أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ | وغيرُ الذي قالتْ أعفُّ وأجملُ |
ولما رأتْ رأسي تبدَّلَ لونهُ | بياضاً عن اللونِ الذي كان أوّلُ |
أَرَنَّتْ من الشَّيْبِ العَجِيبِ الذي رأتْ | وهل أَنتِ منِّي وَيْبَ غَيْرِك أَمْثَلُ |
وقد أشهدُ الكأسَ الروّية َ لاهياً | أعلُّ قبيلَ الصبحِ منها وأُنهلُ |
ينازعنيها ليّنٌ غيرُ فاحشٍ | مُبَادِرُ غاياتِ التِّجارِ معذِّلُ |
إذا غلَبتْه الكأسُ لا متعبَّسُ | حصورٌ ولا من دونها يتبسَّلُ |
وليس خَلِيلي بالمَلُولِ ولا الَّذِي | يلومُ على البخل البخيلَ ويبخلُ |
لنا حاجة في صرحة ِ الحيِّ بعدما | بَدَا لهمُ أن يَظْعَنوا فتَحَمَّلوا |
نشاوى نديمِ الكأسِ منا مرنَّحٌ | وعِيسٌ مُنَاخاتٌ عليهنّ أَرْحُلُ |
وحَجْلٌ سَلِيمٌ قَدْ كشَفْنا جِلاَلَه | وآخر في أنضاءِ مسحٍ مسربلُ |
وصرماءَ مذكارٍ كأنّ دويَّها | بيعدَ جنانِ اليل مما يخيلَ |
حديثُ أناسيٍّ فلما سمعتهُ | إذا ليسَ فيه ما أَبِينُ فأَعْقِلُ |
قطَعْتُ يُمَاشِينِي بها متضائلٌ | من الطُّلْسِ أحياناً يَخُبُّ ويَعْسِلُ |
يحبّ دُنوَّ الإنس منه وما بهِ | إلى أحد يوماً من الإنس منزلُ |
تقرَّبَ حتى قلتُ لم يدنُ هكذا | من الإنس إلا جاهلٌ أو مضلَّلُ |
إذا ما عَوَى مُسْتقبِلَ الرِّيحِ جَاوبَتْ | مَسَامِعُه فَاهُ على الزَّادِ مُعْوِلُ |
كسوبٌ إلى أن شبّ من كسبِ واحدٍ | محالفه الإقتارُ لا يتمَّولُ |
كأنَّ دخانَ الرَّمثِ خالطَ لونهُ | يُغلُّ به من باطنٍ ويجللُ |
بصيرٌ بأدغال الضَّراءِ إذا خدى | يَعِيلُ ويَخْفَى بالجَهَاد ويَمْثُلُ |
تَرَاه سَمِيناً ما شَتَا وكأنه | حميٌّ إذا ما صافَ أو هو أهزلُ |
كان نساهُ شرعة ٌ وكأنّه | إذا ما تَمَطَّى وجْهَة َ الرِّيحِ محْمَلُ |
وحَمْشٌ بَصِيرٌ المُقْلَتيْن كأنّهُ | إذا ما مشَى مُسْتكرِهَ الرِّيحِ أقْزَلُ |
يكاد يَرَى مالا تَرَى عينُ واحدٍ | يُثيرُ له ما غَيَّبَ التُّرْبُ مِعْوَلُ |
إذا حضراني قلتُ لو تعلمانِه | ألم تعلما أني من الزاد مرملُ |
غرابٌ وذئبٌ ينظران متى أرى | |
أغارا على ما خيَّلت وكلاهما | سيخلفهُ مني الذي كانَ يأملُ |
كأنّ شجاعي رملة ً درجا معاً | فمَرَّا بنا لَوْلاَ وقوفٌ ومَنْزَلُ |
ومَضْرَبَها تحت الحَصَى بِجرَانِها | ومثنى نواجٍ لم يخنهنَّ مفصلُ |
وأَتْلَعَ يُلْوَى بالجَدِيل كأنّه | عَسِيبٌ سقاه من سُمَيحة َ جَدْولُ |
ومَوْضِعَ طُولِيٍّ وأَحْنَاءَ قاتِرٍ | يئطُّ إذا ما شدّ بالنسعِ من علُ |
وسُمْرٌ ظِمَاءٌ واتَرَتْهنَّ بعدَما | مَضَتْ هَجْعة ٌ من آخرِ اللّيلِ ذُبَّلُ |
سَفَى فوقهنّ التُّرْبَ ضافٍ كأنّه | على الفَرْج والحاذَيْنِ قِنْوٌ مذلَّلُ |
ومضطّمرٌ من خاشع الطرف خائفٌ | لما تضع الأرضُ القواءُ وتحملُ |
انختُ قلوصي واكتلأْتُ بعينها | وآمَرْتُ نَفْسِي أيَّ أمْرَيَّ أفعَلُ |
أأكْلَؤُها خوفَ الحوادثِ إنها | تريبُ على الانسانِ أم أتوكلُ |
فأقسمتُ بالرحمنِ لا شيءَ غيرّهُ | يمينَ امرئٍ برٍّ ولا أتحلَّلُ |
لأَستشعرنْ أعْلى دريسيَّ مسلماً | لوَجْهِ الذي يُحْيي الأَنَامَ ويقتلُ |
هو الحافظُ الوَسْنانَ باللّيل ميِّتاً | على أنه حيُّ من النوْمِ مثقلُ |
من الأسود الساري وإن كان ثائراً | على حدِّ نابيه السِّمامُ المثمِّلُ |
فلما استدارَ الفرقدان زجرتها | وهَبَّ سِمَاكٌ ذو سِلاَحٍ وأعْزَلُ |
فحَطَّتْ سَرِيعاً لم يَخُنْها فؤادُها | ولا عَيْنُها من خَشْية ِ السَّوْطِ تَغْفُلُ |
يقطِّع سَيْرَ الناعِجاتِ ذَمِيلُها | نجاءً اذا اختبّ النجاءُ المعوِّلُ |
منفَّجة َ الدَّفًّينُ طيِّن لحمها | كما طِينَ بالضَّاحِي من اللِّبْنِ مِجْدَلُ |
ودفٌّ لها مثل الصَّفاة ومرفقٌ | عن الزَّوْرِ مفتولُ المُشَاشة ِ أَفْتَلُ |
وسالفة ٌ ريّا يبلُّ جديلها | إذا ما عَلاَها ماؤها المتبزِّلُ |
وصافية ٌ تنفي القذاة َ كأنها | على الأَيْنِ يَجْلُوها جِلاَءٌ وتُكْحَلُ |
فمَنْ للقَوَافِي شانَها مَنْ يَحُوكُها | إذا ما ثَوَى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْوَلُ |
يقولُ فلا يَعْيَا بشيءٍ يقولُه | ومِنْ قائليها مَنْ يُسِيء ويعمَل |
يقوِّمُها حتى تَقُومَ مُتُونُها | فيَقْصُرُ عنها كلُّ ما يُتمثَّلُ |
كَفَيْتُكَ لا تَلْقَى من الناس شاعراً | تَنَخَّلَ منها مثلَ ما أتنخَّلُ |