Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


اختلف أهل السير والتاريخ في تحديد يوم وشهر ولادته صلى الله عليه وسلم واتفقوا على أن ميلاده صلى الله عليه وسلم كان يوم الاثنين من عام الفيل.

قال ابن القيم: "لا خلاف أنه ولد صلى الله عليه وسلم بجوف مكة، وأن مولده كان عام الفيل".

عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل), وهو الذي لا يشك فيه أحد من العلماء.

ونقل خليفة بن خياط وابن الجزار وابن دحية وابن الجوزي فيه الإجماع.

وأما مولده يوم الاثنين، فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: " سئل صلى الله عليه وسلم  عن صوم يوم الاثنين؟ قال: "ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل علي فيه".

قال ابن كثير: "وأبعد بل أخطأ من قال: ولد يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من ربيع الأول".

أما موضع الخلاف فقد كان في تحديد الشهر واليوم منه،  روى ابن إسحاق عن نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك.

قال: (نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام).

قال الألباني: وإسناده جيد قوي.

وكانت ولادته صلى الله عليه وسلم بعد وفاة والده عبد الله، حيث كان حملا في بطن أمه حين توفي والده، فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيما.

وكانت ولادته في دار أبي طالب بشعب بني هاشم.


لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق لغزوهم أقرع بين نسائه من يخرج معه، فكانت القرعة على عائشة الطاهرة رضي الله عنها وأرضاها، وفي طريق العودة كانت تحمل على هودج، فقدر الله في ذلك اليوم أن تكون خارج هودجها لتبحث عن عقد سقط منها، فلما أرادوا الرحيل لم يشعروا بعدم وجودها ورحلوا؛ فقد كانت صغيرة خفيفة الوزن، فلما رجعت لم ترهم.

قالت عائشة رضي الله عنها: (فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش فأدلج، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، ووالله ما يكلمني كلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه، حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش، بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن ابن سلول،.
.
.
)
فاتهموها مع صفوان وبدأ هذا الإفك المبين ينتشر في المدينة، وبقيت عائشة شهرا لا تعلم شيئا عن ذلك، حتى علمت بذلك صراحة من أم مسطح، وكل ذلك ولم تتبين الحقيقة، ثم نزلت آيات تتلى إلى يوم القيامة من قوله تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم} [النور: 11] إلى قوله: {ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم} [النور: 21] آيات تبرئ الطاهرة المطهرة مما افتراه المفترون.


كانت غزوة دومة الجندل -موضع على طرف الشام بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة خمس عشرة أو ست عشرة ليلة- في ربيع الأول من السنة الخامسة للهجرة.

وسببها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بدومة الجندل جمعا كثيرا من القبائل، وأنهم يظلمون من مر بهم، وينهبون ما معهم، وأنهم يريدون أن يدنوا من المدينة لمهاجمتها؛ فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف من المسلمين، فكانوا يسيرون الليل، ويكمنون -يستترون- النهار، ومعه صلى الله عليه وسلم دليل له من بني عذرة يقال له: (مذكور)؛ فلما دنوا من دومة الجندل، هجموا على ماشيتهم ورعاتهم، فأصابوا ما أصابوا منهم، وهرب من هرب في كل وجه؛ فلما علم أهل دومة الجندل تفرقوا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم فلم يجد بها أحدا؛ فأقام بها أياما وبث السرايا وفرقها، فرجعت ولم تصب منهم أحدا، وأخذ منهم رجل؛ فسأله رسول الله عنهم، فقال: هربوا حين سمعوا أنك أخذت نعمهم؛ فعرض عليه الإسلام فأسلم، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولم يلق كيدا.


هي من أعمال المدينة، تقع شمالي نجد وهي طرف من أفواه الشام، بينها وبين دمشق خمس ليال، وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة.

أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدنو إلى أداني الشام، وقيل له: إن ذلك مما يفزع قيصر، وذكر له أن بدومة الجندل جمعا كبيرا وأنهم يظلمون من مر بهم، وكان لها سوق عظيم وهم يريدون أن يدنوا من المدينة، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فخرج في ألف من المسلمين، فكان يسير الليل ويكمن النهار، ومعه دليل له من بني عذرة يقال له: مذكور، هاد خريت.

