ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كالسَّيْفِ إمَّا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كالسَّيْفِ إمَّا | بصَليلٍ عِداهُ أوْ بِصَريرِ |
ما رَأَى الناسُ قَبْلَهُ مِنْ يَراعٍ | لوزيرٍ صريرهُ كالزئيرِ |
فإذا سَطَّرَ الكتابَ أرانا | بَحْرَ فضلٍ أمواجُهُ مِنْ سُطورِ |
وإذا استخرجوهُ يسْتَخْرجُ الدُّر | رَ نَفِيساً مِنْ بَحْرِهِ المَسْجُورِ |
نظرتْ مُقلتي إليه كأني | ناظِرٌ في بَدِيعِ زَهْرٍ نَضِيرِ |
ثم شَرَّفْتُ مِسْمَعِي بِتُؤَامٍ | وَفُرادَى مِنْ دُرِّهِ المَنْثُورِ |
لا تُطاوِلْهُ في الفخارِ فما غا | درَ في الفخرِ مُرتقى ً لفخورِ |
ذِكرهُ لَذَّة ُ المسامعِ فاسْتمـ | ـتعْ به من لسانِ كلِّ ذكورِ |
ثمَّ معنى ً وصورة ً فهوَ في الحا | لَيْنِ مِلءُ العيُونِ مِلءُ الصُّدورِ |
زُرْتُ أبوابهُ التي أسعدَ اللـ | بها كلَّ زائرٍ ومَزُورِ |
كلُّ من زارها يعودُ كما عُدْ | تُ بِفَضْلٍ مِنها وأجرٍ كثيرِ |
وَكفانيَ سَعْيِي إليها لأُهْدَى | منه بالرشدِ في جميعِ الأمورِ |
إنَّ مَنْ دَبَّرَ المَمالِكَ لا يَعْـ | ـزُبُ عنْ حُسنِ رأيهِ تدبيري |
كان رزقي من جدهِ وأبيهِ | أيَّ رزقٍ ميَسّرٍ موفورِ |
وإذا كان مثلُ ذاكَ على الوا | رِث إني عَبْدٌ لِعَبْدِ الشَّكُورِ |
فارِسِ الخَيْلِ العالِمِ العامِلِ الـ | ـحَبرِ الهُمَام الحُلاحِلِ النَّحْرِيرِ |
لم يزلْ من علومهِ وتقاهُ | بين تاجٍ من سؤددٍ وسريرِ |
أبداً بالصوابِ ينظرُ في الملـ | ـك وفي بيت ماله المعمورِ |
فغدا الجندُ والرَّعية ُ والما | لُ بخيرٍ من سعيهِ المشكورِ |
فأَقَلُّ الأجْنادِ في مصرَ يُزْرِي | مِنْ بلادِ العِدا بأوْفَى أمِيرِ |
قُلْ لِمَنْ خابَ قَصْدُهُ في جميع النَّـ | ـاسِ مِنْ آمرٍ وَمِنْ مَأْمُورِ |
يَمِّمِ الصاحِبَ الذي يُتَرَجَّى | فتحُ ثغرٍ به وسدُّ ثغورِ |
وبعيدُ الأمورِ مثلُ قريبٍ | عندهُ والعسيرُ مثلُ يسيرِ |
آهِ مِمَّا لَقِيتُ مِنْ غَيْبَتي عنـ | ـه ومِنْ نِسْبَتِي إلى التَّقْصِيرِ |
كَثُرَ الشَّاهِدُونَ لي أنَّني مُـ | ـتُّ وفي البعدِ عنه قلَّ عذيري |
مَنْ لِشَيْخٍ ذي عِلَّة ٍ وعِيالٍ | ثَقَّلَتْ ظَهْرَهُ بِغَير ظَهيرِ |
أثْقَلُوهُ وكَلَّفُوه مَسيراً | ومن المستحيلِ سيرُ ثبيرِ |
فَهْوَ في قيْدِهِمْ يُذَادُ مِنَ السَّـ | ـعِي لتحصيلِ قُوتِهِمْ كالأسيرِ |
وعَتَتْ أمهم عليَّّ ولَّجتْ | في عُتُوٍّ منْ كَبْرَتي ونُفورِ |
وَدَعَتْ دونَهُم هُنالِكَ بالوَيْـ | ـلِ لأمرٍ في نَفْسِها والثُبورِ |
حَسِبَتْ عِلَّتِي تَزُولُ فقالتْ | ياكثيرَالنهوينِ والتهويرِ |
كلُّ داءٍ لهُ دواءٌ فعجِّلْ | بمُداواة ِ داءِ عُضْوٍ خَطِيرِ |
