |
لاَيَنْعَشُ الطَّرْفَ إلاَّ مَا تَخَوَّنَهُ | داعٍ يناديهِ باسم الماءِ مبغومُ |
كَأَنَّهُ دُمْلُجٌ مِنْ فِضَّة ٍ نَبَهٌ | في ملعبٍ منْ عذارى الحيِّ مفصومُ |
أَوْ مُزْنَة ٌ فَارِقٌ يَجْلُو غَوَارِبَهَا | تبوُّحُ البرقِ والظَّلماءُ علجومُ |
تلْكَ الَّتِي أَشْبَهَتْ خَرْقَآءَ جَلْوَتُهَا | يَوْمَ النَّقَا بَهْجَة ٌ مِنْهَا وَتَطْهِيمُ |
تَثْنِي النِّقَابَ عَلَى عِرْنِيْنِ أَرْنَبَة ٍ | شمّاءَ مارنُها بالمسكِ مرثومُ |
كَأَنَّمَا خَالَطَتْ فَاهَا إِذَا وَسِنَتْ | بعدَ الرُّقادِ فما ضمَّ الخياشيمُ |
مهطولة ٌ منْ خزامى الخُرجِ هيَّجها | مِنْ نَفْحِ سَارِيَة ٍ لَوْثَآءَ تَهْمِيمُ |
أَوْ نَفْحَة ٌ مِنْ أَعَالي حَنْوَة ٍ مَعَجَتْ | فيها الصَّبا موهناً والروضُ مرهومُ |
حَوَّآءُ قَرْحَآءُ أَشْرَاطِيَّة ٌ وَكَفَتْ | فيها الذِّهابُ وحفَّتْها البراعيمُ |
تِلْكَ الَّتِي تَيَّمَتْ قَلْبِي فَصَارَ لَهَا | منْ ودِّهِ ظاهرٌ بادٍ ومكتومُ |
قدْ أعسِفُ النازحَ المجهولَ معسفُهُ | في ظِلِّ أَغْضَفَ يَدْعُو هَامَهُ الْبُومُ |
بِالصُّهْبِ نَاصِبَة ِ الأَعْنَاقِ قَدْ خَشَعَتْ | مِنْ طُولِ مَا وَجَفَتْ أَشْرَافُهَا الْكُومُ |
مهريَّة ٌ رُجَّفٌ تحتَ الرِّحالِ إذا | شَجَّ الْفَلاَ مِنْ نَجَآءِ الْقَوْمِ تَصْمِيمُ |
تَنْجُو إِذَا جَعَلَتْ تَدْمَى أَخِشَّتُهَا | واعْتَمَّ بِالزَّبَدِ الْجَعْدِ الْخَرَاطِيمُ |
قَدْ يَتْرُكُ الأَرْحَبِيُّ الْوَهْمُ أَرْكُبَهَا | كَأَنَّ غَارِبَهُ يَأْفُوخ مَأْمُومُ |
بينَ الرَّجا والرَّجا من جيبِ واصية ٍ | يهماءَ خابطُها بالخوفِ معكومُ |
لِلْجِنِّ بِاللَّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلٌ | كما تناوَحَ يومَ الرّيحِ عيشومُ |
هَنَّا وَهِنَّا وَمِنْ لَهُنَّ بِهَا | ذَاتَ الشَّمَائِلِ والأَيْمَانِ هَيْنُومُ |
دوِّيَّة ٌ ودُجا ليلٍ كأنَّهما | يَمٌّ تَرَاطَنَ في حَافَاتِهِ الرُّومُ |
يُجلى بها اللَّيلُ عنّا في مُلمِّعة ٍ | مِثْلِ الأَدِيمِ لَهَا مِنْ هَبْوَة ٍ نِيمُ |
كأنَّنا والقنانَ القودَ يحملُنا | موجُ الفراتِ إذا التجَّ الدَّياميمُ |
والآلُ منفهقٌ عنْ كلِّ طامسة ٍ | قرواءَ طائقُها بالآل محزومُ |
