إنْ تُحْيَ آمالي بِرُؤْيَة ِ عيسى
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إنْ تُحْيَ آمالي بِرُؤْيَة ِ عيسى | فلطالما أنضتْ إليه العيسا |
وَحَظيتُ بَعْدَ اليَأْسِ بالخِضْر الذي | ما زالَ يَرْقَى أوْ حَكَى إدْريسا |
لولا وجودُ الصاحبينِ كليهما | صارتْ بيوتُ العالمينَ رُمُوسا |
كم قلتُ لمَّا أنجبَ الأبُ ابنَهُ | لا غَرْوَ أنْ يَلِدَ النَّفِيسُ نَفِيسا |
لله شمسُ الدين شمسٌ أطلعتْ | فينا بُدوراً للهدى وشموسا |
رَدَّتْ لنا يدُهُ الغَضُوبَ وأسْكَنَتْ | بالعدلِ آرامَ الكناسِ الخيسا |
أغنتْ مكارمهُ الفقيرَ وأطعمتْ | من كان من خير الزمانِ يئُوسا |
حِبْرٌ تَصَدَّرَ لِلنَّوالِ فلَمْ يَزَلْ | يَتْلو عليه مِنَ المَدِيحِ دُرُوسا |
دُعيَ ابن سينا بالرئيسِ ولو رأى | عيسى لسَمَّى نفسهُ المرؤوسا |
وَحَسِبْتُهُ مِنْ يَأْسهِ وَذَكائِهِ | بَهْرامَ قارَنَ في العُلاَ بَرْجِيسا |
منْ مَعْشَرٍ لَيُسَارِعونَ إلى الوَغَى | مُتنازِعِينَ مِنَ الحِمامِ كُؤُوسا |
لهُ الخِصام إذا تَشاجَرَتِ القَنا | لمْ يَجْعَلوا لهُمُ الحَديدَ لَبُوسا |
وأخُو البَسالَة ِ مَنْ غَدا بِذِراعِهِ | لادرعهِ يوم الوغى محروسا |
يُوفُونَ ما وعَدُوا كأَنَّ وُعُودَهم | كانت يميناً بالوفاء غُموسا |
يأَيُّها المَوْلى الوَزِيرُ ومَنْ لَهُ | حِكَمٌ أغارَتْ منه رَسْطاليسا |
هُنِّيتَ تقليداً أتاكَ مُجَدِّداً | لِلناسِ مِنْ سُلْطانِهِم ناموسا |
أُرسلتَ منه للخلائقِ رحمة ً | عَمَّتْ قِياماً منهمُ وجلُوسا |
وكأَنَّ قارِئَهُ بِيَومِ عَرُوبَة ٍ | لَكَ يُعرِبُ التَّسْبِيحَ والتقْديسا |
ونَظّمْتَ شَمْلَ المُلْكِ بالقَلَم الذي | حَلَّيْتَ منه للسُّطورِ طُروسا |
وبِسَتْرِكَ العَوْراتِ قد كَشفَ الورَى | لكَ بالدعاء المستجابِ رؤوسا |
من كل مشدودِ الخناقِ بكربة ٍ | نفستَ عنه خناقهُ تنفسيا |
أطْفأْتَ نِيرانَ العَداوة ِ بَعْدَما | أوطأتَ منها الموقدين وطيسا |
وأرحتهمْ من فتنة ٍ تحيي لهم | في كلِّ يومٍ داحساً وبسوسا |
هَلَكَتْ جَدِيسُ وطَسْمُ حِينَ تعادَتا | وكأَنَّ طَسْماً لمْ تكنْ وجدَيسا |
يا بنَ الذي يَلْقَى الفَوارِسَ باسِماً | حاشاكَ أن تلقى الضيوفَ عبوسا |
سَعِدَتْ بِكَ الجُلساء فاحْذَرْ بعضَهُمْ | فلَرُبَّما أعْدَى الجَليسُ جَليسا |
بخسوا ضيوفَ اللهِ عندك حظهمْ | لا كان حظكَ عندهم مبخوسا |
وأُعِيذُ مَجْدَكْ أنْ يكونَ بِطائِفٍ | مِنْ حاسِدٍ بِنَمِيمَة ٍ مَمْسوسا |
فالله عَلّمَ كلَّ عِلْمٍ آدَماً | وأطاعَ آدمُ ناسِياً إبْلِيسا |
إنَّ المُرَاحِلَ مَنْ أضاعَ أُجُوُرَهُ | واعْتاضَ عنها بالنفيسِ خسيسا |
فارغبْ إلى حُسنِ الثناءِ فإنه | لا يستوي في الذِّكْرِ نِعْمَ وبيسا |
مأنتَ ممنْ تستبيحُ صدورهم | حِقْداً ولا أعراضُهُمْ تَدْنِيسا |
أدعوكَ للصفحِ الجميلِ فإن تُجبْ | أحكمَ بنياناً علا تأسيسا |
ومن السياسة ِ أن تكون مُراعياً | للصالِحِينَ تَبَرُّهمْ وتَسوسا |
قومٌ إذا انتدبوا ليومِ كريهة ٍ | ألْفَيتَ واحِدَهمْ يَرُدُّ خَمِيسا |
