أنظلمُ أن شمنا بوارقَ لمَّحا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أنظلمُ أن شمنا بوارقَ لمَّحا | وضحنَ لساري الليل من جنب توضحا |
بعينك، أن باتت تُحرِّقُ كُورَها، | محجَّلة ً غرَّاً من المُزنِ دلَّحا |
ولمّا احتضنّ أرهفنَ خصرهُ | فباتَ بأثناء الصبّاح مُوشَّحا |
تحمّلَ ساريها إلينا تحيّة ً | فهيّجَ تذكاراً ووجدا مُبرِّحا |
وعارضهُ تلقاءَ أسماءَ عارضٌ | تكفّى ثبيرٌ فوقه فترجعا |
ولمّا تهادى نكّبَ البيدَ معرضاً | وأتأقَ سجْلاً للرّياض فطفّحا |
تَدلّى فخِلتُ الدُّكنَ من عَذَباتهِ | كواسرَ فتخاً في حفافيه جنَّحا |
لِتَغْدُ غَواديهِ بمُنعَرج اللّوى | موائحَ رَقراقٍ من الرِّيّ مُتَّحا |
سقته فمجتْ صائك المسكِ حفَّلاً | تسحُّ وأذرتْ لؤلؤ النظم نضَّحا |
فلم تبق من تلك الأجارع أجرعاً | ولم تبقِ من تلك الأباطح أبطحا |
ولله أظْعانٌ ببرقة ِ ثهمدٍ | وقد كَربتْ تلك الشموسُ لتجنحا |
أجَدِّكَ ما أنْفَكُّ إلاّ مُغَبَّقاً | بكأس النوى صِرْفاً وإلاّ مصَبَّحا |
وأبيضَ من سِرّ الخِلافَة ِ واضِحٍ | تجلّى فكان الشمسَ في رونقِ الضّحى |
عنيفٌ ببَذلِ الوَفرِ يَلحي عُفاتَه | على صفدٍ ما كان نُهزة َ من لحى |
تَوَخّاهُمُ قبلَ السؤال تبرّعَا | بمعروفِ ما يُولي، وسِيلَ فأنجحا |
صَحا أهلُ هذا البذل ممّنْ عَلمتَه | وأمسكَ بالأموال نشوانُ ما صَحا |
ذروا حاتما عنّا وكعباً فإننا | رأيناه بالدنيا على الدين أسمحا |
أُريكَ به نَهْجَ الخلافة مَهيَعاً | يُبين وأعلامَ الخلافة وُضَّحا |
كثيرُ وجوه الحزْم أردى به العِدى | وأنحى به ليْثَ العّرينَة ِ فانتحى |
ولمّا اجتباه والملائكُ جنده | لَمهلكهم دارت على قُطبها الرّحى |
فقلّدها جمَّ السياسة ِ مدرهاً | إذا شاء رام القصْدَ أو قال أفصَحا |
نحاهم به أمضى من السيف وَقعهُ | وأجزَلَ من أركان رَضوى وأرجحا |
وقد نَصَحَتْ قُوّادُها غيرَ أنّني | رأيتُ ربيبَ الملكِ للملكِ أنصحا |
رآه أميرُ المؤمنين كعهدهِ | لديه ولم تنزحْ به الدارُ منزحا |
ولّما تَغَشّتْ جانبَ الأرض فتنة ٌ | تشُبُّ لَظى الهيجاء ألفَحَ ألفَحا |
رمى بك قارونَ المغاربِ عاتياً | وفرعونها مستحيياً ومذبِّحا |
ورامَ جماحاً والكتائبُ حوله | فوافاكَ في ظلّ السُّرادق أجمَحا |
فلمّا اطلَخَمّ الأمرُ أخفَتَ زأرَه | فمجمج تعريضاً وقد كان صرّحا |
مُرَدِّدُ جأشٍ في التراقي فضَحتَه | وكانتْ له امُّ المنيّة ِ أفضحا |
ومُطّرِحُ الآراءِ ما كَرّ طَرفَه | ولا ارتدّ حتى عادَ شِلْواً مُطرَّحا |
فلم يُدْعَ إرناناً ولا اصْطقَقَتْ له | حلائله في مأتمِ النَّوح نوَّحا |
وغُودِرَ في أشياعهِ نَبأً وقدْ | مَحوْتَ به رسمَ الدّلالة فامّحى |