قُلتُ مَهْلاً فما بِمِلحِ السَّقَنْقُو | رِ أُداوي وَلا بِلَحْمِ الذُّرورِ |
سَقَطَتْ قُوَّة ُ المَرِيضِ التي كا | نَتْ قديماً تُزادُ بالكافُورِ |
وعصاني نظمُ القريضِ الذي جـ | ـرَّ ذُيُولاً عَلَى قَرِيضِ جَرِيرِ |
وَازْدَرَتْنِي بعضُ الوُلاة ِ وقدْ أصْـ | ـبحَ شعري فيهم كخبز الشعيرِ |
وغسلتُ الذي جمعتُ من الشعـ | ـرِ بفيضٍ عليه غسلَ صخورِ |
وَنَهَتْني عَن المَسيرِ إليهم | شدة ُ البأسِ من سخاً في مسيرِ |
وهَجَرْتُ الكِرامَ حتى شَكاني | منهمُ كلَّ عاشِقٍ مَهْجُورِ |
وَكَزُغْبِ القطا وَرائي فِراخٌ | من إناثٍ أعولهم وذكورِ |
يتعاوونَ كالذئابِ وينقضـ | ـونَ من فرطِ جوعهم كالنسورِ |
وفتاة ٍ ما جُهِّزَتْ بجهازٍ | خُطِبَتْ لِلدُّخولِ بعدَ شُهورِ |
وَاقْتَضَتْني الشِّوارَ بَغياً عَلَى مَنْ | عنك آياتُها قَعُودَ حَسِيرِ |
أقعدتني بقرية ٍ أسلمتني | لِضَياعٍ مِنْ فاقَتِي وكُفُورِ |
كلُّ يَومٍ مُنَغَّصٌ بِطَعامٍ | أوْ رَفِيقٍ مُنَغِّصٍ بِشُرُورِ |
ورِفاقي في خِدْمَة ٍ طُولَ عُمْرِي | رفقتي في الحرانِ مثل الحميرِ |
كلَّما رُمْتُ أُنْسَهُمْ ضَرَبُوا | من وحشة ٍ بينهم وبيني بسورِ |
وأَبَوْا أنْ يُساعِدُوني عَلَى قُو | تِ عِيالي بُخْلاً بِكَيلِ بَعِيرِ |
فَسَيُغْنِيني الإلهُ عنهمْ بِجَدْوى | خير مولى ً لنا وخير نصيرِ |
صاحبٌ يبلغُ المؤملُ منه | كلَّ ما رامَهُ بِغَيرِ سَفِيرِ |
من أناسٍ سادوا بني الدين والدنـ | ـيا فما في الورى لهم من نظيرِ |
سَرَّتِ الناظِرِينَ منهم وجوهٌ | وُصِفَتْ بالجَمالِ وَصْفَ البُدُورِ |
ورثوا الأرضَ مثل ما كتبَ اللـ | ـهُ تعالى في الذكرِ بعد الزبورِ |
فهم القائمونَ في الزَّمنِ الأوَّ | لِ بالقسطِ والزَّمانِ الأخيرِ |
وَهُمُ المُؤْمِنُونَ الوارِثُو الفِرْدَوْ | سِ والمفلحون في التفسيرِ |
عَبَدُوا الله مُخْلصينَ لهُ الدِّيـ | ـنَ لِما في قلوبِهِمْ مِنْ نُورِ |
وأحبوا آل النبيِّ فكانوا | معهم في مغيبهم والحضورِ |
في مَقامٍ مِنَ الصَّلاحِ وَأمْنٍ | وَمُقامٍ مِنَ النَّعِيمِ وَثِيرِ |
أهلُ بيتٍ مطهرينَ من الرِّجـ | ـسِ وهم أغنيا عن التطهيرِ |
حُجِبُوا بالأثاثِ عَنَّا وبالزَّيِّ | ـزيَّ وأخفوا جمالهم بالخدورِ |
لبسوا الزيَّ بالقوبِ وأغنوا | صِدْقُهُمْ عَنْ لِباسِ ثَوْبَيْ زُورِ |
وَأرَوْنا أهلَ التقَى في الزَّوايا | سَلَّمُوا في البَقا لأِهْلِ القُصُورِ |
وأتَوْا كلُّهُمْ بِقَلْبٍ سَليمٍ | وأتى غيرهم بثوبٍ نقيرِ |
وحَكَتْهُمْ ذُرِّيَّة ٌ كالذَّرارِي | من بطونٍ زكية ٍ وظهورِ |
يُطْعِمُونَ الطَّعامَ لا لجَزَاءٍ | يَتَرَجَّوْنَهُ وَلا لِشُكُورِ |
علمَ الله منهم ما جهلنا | وكَفَاهُمْ شُكْرُ العليم الخَبِيرِ |