تالله ماخابَ امرؤٌ متوسلٌ | بالقَوْمِ في النُّعْمَى ولا في البُوسَى |
ولقد أتيتكَ باليقينِ فلا تخلْ | إنْ عادَ إسْحاقٌ إليها ثانياً |
ورأيتُ منهمْ ما رأيتُ لغَيرِهم | وأقمتُ دهراً بينهم جاسوسا |
من كان ملتبساً عليه حديثهم | أذْهَبْتُ عنه منهمُ التَّلْبِيسا |
ما ضَرَّهُم قول المُعانِدِ إنهمْ | بِفعالِهمْ أقوى الأنام نُفوسا |
كَمْ ذَمَّهُمْ جَهْلاً وأنْكَر حالَهُمْ | قومٌ يلون الحكمَ والتدريسا |
فرددتُ قولهمْ بقولي ضارباً | مَثَلاً على الخَضِر السَّلامُ وموسى |
وعلى سليمان النبي فإنه | أغرى رحاليه على بلقيسا |
وعلى فتى الحسنِ الذي سطواتهُ | مَرَّتْ على الأعداءِ مَرَّ المُوسى |
يا رُبَّ ذِي عِلْمٍ رَأى نُصْحِي لَهُ | فأجابني أتُطِبُّ جالينوسا |
لَمْ يَدْرِ أني كلما اسْتَعْطَفْتُهُ | كانَ الحَديدَ وكنتُ مِغْناطِيسا |
لو كنْتُ أرْضَى الجاهليَّة َ مْثِلَهُ | أمْلَيْتُ مامَلأ القلوبَ نَسِيسا |
ونفختُ نار عداوة ٍ لاتصطلى | بلْ لا يُطِيقُ لها العَدوُّ حَسيسا |
لَمْ يُبْقِ لي خَوفُ المَعادِ مُعادِياً | فيهيجَ مني للهياجِ رسيسا |
أوَ ما ترى حبُّ السلامة ِ جاعلي | أُلْقِي السَّلامَ مُسالِماً والكِيسا |
أمكلفي نظمَ النسيبِ وقد رأى | عُودَ الشبابِ الرطبَ عادَ يبيسا |
أمَّا النسيبُ فما يناسبُ قولهُ | شَيْخاً أبَدَّ معَمَّراً مَنْكوسا |
ما هَمَّ يَخْضِبُ شَيْبَهُ مُتَشَوِّقاً | زَمَنَ الصِّبا إلاّ اتَّقَى التَّدْليسا |
لما رأى زمن الشبيبة ِ مدبراً | نَزعَ السُّرَى وتَدَرَّعَ التعْريسا |
مَضْتِ الأحِبَّة ُ والشبابُ وخَلَّفا | ليّ الادِّكارَ مسامراً وأنيسا |
أذكرتني عهدَ الطعانِ فلم أجدْ | رُمحاً أصولُ به ولا دبُّوسا |
أيَّام عزمي لاتفوتُ سهامهُ | غَرَضاً وسَهْمي جُرْحُهُ لا يُواسَى |
ثَنَتِ السُّنُونَ سِنانَ صَعْدَتي التي | لم تَلْقَ رادِفَة ً ولا قَرْبُوسا |
فقناة ُ حربي لاأردْ تقويمها | للطَّعْنِ إلاّ رَدَّها تَقويسا |
ما حالُ مَنْ مُنِعَ الرُّكُوبَ وطَرْفُهُ | يَشْكُو إليه رَباطَهُ مَحْبُوسا |
بالأمس كان له الشموسُ مذللاً | واليومَ صارَ لهُ الذَّلولُ شموسا |
لادَرَّ درُّ الشيبِ إنّ نجومهُ | تذرُ السَّعيدَ من الرجالِ نحيسا |
كيفَ الطريقُ إلى اجتماعٍ جاعلٍ | بيت الفراشِ بساكنٍ مأنوسا |
لو كانَ لي في بَيْتِ خالي نُصْرَة ٌ | جمعتْ نقيَّ الخدِّ والإنكيسا |
ونصيحة ٍ أعربتُ عنها فانثنتْ | كالصُّبْح يَجْلو ضَوْءُهُ التغليسا |
إنَّ النَّصارى بالمَحَلّة ِ وُدُّهُمْ | لو كانَ جَامِعُها يكونُ كَنِيسا |
أتُرَى النصارَى يَحْكُمونَ بأنَّه | مَنْ باشَرَ الأحْباسَ صارَ حَبِيسا |
ضَرَبُوا عَلى أبْوابها الناقُوسا | |
صَرَفَ الإلهُ السُّوءَ عنكَ بِصَرْفِهِ | فاصرفهُ عنَّا واصفعِ القسيسا |
أفْدِي بهِ المُسْتَخْدَمينَ وإنَّما | أَفْدِي بِتَيْسٍ كاليَهود تُيوسا |
لو كنتُ أمْلِكُ أمْرَهُمْ مِنْ غَيْرَتي | لم أبقِ للمستخدمينَ ضروسا |
يرْعوْنَ أموالَ الرَّعيَّة ِ بالأذَى | لو يُحْلَبُونَ لأَشْبَهُوا الجاموسا |