فلما دنا من دومة الجندل، أخبره دليله بسوائم بني تميم، فسار حتى هجم على ماشيتهم ورعائهم فأصاب من أصاب وهرب من هرب في كل وجه، وجاء الخبر أهل دومة الجندل فتفرقوا، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم فلم يجد فيها أحدا، فأقام بها أياما، وبث السرايا ثم رجعوا، وأخذ محمد بن سلمة مسلمة رجلا منهم فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله عن أصحابه فقال: هربوا أمس، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلم، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.


اختلف العلماء في وقت وقوع هذه الغزوة، والأصح والأظهر أنها كانت في شعبان من السنة الخامسة للهجرة، وذهب إلى هذا القول الذهبي، وابن القيم، وابن كثير، وابن حجر، وغيرهم.

فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية.

فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له: المريسيع.

من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم، ونفل الله رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءهم عليه.

وقد كان من بين السبي جويرية بنت الحارث سيد القوم، فأسلمت وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وأعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فكانت من أعظم الناس بركة على قومها.


بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق -وهم بطن من قبيلة خزاعة الأزدية اليمانية- يجمعون لقتاله، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار؛ فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له: (المريسيع)، ولذلك تسمى هذه الغزوة أيضا: بغزوة المريسيع.

فتزاحف الناس واقتتلوا، فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم، ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءهم عليه، وكان فيمن سبي جويرية رضي الله عنها بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق، التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاءته تستعينه في كتابتها، وجعل صداقها رضي الله عنها أربعين أسيرا من قومها، فأعتق الناس ما بأيديهم من الأسرى؛ لمكان جويرية رضي الله عنها.

وأثناء الرجوع من هذه الغزوة تكلم أهل الإفك بما تكلموا به في حق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سموات.

وفيها أيضا قال ابن أبي ابن سلول قولته: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل!"، فسمعه زيد بن أرقم، ونزلت سورة "المنافقون".


كان سبب هذه الغزوة هو إجلاء يهود بني النضير من المدينة؛ حيث إن الحسد والحقد قد تمكنا من قلوبهم، مما جعلهم يضمرون العداء ويتحينون الفرص للتشفي ممن طردهم من المدينة وما حولها.

ولما لم يستطع يهود خيبر وخاصة بني النضير مجابهة المسلمين لجأوا إلى أسلوب المكر والتحريش.

وقد ذكر ابن إسحاق بسنده عن جماعة: أن الذين حزبوا الأحزاب نفر من اليهود، وكان منهم: سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب النضري، وكنانة بن أبي الحقيق النضري، وهوذة بن قيس الوائلي، وأبو عمار الوائلي، في نفر من بني النضير، فلما قدموا على قريش، دعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر يهود، إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه، قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه !!! واختلف العلماء في زمن وقوع هذه الغزوة، فمال البخاري إلى قول موسى بن عقبة: إنها كانت في شوال سنة أربع، بينما ذهبت الكثرة الكاثرة إلى أنها كانت في سنة خمس، قال الذهبي: وهو المقطوع به.

وقال ابن القيم: وهو الأصح.

قام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بحفر خندق في المنطقة المكشوفة أمام الغزاة، وذكر ابن عقبة: أن حفر الخندق استغرق قريبا من عشرين ليلة.

وعن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: اللهم إن العيش عيش الآخره، فاغفر للأنصار والمهاجره، فقالوا مجيبين له: نحن الذين بايعوا محمدا.
.
.

على الجهاد ما بقينا أبدا.

وعن البراء رضي الله عنه قال: لما كان يوم الأحزاب، وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته ينقل من تراب الخندق، حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب يقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا.
.
.

ولا تصدقنا ولا صلينا، فأنزلن سكينة علينا.
.
.

وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الألى قد بغوا علينا.
.
.

وإن أرادوا فتنة أبينا.

قال: ثم يمد صوته بآخرها.

وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في قوله تعالى: {إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار} كان ذاك يوم الخندق.

وعندما وصلت الأحزاب المدينة فوجئوا بوجود الخندق، فقاموا بعدة محاولات لاقتحامه، ولكنهم فشلوا.

واستمر الحصار أربعا وعشرين ليلة.