كأنَّهنَّ ذرا هديٍ مجوَّبة ٍ | عنها الجلالُ إذا ابيضَّ الأياديمُ |
والرَّكْبُ تَعْلُو بِهْمِ صُهْبٌ يَمَانِيَة ٌ | فَيْفاً عَلَيْهِ لِذَيْلِ الرِّيحِ نِمْنِيمُ |
كأنَّ أدمانها والشمسُ جانحة ٌ | وَدْعٌ بِأَرْجَآئِهَا فَضٌّ وَمَنْظُومُ |
يُضْحِي بِهَا الأَرْقَشُ الْجَوْنُ الْقَرَا غَرِداً | كَأَنَّهُ زَجِلُ الأَوْتَارِ مَخْطُومُ |
من الطَّنابيرِ يزهى صوتهُ ثملٌ | في لحنهِ عنْ لغاتِ العُربِ تعجيمُ |
مُعرَورياً رمضَ الرَّضراضِ يركضهُ | والشمسُ حيرى لها بالجوِّ تدويم |
كَأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ | إذا تجاوَبَ منْ بُرديهِ ترنيمُ |
زُعْ بِالزِّمَامِ وَجَوْزُ اللَّيْلِ مَرْكُومُ | |
كَأَنَّهُ بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْلِ سَاهِمَة ٍ | حرفٍ إذا ما استرقَّ اللَّيلُ مأمومُ |
ترمي بهِ القفرَ بعدَ القفرِ ناجية ٌ | هوجاءُ راكبُها وسنانُ مسمومُ |
هَيْهَاتَ خَرْقَآءُ إِلاَّ أَنْ يُقَرِّبَهَا | ذُو الَعَرْشِ وَالشَّعْشَعَانَاتُ الْعَيَاهِيمُ |
هلْ تُدنينَّكَ منْ خرقاءَ ناجية ٌ | بَيْنَ الأَشَآءِ تَعَلاَّهُ الْعَلاَجِيمُ |
كأنَّ أجلادَ حاذيها وقدْ لحقتْ | أَحْشَآؤُهَا مِنْ هَيَامِ الرَّمْلِ مَطْمُومُ |
كأنّما عينُها منها وقدْ ضمرتْ | |
يَسْتَرْجِفُ الصِّدْقُ لِحْيَيْهَا إِذَا جَعَلَتْ | أواسطُ الميسِ تغشاها المقاديمُ |
مهريَّة ٌ بازلٌ سيرُ المطيِّ بها | عَشِيَّة َ الخِمْسِ بِالْمَوْمَاة ِ مَزْمُومُ |
إذ قعقعَ القربُ البصباصُ ألحيها | واسترجفتْ هامها الهيمُ الشَّغاميمُ |
يُصبحنَ ينهضنَ في عطفي شمردلة ٍ | كأنَّها أسفعُ الخدَّينِ موشومُ |
طَاوِي الْحَشَا قَصَرَتْ عَنْهُ مُحَرَّجَة ٌ | مستوفضٌ منْ بناتِ القفرِ مشهومُ |
ذو سُفعة ٍ كشهابِ القذفِ منصلتٌ | يَطفْو إِذَا مَا تَلَقَّتْهُ الْجَرَاثِيمُ |
أَوْ مُخْطَفُ الْبَطْنِ لاحَتْهُ نَحَائِصُهُ | بِالْقُنَّتَيْنِ كِلاَ لِتَيْهِ مَكْدُومُ |
حادي مخطَّطة ٍ قمرٍ يسيِّرُها | بِالصَّيْفِ مِنْ ذِرْوَة ِ الصَّمَّانِ خَيْشُومُ |
جَادَ الرَّبِيعُ لَهُ رَوْضَ الْقِذَافِ إِلى َ | قوَّينَ وانعدلتْ عنهُ الأصاريمُ |
