أصيخوا فمن طورِ انبعث الندا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أصيخوا فمن طورِ انبعث الندا | وشِيموا فإنَّ النور في الشرقِ قد بدا |
هو الفتحُ قَدْ فاجَا فأحيا كأنّما | هو القطرُ لم يضربْ مع الأرضِ موعدا |
أتى اليسرُ يسعى في طريقٍ خفية ٍ | كما طَرقَ الإغفاءُ جفناً مُسَهَّدا |
كتمت بها هديَ الإمارة ِ مدة ً | فعالَ كميّ يذخرُ السيفَ مغمدا |
و لما انتضاهُ أدركَ النصرَ منهى ً | بحديه لما استقبلَ الحزمَ مبتدا |
لقد نسقتْ يُسرينِ في العسرِ بيعة ٌ | حوَتْ إمرة ً عُليا وَعَهْداً مجدَّدا |
فذي تَنْشُرُ الرائينَ شَمْساً منيرة ً | و ذا يكنفُ الآوينَ ظلاًّ ممددا |
وذي معقلٌ نائي الذُّرى لمن انطوَى | و ذا مرتعٌ داني الجنى لمن اجتدى |
فقَدْ طلَعَ البَدْرانِ بالسَّعدِ والسَّنا | وقَدْ مُزِجَ البحرانِ بالبأسِ والندى |
فيا أهلَ حِمصٍ أيقظوا من رجائكُمْ | فقدْ جاء أمرٌ ليس يترككمْ سدى |
و قدْ بلغتْ شكوى الجزيرة مشفقاً | و وافى صراخُ الحيَّ شيحانَ منجدا |
ونِيطَتْ أماني أهلِ دينِ محمّدٍ | بذي سيرٍ ترضى النبيَّ محمدا |
حباكمْ أميرُ الهَدْيِ مِنْ أهلِ بيتِهِ | بأدناهُمُ قُربَى وأبعدِهِمْ مدى |
بأروعَ حلَّ البدرُ منهُ مفارقاً | ونسجُ القوافي مِعْطَفاً والنَّدى يَدا |
فأرْعِ بِهِ عَيْنَيْكَ طَلْعَة َ ماجدٍ | تختَّمَ بالعلياءِ واعتمَّ وارْتَدى |
سما حيثُ لم يُلْحَقْ فَلَوْلا انفرادُهُ | هنالِكَ مِنْ تِرْبٍ لخلناهُ فَرقدا |
وما ضرَّ أنْ غابَ الأميرُ وخصَّكُمْ | بِتابِعِهِ قولاً وفِعْلاً ومحتِدا |
تلفُّهما في العنصرِ الحرِّ نِسبَة ٌ | كما قُبِسَ المصباحُ أو قُسِمَ الرِّدا |
و ما بعدتْ شمسُ الضحى في محلها | وقَدْ ألحفَتْكُمْ نُورَها متوقّدا |
إذا المزنُ أهدى الأرضَ صفو قطارهِ | فقد زارَ بالمعنى وأخفى التمهدا |
أبا فارسٍ حَسْبُ الأمانيِّ أنّها | نجومٌ تلقّتْ مِنْ قُدومِكَ أسْعُدا |
طلعتَ فأبهجتَ المنابرَ بالتي | بَنَتْ فوقَها أعلى وأبقى وأرشدا |
فلو أنَّ عوداً مادَ في غيرِ منبٍ | لأبصرتها من شدة ِ الزهوِ ميدا |
لك الحكمُ في دين الصليبِ وأهلهِ | تُسالِمُ ممتنّاً وتَغْدو مؤيَّدا |
إليكَ حدا الإسلامُ رأياً وراية ً | فأوسعهما عنهُ سداداًْ وسؤددا |
وإنّا لنرجو مِنْ مَضائِكَ هَبّة ً | تُعيدُ عَلى الدِّينِ الشبابَ المجدَّدا |
فقد أنشأتكَ الحربُ في حجراتها | كما تَطْبعُ النارُ الحسامَ المهنّدا |
ألفتَ من الأعلامِ والدمِ والظُّبى | تصلُّ، أغاريداً وظلاًّ وَمَوْرِدا |
تَرى السيفَ يدمى والقناة َ كأنّما | ترى معطفاً لدناً وخداً موردا |
فَكَمْ مِنْ ضَجِيعٍ رائقٍ بحشيّة ٍ | تعوضتَ منها أجرداً ومجردا |
تهشُّ إلى الأقرانِ حتى كأنما | تُلاقي لدى الرَّوعِ الحبائبَ لا العِدا |
يميناً لأنتَ الليثُ لولا حزامة ٌ | ترينا بعطفيك اللاصَ المسردا |
سريتَ مسيرَ الصبحِ لا يعرفُ الونى | و لا ينكرُ الصيقين بحراً وفرقدا |
فهل خلتَ غبرَ البيدِ روضاً منوؤاً | وهل خلتَ لُجَّ اليمّ صَرْحاً ممرَّدا |
غدا منكَ هذا البحرُ للناسِ ساحلاً | أصابت به الغرقى ملاذاً من الردى |
أتى بكَ أفشَى منهُ صيتاً وهيبة ً | و أغربَ أنباءً وأندى وأجودا |
أما إنَّ هذا البحرَ أهداكَ حجة ً | لمن قالَ إنَّ الغيثَ منهُ تولدا |
أآلَ أبي حفصٍ خذوها بقوة ٍ | و حلوا لها في ساحة ِ الصدقِ مقعدا |
فأنتم ألولوها ما لكمْ منً منازعٍ | و إن أنكرتْ شمسَ الضحى عينُ أرمدا |
هبوا غيركمْ نال الإيالة َ قبلكمْ | وأصدَرَ فِيها مُسْتَبِدّاً وأوردا |
كذاك يسوسُ البيضَ فينٌ وصيقلٌ | و ما فخرها إلاً لمن قدْ تقلدا |
إذا ما اقتدى الأعلى بمنْ هوَ دونهُ | فغرُّ الغوادي والدراري لكمْ فدا |
وإن ضَحِكَتْ سنُّ الهدى عن إمارة ٍ | فعنكمْ وعنْ أيامكم يضحكُ الهدى |
ودُونَكَ مِن دُرِّ الثّناءِ مُنَظَّماً | بحيثُ غدا دُرُّ الهباتِ مُبَدَّدا |
قوافٍ لكَ انساغتْ وفيكَ تيسرتْ | شياعاً فأضحَتْ في ثنائِكَ شُرَّدا |
فأصبحَ سُؤلي مِنْ سَماحك مُتْهِماً | و أصبحَ شعري في معاليك منجدا |