وأدركتُ سولاً في ابن واسول عنوة ً | وَزَحزَحتَ منه يذبُلاً فتزَحزَحا |
وإلاّ أبنْه في العُصاة ِ فإنّني | أرى شارباً منهم يميل مرنَّحا |
يموت ويَحيْا بينَ راجٍ وآيسٍ | فكانَ له الهُلْكُ المُواشكُ أرْوَحا |
تضَمّنَه حَجْلٌ كلَبّة أرقَمٍ | إذا خرسَ الحادي ترنّمَ مفصحا |
أُريكَ بمرآة ِ الإمَامَة ِ كاسْمها | على كورِ عنسٍ والإمامَ المرشَّحا |
وقد سَلَبَتْه الزّاعبيّة ُ ما ادّعى | فأصْبحَ تِنّيناً وأمش ذُرَحْرَحا |
فما خطبه شاهتْ وجوه دعاتهِ | وجدعَ من مأفون رأيٍ وقبّحا |
وكان الجذاميُّ الطويلُ نجادُه | بهيماً مدى أعصارهِ فتوضّحا |
عجلتَ له بطشاً وإن وراءه | لخرقاً من البيد المروراتِ أفيحا |
مُعاشِرُ حربٍ يحلب الدهرَ أشطُراً | فلم يتّرِكْ سَعْياً ولم يأتِ مَنجَحا |
أقولُ له في موثقِ الأسرِ عاتباً | تجاذبهُ الأغلالُ والقيدُ مقمحا |
لئن حَمَلَتْ أشياعُ بغْيكَ فادحاً | يغولُ لقد حُمّلتَ ما كان أفدحا |
ولا كابنه أذكى شهاباً بمعركٍ | وأجمحَ في ثِنْي العنانِ وأطمحا |
مرت لك في الهيجاء ماءَ شبابهِ | |
وأثكَلْتَه منه القضيب تَهَصّرَتْ | أعاليه والرّوْض المُفوَّفُ صُوّحا |
لعمري لئنْ ألحقته أهلَ ودّه | لقد كان أوحاهم إلى مأزِقِ الرّحى |
وكم هاجعٍ ليلَ البياتِ اهتبلته | فصَبّحتَه كأس المنيّة ِ مُصْبِحا |
وهدّمْتَ ما شادَ العِنادُ وقد رَسَتْ | أواخِيهِ في تلك الهَزاهزِ رُجِّحا |
صَفحتَ عن الجانينَ مَنّاً ورأفة ً | وأعنانهِ حتى هوتْ فتفسّحا |
وقد كان باباً مرتجاً دونَ جنّة ٍ | فلمّا دنَتْ تلك اليمينُ تَفتَّحا |
ليالي حُروبٍ كُنّ شُهبْاً ثَواقباً | لها شعلٌ كانتْ سمائم لفَّحا |
وعَفّى على إثْرِ الفسادِ وأصْلحا | |
دعاكَ إلى تأمينهِ فأجبته | ولو لم تَدارَكهْ بعارفة ٍ طَحا |
وفي آلِ موسى قد شنَنتَ وقائعاً | أهبتَ لهم تلك الزّعازعَ لقَّحا |
فلمّا رأوا أنْ لا مفَرّ لهارِبٍ | وأبدَتْ لهم أُمُّ المنيّة مَكلَحا |
وأكدى عليهم زاخرُ اليمّ معبراً | وضاقَ عليهم جانبُ الأرضِ مسَرحا |
صفحتَ عن الجانبينَ منّاً ورأفة ً | وكنتَ حريّاً ان تمنّ وتصفحا |
وقد أزمعوا عن ذلكَ السِّيفِ رِحْلَة ً | فملّكتَ أولاهمْ عناناً مسرَّحا |
وكان مشيدُ الحصنِ هضبَ متالع | فغادرته سهباً بتيماءَ صحصحا |
قضى ما قضى منه البَوارُ فلم يُقَلْ | نعمتَ ولا حيّيتَ ممسى ً ومصبحاً |
معالمُ لا يندَ بنَ آونة ً ولا | تنوحُ حمامُ الأيك فيهنّ صدَّحا |
وكانوا وكانَتّ فترة ٌ جَاهلِيّة ٌ | فقد نهّجَ اللهُ السبيلَ وأوضحا |
لأفلحَ منهم مَن تزكّى وقادَهُ | حواريُّ أملاكٍ تزكّى وأفلحا |
حلفتُ بمستَنّ البِطاحِ أليّة ً | وبالركن والغادي عليه مُمسِّحا |
لردّوا إلى الآياتِ معجزة ً فلو | لمستَ الحصى فيهم بكفيكَ سبّحا |