تَصَابَيْتُ فِي أَطْلاَلِ مَيَّة َ بَعْدَمَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَصَابَيْتُ فِي أَطْلاَلِ مَيَّة َ بَعْدَمَا | نبا نبوة ً بالعينِ عنها دثورُها |
بوهبينَ أجلى الحيُّ عنها وراوحتْ | بِهَا بَعْدَ شَرْقي الرِّيَاحِ دَبُورُهَا |
وأنواءُ أحوالٍ تباعٍ ثلاثة ٍ | بها كان ممّا يستحيرُ مطيرُها |
عفتْ عرصاتٌ حولها وهيَ سُفعة ٌ | لِتَهْيِيجِ أَشْوَاقٍ بَوَاقٍ سُطُورُهَا |
ظَلِلْنَا نَعُوجُ الْعِيسَ فِي عَرَصَاتِهَا | وقُوفاً وتستنعي بنا فنصورُها |
فما زالَ عن نفسي هلاعٌ مراجعٌ | منَ الشَّوقِ حتى كادَ يبدو ضميرُها |
عشيَّة َ لولا لحيتي لتهتَّكتْ | مِنَ الْوَجْدِ عَنْ أَسْرَارِ قَلْبِي سُتُورُهَا |
فما ثنيُ نفسي عنْ هواها فإنَّهُ | طَوِيلٌ عَلَى آَثَارِ مَيٍّ زَفِيرُهَا |
خليليَّ أدَّى اللهُ خيراً إليكُما | إذا قُسمتْ بينَ العبادِ أجورُها |
بميٍّ إذا أدلجتُما فاطرُدا الكرى | وَإِنْ كَانَ آلَى أَهْلُهَا لاَ أَطُورُهَا |
يقرُّ بعيني أن أراني وصُحبتي | نُقِيمُ الْمَطَايَا نَحْوَهَا وَنُجِيرُهَا |
أقولُ لردفي والهوى مشرفٌ بنا | غداة َ دعا أجمالَ ميّ مصيرُها |
ألا هلْ ترى أظعانَ ميّ كأنَّها | ذُرَى أَثْأَبٍ رَاشَ الْغُصُونَ شَكِيرُهَا |
تَوَارَى َ فَتَبْدُو لِي إِذَا مَاتَطَاوَلَتْ | شُخوصُ الضُّحَى وَانْشَقَّ عَنْهَا غَدِيرُهَا |
فودَّعنَ أقواعَ الشَّماليلِ بعدما | ذَوَى بَقْلُهَا أَحْرَارُهَا وَذُكُورُهَا |
وَلَمْ يَبْقَ بِالْخَلْصَاءِ مِمَّا عَنَتْ بِهِ | مِنَ الرَّطْبِ إِلاَّ يَبْسُهَا وَهَجِيرُهَا |
فَمَا أَيْأسَتْنِي النَّفْسُ حّتَّى رَأَيْتُهَا | بِحَوْمَانَة ِ الزُّرْقِ احْزَأَلَّتْ خُدُورُهَا |
فَلَمَّا عَرَفْتُ الْبَيْنَ لاَ شَكَّ أَنَّهُ | لِمُتْرِبَة ِ الأَخْفَافِ صُفْرٍ غُرُورُهَا |
تعزَّيتُ عنْ ميّ وقد رشَّ رشَّة ً | مِنَ الْوَجْدِ جَفْنَا مُقْلَتِي وَحُدُورُهَا |
وكائنْ طوتْ أنقاضُنا منْ عمارة ٍ | لنلقاكِ لمْ نهبطْ عليها نزورُها |
وجاوزنَ منْ أرضٍ فلاة ٍ تعصَّبتْ | بأجسادِ أمواتِ البوارحِ قورُها |
ومن عاقرٍ تنفي الألاَ سراتُها | عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْدَآءَ وَعْثٍ خُصُورُهَا |
إذا ما رآها راكبُ الصَّيفِ لم يزلْ | يَرَى نَعْجَة ً فِي مَرْتَعٍ فَيُثِيرُهَا |
يُدمِّنُ أجوافَ المياهِ وقيرُها | |
ومن جُردة ٍ غفلٍ بساطٍ تحاسنتْ | بِهِ الْوَشْيَ قَرَّاتُ الرِّيَاحِ وَخُورُهَا |
تَرَى رَكْبَهَا يَهْووُنَ فِي مُدْلَهِمَّة ٍ | رهاءٍ كمجرى الشَّمسِ درمٍ حدورُها |
بِأَرْضٍ تَرَى فيها الْحُبَارَى كَأَنَّهَا | قلوصٌ اضلَّتها بعكمينِ عيرُها |
وَمِنْ جَوْفِ أَصْوَآءٍ يَصِيحُ بِهَا الصَّدَى | |
وَحَوْمَانَة ٍ وَرْقَاءَ يَجْرِي سَرَابُهَا | بمنسحَّة ِ الآباطِ حدبٍ ظهورُها |
تظلُّ الوحافُ الصُّدءُ فيها كأنَّها | قراقيرُ موجٍ غصَّ بالساجِ قيرُها |
مُلَجَّجَة ٌ فِي الْمَآءِ يَعْدُو حَبَابُهُ | حيازيمها السُّفلى وتطفو شطورُها |
تُجَاوِزْنَ وَالْعُصْفُورُ فِي الجْحرِ لاَجِىء ٌ | مَعَ الضَّبِ وَالشِـّقْذَانُ تَسْمُو صُدُورُهَا |
بِمَسْفُوحَة ِ الآبَاطِ طَاحَ انْتِقَالُهَا | بِأَطْرَاقِهَا وَالْعِيسُ بَاقٍ ضَرِيرُهَا |
تُهجَّرُ خوصاً مستعاراً رواحُها | فَمَا أَفْجَرَتْ حَتَى أَهَبَّ بِسُدْفَة ٍ |
كأنَّي وأصحابي وقد قذفتْ بنا | هِلاَلَيْنِ أَعْجَازَ الْفَيَافِي نُحُورُهَا |
على عانة ٍ حقبٍ سماحيجَ عارضتْ | رِيَاحَ الصَّبَا حَتَّى طَوَتْهَا حَرُورُهَا |
مراويدُ تستقري النِّقاعَ وينتحي | بها حيثُ يهوي وهوَ لا يستشيرُها |
خميصُ الحشا مخلولقُ الظَّهرِ أجمعتْ | لهُ لقحاً مرباعُها ونزورُها |
تَرَى كُلَّ مَلْسَآءِ السَّرَاة ِ كَأَنَّهَا | كساها قميصاً من هراة َ طرورُها |
تلوَّحنَ واستطلقنَ بالأمسِ والهوى | إِلى َ الْمَآءِ لَوْ تُلْقَى إِلَيْهَا أُمُورُهَا |
فَظَلَّتْ بِمَلْقَى وَاحِفٍ جَرَعَ الْمِعَا | قِيَاماً يُفَالِي مُصْلَخِمّاً أَمِيرُهَا |
بِيَوْمٍ كَأَيَّامٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا | إَلى َ شَمْسِهِ حُوْصُ الأَنَاسِيِّ عُورُهَا |
فما زالَ فوقَ الأكومِ الفردِ رابئاً | يراقبُ حتى فارقَ الأرضَ نورُها |
فَرَاحَتْ لإِدْلاَجٍ عَلَيْهَا مُلآءَة ٌ | صُهَابِيَّة ٌ مِنْ كُلِ نَقْعٍ تُثِيرُهَا |
عَلاَجِيمَ عَيْنِ ابْنَيْ صُبَاحٍ يُثِيرُهَا |