وثقل الأمر على قريش بسبب الريح التي أكفأت قدورهم وخيامهم، كما قام المسلمون بالتخذيل بين اليهود والمشركين، فأرغموا على الرحيل وهزمهم الله تعالى، وكف شرهم عن المدينة.


وكان سبب نزولها أن عمر رضي الله عنه كان يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم.
.
.

إلى قوله تعالى:.
.
وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن".


وقعت هذه الغزوة بعد غزوة الأحزاب مباشرة، وكان سببها نقض بني قريظة العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم بتحريض من حيي بن أخطب النضري.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسل الزبير لمعرفة نيتهم، ثم أتبعه بالسعدين –سعد بن عبادة وسعد بن معاذ- وابن رواحة، وخوات بن جبير لذات الهدف ليتأكد من غدرهم.

وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، بقتالهم بعد عودته من الخندق ووضعه السلاح، فأوصى عليه الصلاة والسلام أصحابه أن يتوجهوا إلى بني قريظة، وقال لهم: (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة).

كما في رواية البخاري، أو (الظهر) كما في رواية مسلم.

فضرب الرسول صلى الله عليه وسلم الحصار على بني قريظة لمدة خمس وعشرين ليلة على الأرجح، حتى نزلوا على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فأحب أن يكل الحكم عليهم إلى واحد من رؤساء الأوس؛ لأنهم كانوا حلفاء بني قريظة، فجعل الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ، فلما دنا من المسلمين قال الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار: قوموا إلى سيدكم -أو خيركم- ثم قال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك.

قال -أي سعد بن معاذ-: تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وتقسم أموالهم.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قضيت بحكم الله تعالى.

ونفذ الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحكم فيهم، وكانوا أربعمائة على الأرجح.

ولم ينج إلا بعضهم، ثم قسم الرسول صلى الله عليه وسلم أموالهم وذراريهم بين المسلمين.


سار عمرو بن العاص إلى أجنادين وهي تقع قريبا من الفالوجة ومكان عبور فلسطين من الجنوب، إذ رابط فيها الأرطبون، وكانت قوة للروم في الرملة وأخرى في بيت المقدس، وطال تأخر فتحها، وكانت مراسلات بين الطرفين حتى ذهب عمرو بنفسه إلى الأرطبون، وكادوا يقتلونه ولكنه فطن لهم وخادعهم ورجع سالما، ثم حدث قتال عظيم يشبه يوم اليرموك حتى دخل المسلمون أجنادين، ثم تقدموا إلى بيت المقدس.


أرسل أبو عبيدة عامر بن الجراح خالد بن الوليد إلى قنسرين، فلما نزل الحاضر زحف إليهم الروم وعليهم ميناس، وكان من أعظم الروم بعد هرقل، فاقتتلوا فقتل ميناس ومن معه مقتلة عظيمة لم يقتلوا مثلها، فماتوا على دم واحد، وسار خالد حتى نزل على قنسرين فتحصنوا منه، فقالوا: لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم، أو لأنزلكم إلينا، فنظروا في أمرهم ورأوا ما لقي أهل حمص، فصالحوهم على صلح حمص، فأبى خالد إلا على إخراب المدينة فأخربها، فعند ذلك دخل هرقل القسطنطينية؛ وسببه: أن خالدا وعياضا أدربا إلى هرقل من الشام، وأدرب عمرو بن مالك من الكوفة، فخرج من ناحية قرقيسيا، وأدرب عبد الله بن المعتم من ناحية الموصل ثم رجعوا، فعندها دخل هرقل القسطنطينية، وكانت هذه أول مدربة في الإسلام سنة خمس عشرة، وقيل: ست عشرة.

-أدرب في الغزو أي جاوز الدرب إلى العدو-.


فتح المسلمون بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح مدينة حمص، بعد أن حاصروها حصارا شديدا واضطرت المدينة إلى طلب الصلح، فكتب المسلمون لأهلها كتابا بالأمان على أنفسهم وأموالهم.