حتَّى كسا كلَّ مرتادٍ لهُ خضلٌ | مستحلسٌ مثلُ عُرضِ اللَّيلِ يحمومُ |
وَحْفٌ كَأَنَّ النَّدَى وَالشَّمسُ مَاتِعَة ٌ | إذا توقَّدَ في أفنانهِ التّومُ |
ما آنستْ عينهُ عيناً يُفزِّعهُ | مُذْ جَادَهُ الْمُكْفَهِرَّاتُ اللَّهَامِيمُ |
حتَّى انجلى البردُ عنهُ وهوَ محتقرٌ | عرضَ اللِّوى زلقُ المتنينِ مدمومُ |
ترميهِ بالمورِ مهيافٌ يمانية ٌ | هَوْجَاءُ فِيهَا لِبَاقي الرُّطْبِ تَجْرِيمُ |
مَا ظَلَّ مُذْ وَجَفَتْ في كُلِّ ظَاهِرَة ٍ | بِالأَشْعَثِ الْوَرْدِ إِلاَّ وَهْوَ مَهْمُومُ |
لمّا تعالتْ من البُهمى ذوائبها | واحْتَثَّهَا السَّيْرُ ـ فِى بَعْضِ الأَضَا ـ مِيمُ |
حَتَّى إِذَا لَمْ يَجِدْ وَغْلاً وَنَجْنَجَهَا | مخافة َ الرَّميِ كلُّها هيمُ |
ظلَّتْ تفالى وظلَّ الجأبُ مكتئباً | كأنَّهُ عنْ سرارِ الأرضِ محجومُ |
حَتَّى إِذَا حَانَ مِنْ خُضْرٍ قَوَادِمُهُ | ذي جُدَّتينِ يكُفُّ الطَّرفَ تغييمُ |
خلَّى لها سربَ أولاها وهيَّجها | مِنْ خَلْفِهَا لاَحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ |
رَاحَتْ يَشُجُّ بِهَا الآكَامَ مُنْصَلِتاً | فالصُّمُّ تُجرحُ والكذّانُ محطومُ |
فما انجلى اللَّيلُ حتَّى بيَّتتْ غلَلاً | بينَ الأشاءِ تغشّاهُ العلاجيمُ |
وَقَدْ تَهَيَّأ رَامٍ عَنْ شَمَائِلِهَا | مُجَرَّبٌ مِنْ بَني جِلاَّنُ مَعْلُومُ |
كَأَنَّهُ حِيْنَ تَدْنُو وِرْدَهَا طَمَعاً | بِالصَّيْدِ مِنْ خَشْيَة ِ الإِخْطَآءِ مَحْمُومُ |
إذا توجَّسَ قرعاً منْ سنابكها | أَوْ كَانَ صَاحِبَ أَرْضٍ أَوْ بِهِ الْمُومُ |
جتَّى إذا اختلطتْ بالماءِ أكرُعها | أهوى لها طامعٌ بالصيدِ محرومُ |
وَفي الشِّمَالِ مِنَ الشَّرْيَانِ مُطْمِعَة ٌ | كبداءُ في عودِها عطفٌ وتقويمُ |
يؤودُ منْ متنها متنٌ ويجذبُهُ | كأنَّهُ في نياطِ القوسِ حلقومُ |
فَبَوَّأَ الرَّمْيَ فِي نَزْعٍ فَحُمَّ لَهَا | مِنْ نَاشِبَاتِ أَخي جِلاَّنَ تَسْلِيمُ |
فانصاعتِ الحقبُ لم تقصعْ صرائرَها | وَقَدْ نَشَحْنَ فَلاَ رِيٌّ وَلاَ هِيمُ |
وَبَاتَ يَلْهَفُ مِمَّا قَدْ أُصِيبَ بِهِ | والْحُقْبُ تَرْفَضُّ مِنْهُنَّ الأَضَامِيمُ |