لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات توفي جده عبد المطلب.

وكان عبد المطلب لما حضرته الوفاة أوصى ابنه أبا طالب بحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحياطته، والقيام عليه، وأوصى به إلى أبي طالب؛ لأن عبد الله -والد النبي صلى الله عليه وسلم- وأبا طالب كانا لأم واحدة، فلما مات عبد المطلب كان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده.

وروى ابن سعد، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره، قالوا: لما توفي عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يكون معه، وكان يحبه حبا شديدا لا يحب ولده مثله، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، وكان يخصه بالطعام، وكان عيال أبي طالب إذا أكلوا جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا.

وكان أبو طالب إذا أراد أن يغديهم أو يعشيهم يقول: كما أنتم حتى يحضر ابني.

فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم فيفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعهم، وإن كان لبنا شرب هو أولهم ثم يتناول العيال القعب -إناء ضخم كالقصعة- فيشربون منه فيروون عن آخرهم من القعب الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعبا وحده، فيقول أبو طالب: "إنك لمبارك!".