لما فتح أبو عبيدة الجابية من أعمال دمشق وقنسرين وحاصر أهل مسجد إيليا -أي بيت المقدس- فأبوا أن يفتحوا له، وسألوه أن يرسل إلى صاحبه عمر ليقدم فيكون هو الذي يتولى مصالحتهم، فكتب بذلك إلى عمر فاستخلف علي بن أبي طالب على المدينة, ثم قدم للشام, وكتب إلى أمراء الأجناد أن يوافوه بالجابية ليوم سماه لهم في المجردة، ويستخلفوا على أعمالهم، وكان أول من لقيه فيها أبو عبيدة, فلما دخل الجابية قال له رجل من اليهود: يا أمير المؤمنين، إنك لا ترجع إلى بلادك حتى يفتح الله عليك إيلياء.

فبينما عمر معسكر بالجابية فزع الناس إلى السلاح، فقال: ما شأنكم؟ فقالوا: ألا ترى إلى الخيل والسيوف؟ فنظر فإذا جمع يلمعون بالسيوف.

فقال عمر: مستأمنة فلا تراعوا، فأمنوهم.

وإذا أهل إيلياء، فصالحهم على الجزية, وعلى أن لا يهدم كنائسها، ولا يجلي رهبانها، ففتحوها له، وبنى بها مسجدا، وأقام أياما ثم رجع إلى المدينة.


بعد أن كتب الله النصر للمسلمين وفتحوا إيليا بيت المقدس طلب أهله أن يصالحوا على صلح أهل مدن الشام، وأن يكون المتولي للعقد عمر بن الخطاب، أبى بطريقها أن يسلم مفاتيح القدس إلا للخليفة عمر بن الخطاب، فحضر عمر رضي الله عنه والقصة في دخوله مشهورة، حيث كان يتناوب على بعير مع خادمه، فكانت نوبة عمر المشي حين وصولهم إلى القدس، ولم يرض عمر أن يركب بدلا عن خادمه مع طلب الخادم ذلك، ولم يأبه لتلك الوجاهات المزيفة فدخلها ماشيا، فكان ذلك من العلامات التي زعم البطريق أنها تكون فيمن يستلم المفاتيح، فأخذها عمر وصلى في بيت المقدس واتخذه مسجدا كما كان، ولم يصل بالقرب من الصخرة رغم مشورة بعضهم له بذلك، ثم عقد الصلح مع أهلها وكتب بذلك الشروط المشهورة بالشروط العمرية.


بعد أن تولى عثمان بن عفان الخلافة، وكان عمرو بن العاص هو أمير مصر من قبل عمر بن الخطاب، فعين بدلا عنه عبد الله بن سعد بن أبي السرح، عينه على مصر وخراجها، وأمره كذلك بالانسياح في أفريقيا والتوغل فيها واستكمال الفتوح.


استكملت الفتوحات التي كانت قد بدأت أيام عمر بن الخطاب، أكملها عثمان بن عفان، فقد غزا حبيب بن مسلمة بعض أراضي سوريا التي كانت لا تزال بيد الروم، فدارت معارك على الشواطئ وغيرها من المناطق.


نقض الروم العهد الذي كان بينهم وبين المسلمين بعد أن تولى عبد الله بن أبي السرح ولاية مصر، فكتب أهل الإسكندرية إلى قسطنطين بن هرقل وهونوا عليه فتح الإسكندرية لقلة الحامية من المسلمين، فأنفذ قائده مانوبل الأرمني على رأس جيش كثيف فاستولى عليها، فكتب عثمان إلى عمرو وولاه الإسكندرية، فسار عمرو إليهم فبدأ القتال في نقيوس، وكانت الدولة للمسلمين، ثم أوقف الحرب عمرو ثم سار إلى الإسكندرية وهدم سورها ورجعت مرة أخرى تحت يد المسلمين.


بعد أن جاء وفد من مصر مظهرين العمرة، وجاؤوا المدينة وناقشوا عثمان في بعض الأمر وأظهروا الشكوى والتأفف منه حتى أقنعهم بما يراه حتى خرجوا من عنده راجعين لمصر، ثم جاء وفد من مصر وتواعدوا مع وفد الكوفة ووفد البصرة في المدينة؛ ولكن عددا من الصحابة على رأسهم علي بن أبي طالب قام بمواجهتهم قبل دخول المدينة مما أخافهم، فأظهروا الرجوع إلى أمصارهم، ولكن لم يلبث أهل المدينة بعد عودة علي ومن معه إلا وهؤلاء في المدينة يكبرون وقد قاموا بمحاصرة دار عثمان، وزعموا أن عثمان بعث كتابا بقتل وفد مصر، ورجع الباقون معهم تضامنا، وكان الحصار في بدايته يسيرا، يخرج عثمان فيصلي بالناس، ويأتيه من يأتيه من الصحابة، ثم اشتد الحصار وأراد الصحابة في المدينة قتال هؤلاء المنحرفين؛ ولكن عثمان أبى عليهم ذلك، ولم يرد أن يحدث شيء بسببه يكون فيه سفك للدماء، واشتد الحصار حتى منعوه حتى الماء، ثم وصلت الأخبار أن إمدادات جاءت لنجدة الخليفة، فاستعجل المنحرفون الأمر فأرادوا الدخول على عثمان فمنعهم الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير وغيره، فتسوروا الدار ودخلوه عنوة فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه في داره آمنا، وقتلوا معه غلامين له، وأصيبت زوجته نائلة، ونهبت الدار، ونهبوا كذلك بيت المال، وكانت مدة خلافته اثنتي عشرة سنة إلا أياما، فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ذو النورين، سمي بذلك لأنه تزوج ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم.


لما قتل عثمان بن عفان مظلوما في داره بقي الأمر في المدينة دون خليفة، وكان يديرها الغافقي المصري وهو من رؤوس الفتنة هو وأصحابه، وحاولوا تولية سعد وابن عمر ولكن لم يتم لهم الأمر، فعرض الصحابة الأمر على علي بن أبي طالب فرفض في اليوم الأول، ثم جاءه طلحة والزبير وبايعوه في اليوم الثاني، ثم بايعه الناس إلا القليل من الصحابة، وبذلك تسلم أمور الخلافة رضي الله عنه وأرضاه.

وقد ورد أن عليا قال: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان، ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاؤوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحيي من الله أن أبايع قوما قتلوا رجلا قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأستحيي ممن تستحي منه الملائكة).

وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل في الأرض لم يدفن بعد.

فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس يسألوني البيعة فقلت: اللهم إني أشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزمة فبايعت.


كان معاوية بن خديج أمير أفريقيا، فوجه عبد الله بن الزبير ففتح سوسة، وأما عبد الملك بن مروان فقد استولى على جلولاء ودمر قلعتها البيزنطية.


هي حفصة بنت عمر بن الخطاب، أمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب، كانت تحت خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي، هاجرا سويا للمدينة، ثم توفي عنها بعد بدر فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم طلقها تطليقة ثم ارتجعها، أمره جبريل بذلك وقال: (إن الله يأمرك أن ترجعها إنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة).

توفيت في المدينة في خلافة معاوية عام 45 هـ، ودفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها.


بعد أن انتصر عقبة بن نافع في عدة مواقع في فتوحه في أفريقيا على البربر رأى أن يتخذ مدينة يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة تكون من أهل البلاد، فقصد موضع القيروان، وكان أجمة مشتبكة بها من أنواع الحيوان، فأمر ببناء المدينة، فبنيت، وبنى المسجد الجامع، وبنى الناس مساجدهم ومساكنهم، وكان دورها ثلاثة آلاف باع وستمائة باع، وتم أمرها سنة خمس وخمسين وسكنها الناس، فكانت كمحطة دائمة للمجاهدين يبقون فيها مع أسرهم لا يشعرون بالغربة والسفر، وتكون منطلقهم إلى البلاد ليفتحوها.

وكان في أثناء عمارة المدينة يغزو ويرسل السرايا فتغير وتنهب، ودخل كثير من البربر في الإسلام، واتسعت خطة المسلمين، وقوي جنان من هناك من الجنود بمدينة القيروان، وأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام فيها.


هي صفية بنت حيي بن أخطب، من ولد هارون النبي صلى الله عليه وسلم، وأمها برة بنت سموأل أخت رفاعة، كانت تحت سلام بن مشكم القرظي، ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، سباها النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر وكانت عروسا، وأعتقها وتزوجها بعد مرجعه من خيبر، توفيت في المدينة ودفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها.


هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قديما قبل عمر، هو وامرأته فاطمة بنت الخطاب، وهي كانت سبب إسلام عمر، وكان من المهاجرين الأولين، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بن كعب، صلى عليه عبد الله بن عمر، ونزل في قبره هو وسعد بن أبي وقاص.


هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم، وأمها هند بنت عوف بن زهير، كانت تحت مسعود بن عمرو بن عبد نائل الثقفي في الجاهلية وفارقها، ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود فتوفي عنها فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء، وهي آخر نسائه تزويجا، توفيت في سرف قرب مكة في المكان الذي بنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل توفيت في مكة ونقلت إلى سرف، صلى عليها ابن عباس.


خرج زياد بن خراش العجلي -ثائر من الحرورية على معاوية بن أبي سفيان- في ثلاثمائة فارس، فأتى أرض مسكن من السواد، فسير إليه زياد بن أبيه خيلا عليها سعد بن حذيفة أو غيره، فقتلوهم وقد صاروا إلى ماه، ونشبت معارك انتهت بقتل زياد العجلي.

ثم خرج على زياد بن أبيه أيضا رجل من طيء يقال له: معاذ، فأتى نهر عبد الرحمن ابن أم الحكم في ثلاثين رجلا هذه السنة، فبعث إليه زياد من قتله وأصحابه، وقيل: بل حل لواءه واستأمن.

ويقال لهم: أصحاب نهر عبد الرحمن.


افتتح المسلمون وعليهم جنادة بن أبي أمية "جزيرة رودس" فأقام بها طائفة من المسلمين، كانت أشد شيء على الكفار، يعترضون لهم في البحر ويقطعون سبيلهم، وكان معاوية يدر عليهم الأرزاق والأعطيات الجزيلة، وكانوا على حذر شديد من الفرنج، يبيتون في حصن عظيم فيه حوائجهم ودوابهم وحواصلهم، ولهم نواطير على البحر ينذرونهم إن قدم عدو أو كادهم أحد، وما زالوا كذلك حتى كانت خلافة يزيد بن معاوية بعد أبيه، فحولهم من تلك الجزيرة، وقد كانت للمسلمين بها أموال كثيرة وزراعات غزيرة.


كان هذا الحصار في هذه المرة بقيادة فضالة بن عبيد الأنصاري، وعلى الأسطول البحري عبد الله بن قيس الحارثي، وجنادة بن أبي أمية، وأما أسطول الشام فكان بإمرة يزيد بن شجرة الرهاوي، ودام هذا الحصار إلى عام 57 هـ، احتلوا فيها عدة جزر قريبة كأرواد وكزيكوس، واتخذت قواعد عسكرية, ولم تستطع هذه الحملة الثانية اقتحام القسطنطينية بسبب مناعة أسوارها، وما كان يطلقه البيزنطيون على سفن الأسطول الإسلامي من نيران، فانتهى الأمر بعقد صلح بين المسلمين والبيزنطيين.


هي أكبر الجزر اليونانية، وخامس أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، وصل المسلمون إلى كريت في وقت مبكر، إذ ضربوا الحصار عليها ولم ينتصف القرن الأول الهجري بعد؛ ولكنهم لم يتمكنوا من فتحها، إذ أن قوتهم البحرية لم تكن قد تكاملت بعد.

روى البلاذري: غزا جنادة بن أبي أمية أقريطش، فلما كان زمن الوليد بن عبد الملك فتح بعضها ثم أغلق، وغزاها حميد بن معيوف الهمداني في خلافة الرشيد ففتح بعضها، وكان المسلمون قد شغلوا بالقتال في جبهات أخرى، مما أعان على بقاء حكم الروم في كريت؛ ولكنه لم يكن وطيد الدعائم للاختلاف في مذاهب الدين بين الحاكمين والمحكومين.


البلقان هي شبه جزيرة تقع في الجنوب الشرقي من قارة أوروبا، وتضم عديدامن بلدان شرق أوروبا مثل: المجر، رومانيا، يوغسلافيا سابقا، وبلغاريا.

اتجهت أنظار المسلمين نحو الشمال والغرب حيث الدولة الرومانية الشرقية التي كانت تغير على المناطق الخاضعة لسلطان المسلمين, فرتب معاوية الغزو إليها برا وبحرا، وجهز أسطولا بلغ عدده 1700 سفينة، وفتح عدة جهات كجزيرة رودس وبعض الجزر اليونانية الأخرى، كما أكثر برا من الصوائف والشواتي -حملات الصيف والشتاء-