عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه -يعني ظئره-فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون".

قال أنس: «وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره».


لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين، خرجت به أمه السيدة آمنة بنت وهب إلى أخواله بني عدي بن النجار تزورهم به، ومعه حاضنته أم أيمن رضي الله عنها، وهم على بعيرين، فنزلت به أمه في دار النابغة عند قبر أبيه عبد الله بن عبد المطلب، فأقامت به عند أخواله شهرا، ثم رجعت به أمه إلى مكة، فلما كانوا بالأبواء توفيت أمه آمنة بنت وهب، ورجعت به أم أيمن رضي الله عنها -واسمها: بركة بنت ثعلبة بن حصن-، وكانت أم أيمن رضي الله عنها تحب النبي صلى الله عليه وسلم حبا شديدا وتعتني به غاية الاعتناء، وتحوطه برعايتها وشفقتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبرها ويحسن إليها، ولما كبر صلى الله عليه وسلم أعتقها، ثم أنكحها زيد بن حارثة رضي الله عنه الذي أنجبت منه أسامة بن زيد رضي الله عنهما، وقد توفيت أم أيمن رضي الله عنها بعدما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر.


لما توفيت آمنة والدة الرسول عليه الصلاة والسلام وعمره ست سنوات، صارت كفالته إلى جده عبد المطلب بن هاشم، وكان عبد المطلب ذا شرف في قومه وفضل، وكانت قريش تسميه الفضل؛ لسماحته وفضله، وتولى أمر الرفادة والسقاية بعد موت أبيه هاشم بن عبد مناف.

وكان عبد المطلب يحب حفيده محمدا حبا عظيما، ويقدمه على سائر بنيه، ويرق عليه أكثر من رقته على أولاده، قال ابن إسحاق‏ رحمه الله:‏ "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بن هاشم -يعني: بعد موت أمه آمنة بنت وهب-؛ فكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، وكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له؛‏ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر -أي: ممتلئ قوي- حتى يجلس عليه؛ فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه؛ فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم‏:‏ دعوا ابني؛ فوالله إن له لشأنا، ثم يجلسه معه على فراشه، ويمسح ظهره بيده، ويسره ما يراه يصنع‏".

وكان عبد المطلب لا يأكل طعاما إلا يقول:‏ "علي بابني!" فيؤتى به إليه‏.
‏ ولما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياطته.