Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


بعث معاوية رضي الله عنه إلى الحجاز واليمن بسر بن أبي أرطاة القرشي العامري في جنود ووصل عامله هذا إلى اليمن فتنحى عنها عامل علي عبيد الله بن عباس، وبلغ عليا ذلك فجهز إلى اليمن جارية بن قدامة السعدي فهرب بسر من اليمن، ثم رجع عبيد الله إلى اليمن.


انتدب ثلاثة من الخوارج، وهم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكر التميمي، فاجتمعوا بمكة، فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، ويريحوا العباد منهم، فقال ابن ملجم: أنا لعلي.

وقال البرك: أنا لمعاوية، وقال الآخر: أنا أكفيكم عمرا، فتواثقوا أن لا ينكصوا، واتعدوا بينهم أن يقع ذلك ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى بلد بها صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، وبقي ابن ملجم في الليلة التي عزم فيها على قتل علي يناجي الأشعث بن قيس في مسجده حتى طلع الفجر، فقال له الأشعث: ضحك الصبح، فقام وشبيب فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي، فضرب عليا بسيفه المسموم على رأسه، فلما قتل أخذوا عبد الرحمن بن ملجم وعذبوه فقتلوه.

وكانت مدة خلافة علي خمس سنين، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، ورضي عنه وأرضاه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.


بعد أن قتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه اتجه أهل الكوفة إلى الحسن بن علي فبايعوه بالخلافة، وكان أول من بايعه قيس بن سعد، وبقي في الخلافة ستة أشهر، رأى خلالها تخاذل أصحابه، فرأى ضرورة اتفاق الأمة فآثر الصلح وتنازل لمعاوية بالخلافة، وسمي ذلك العام بعام الجماعة، وكان كما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).

فجزاه الله خيرا ورضي الله عنه وأرضاه.


استطاع عاصم بن جميل أن يهزم حبيب بن عبد الرحمن الفهري، فدخل القيروان وولى عليها عبد الملك بن أبي الجعد، وسار هو خلف حبيب حتى قتله فأصبح للصفرية نفوذهم الكبير في المغرب، ثم لما انهزموا أمام الإباضية اتجهوا نحو المغرب الأقصى والأوسط، واستطاع أبو قرة تأسيس دولة في ناحية تلمسان، كما استطاع أبو القاسم سمكو بن واسول إرساء قواعد دولة بني مدرار في سجلماسة.


خرج الأمير محمد بنفسه إلى طليطلة.

فلما علم أهلها بذلك، أرسلوا إلى أردن بن إذفونش صاحب جليقية، يعلمونه بحركته ويستمدون به.

فبعث إليهم أخاه غثون في جمع عظيم من النصارى.

فلما علم بذلك الأمير محمد، وقد كان قارب طليطلة، أعمل الحيلة والكيد، وأخذ بالحزم، فعبأ الجيوش، وكمن الكمائن بناحية وادي سليط، ثم نصب الردود، وطلع في أوائل العسكر في قلة من العدد.

فلما رأى ذلك أهل طليطلة، أعلموا العلج بما عاينوه من قلة المسلمين، فتحرك العلج فرحا، وقد طمع في الظفر والغنيمة وانتهاز الفرصة.

فلما التقى الجمعان، خرجت الكمائن عن يمين وشمال، وتواترت الخيل أرسالا على أرسال، حتى غشى الأعداء منهم ظلل كالجبال، فانهزم المشركون وأهل طليطلة، وأخذتهم السلاح، قطعا بالسيوف، وطعنا بالرماح، فقتل الله عامتهم، وأباد جماعتهم.

وحز من رؤوسهم مما كان في المعركة وحواليها ثمانية آلاف رأس، وجمعت ورصت؛ فصار منها جبل علاه المسلمون، يكبرون ويهللون ويحمدون ربهم ويشكرون.

وبعث الأمير محمد بأكثرها إلى قرطبة، وإلى سواحل البحر، وإلى العدوة.

وانتهى عدد من فقد منهم في هذه الوقعة إلى عشرين ألفا.


وثب أهل حمص بعاملهم أبي المغيث موسى بن إبراهيم الرافعي، وكان قتل رجلا من رؤسائهم، فقتلوا جماعة من أصحابه، وأخرجوه، وأخرجوا عامل الخراج، فبعث المتوكل إليهم عتاب بن عتاب، ومحمد بن عبدويه الأنباري، وقال لعتاب: قل لهم: إن أمير المؤمنين، قد بدلكم بعاملكم، فإن أطاعوا فول عليهم محمد بن عبدويه، فإن أبوا فأقم وأعلمني، حتى أمدك برجال وفرسان، فساروا إليهم، فرضوا بمحمد بن عبدويه، فعمل فيهم الأعاجيب، حتى أحوجهم إلى محاربته, فأساء إليهم وعسف فيهم، فوثبوا به، وأمده المتوكل بجند من دمشق والرملة، فظفر بهم وقتل منهم جماعة، وأخرج النصارى منها، وهدم كنائسهم، وأدخل منها بيعة في الجامع كانت تجاوره.


هو أفلح بن عبدالوهاب بن عبدالرحمن بن رستم، إمام الرستمية الإباضية الثالث في تاهرت، بويع له للإمامة بعد أبيه عام 190هـ، كان حازما للأمور، وقد خرجت عليه كثير من الحروب والفتن، كان مؤيدا للأمويين في الأندلس، وهو الذي أحرق مدينة العباسية التي بناها الأغالبة عام 239هـ وكافأه على ذلك عبدالرحمن الأوسط أمير الأندلس بمائة ألف درهم، ودامت إمامته للرستمية خمسين سنة، واستخلف بعده ابنه أبو اليقظان.


هو أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد فرج بن جرير بن مالك بن عبد الله بن عباد بن سلام، ولد سنة ستين ومائة بقنسرين، ونشأ بدمشق, وكان أبوه تاجرا يفد إلى الشام، ثم وفد إلى العراق وأخذ ولده هذا معه إلى العراق، فارتحل للبصرة، واتصل ابن أبي دؤاد بأصحاب واصل بن عطاء، وعنهم أخذ مذهب الاعتزال، ثم اتصل بالمأمون فكان قاضي القضاة، وكان موصوفا بالجود والسخاء وحسن الخلق ووفور الأدب، غير أنه أعلن بمذهب الجهمية، وحمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن، لم يكن بعد البرامكة أكرم منه، ولولا ما وضع من نفسه من محبة المحنة، لاجتمعت عليه الإنس.

حث المأمون على امتحان العلماء والناس بمسألة خلق القرآن، وبقي كذلك مع المعتصم ومع الواثق، كل ذلك هو رأس الفتنة وفتيل نارها، حتى جاء المتوكل، وكان ابن أبي دؤاد قد دعا على نفسه إن لم يكن الواثق قد قتل أحمد بن نصر كافرا، فأصابه الله بالفالج، فبقي أربع سنين محبوسا بمرضه ذلك، فعزله المتوكل وأمر بمصادرة أمواله، فصولح على ستة عشر مليون درهم، توفي في بغداد عن ثمانين سنة- عامله الله بما يستحق.


رفع إلى وزير معز الدولة الحسن المهلبي أن رجلا يعرف بالبصري مات ببغداد، وهم مقدم القراقرية، يدعي أن روح أبي جعفر محمد بن علي بن أبي القراقر قد حلت فيه، وأنه خلف مالا كثيرا كان يجبيه من هذه الطائفة، وأن له أصحابا يعتقدون ربوبيته، وأن أرواح الأنبياء والصديقين حلت فيهم، فأمر بالختم على التركة، والقبض على أصحابه، والذي قام بأمرهم بعده، فلم يجد إلا مالا يسيرا، ورأى دفاتر فيها أشياء من مذاهبهم، وكان فيهم غلام شاب يدعي أن روح علي بن أبي طالب حلت فيه، وامرأة يقال لها فاطمة تدعي أن روح فاطمة حلت فيها، وخادم لبني بسطام يدعي أنه ميكائيل، فأمر بهم المهلبي فضربوا ونالهم مكروه، ثم إنهم توصلوا بمن ألقى إلى معز الدولة أنهم من شيعة علي بن أبي طالب، فأمر بإطلاقهم، وخاف المهلبي أن يقيم على تشدده في أمرهم فينسب إلى ترك التشيع، فسكت عنهم.


كان المنصور الفاطمي- صاحب إفريقية- قد استعمل على صقلية سنة 336 الحسن بن علي بن أبي الحسين الكلبي، فدخلها واستقر بها، وغزا الروم الذين بها عدة غزوات، فاستمدوا ملك قسطنطينية فسير إليهم جيشا كثيرا، فنزلوا أذرنت، فأرسل الحسن بن علي إلى المنصور يعرفه الحال، فسير إليه جيشا كثيفا مع خادمه فرح، فجمع الحسن جنده مع الواصلين وسار إلى ريو، وبث السرايا في أرض قلورية، وحاصر الحسن جراجة أشد حصار، فأشرف أهلها على الهلاك من شدة العطش، ولم يبق إلا أخذها، فأتاه الخبر أن عسكر الروم واصل إليه، فهادن أهل جراجة على مال يؤدونه، وسار إلى الروم، فلما سمعوا بقربه منهم انهزموا بغير قتال، وتركوا أذرنت، ونزل الحسن على قلعة قسانة، وبث سراياه تنهب، فصالحه أهل قسانة على مال، ولم يزل كذلك إلى شهر ذي الحجة، وكان المصاف بين المسلمين وعسكر قسطنطينية ومن معه من الروم الذين بصقلية، ليلة الأضحى، واقتتلوا، واشتد القتال، فانهزم الروم وركبهم المسلمون يقتلون ويأسرون إلى الليل، وغنموا جميع أثقالهم وسلاحهم، ودوابهم، وسير الرؤوس إلى مدائن صقلية، وإفريقية، وحصر الحسن جراجة، فصالحوه على مال يحملونه، ورجع عنهم، وسير سرية إلى مدينة بطرقوقة، ففتحوها وغنموا ما فيها، ولم يزل الحسن بجزيرة صقلية إلى سنة إحدى وأربعين، فمات المنصور، فسار عنها إلى إفريقية، واتصل بالمعز بن المنصور، واستخلف على صقلية ابنه أبا الحسين أحمد.


كانت للمسلمين غزوات على نصارى الأندلس، نصرهم الله فيها.

منها فتح على يد قائد بطليوس بجيليقة، هزمهم أقبح هزيمة، قتل جملة من حماتهم ومقاتلتهم، وسبى من نسائهم وذراريهم نيفا وثلاثمائة رأس، ووصل ذلك السبي إلى قرطبة، وفتح آخر على يدي أحمد بن يعلى قائد الناصر، وفتح آخر على يدي رشيق قائد الناصر على طلبيرة، وفتح آخر على يدي يحيى بن هاشم النجيبي.


قلع حجبة الكعبة الحجر الأسود لا لأخذه، بل لعدم رضاهم عن وضع سنبر بن الحسن صاحب القرمطي الذي وضعه لما ردوه في العام الماضي، فجعلوه في الكعبة، فأحبوا أن يجعلوا له طوقا من فضة فيشد به كما كان قديما، كما عمله عبد الله بن الزبير، وأخذ في إصلاحه صانعان حاذقان فأحكماه.

قال أبو الحسن محمد بن نافع الخزاعي: " دخلت الكعبة فيمن دخلها فتأملت الحجر، فإذا السواد في رأسه دون سائره, وسائره أبيض، وكان طوله فيما حزرت مقدار عظم الذراع ".


هو منصور بن قراتكين، صاحب الجيوش الخراسانية، من أكابر أصحاب نوح وخواصه؛ أمير ما وراء النهر وخراسان.

توفي بعد عودته من أصبهان إلى الري، ذكر العراقيون أنه أدمن الشرب عدة أيام بلياليها، فمات فجأة، وقال الخراسانيون إنه مرض ومات، فالله أعلم.

ولما مات رجعت العساكر الخراسانية إلى نيسابور، وحمل تابوت منصور، ودفن إلى جانب والده باسبيجاب.


هو أبو المظفر بن أبي علي بن محتاج صاحب جيوش خراسان، توفي ببخارى كان قد ركب دابة أنفذها إليه أبوه، فألقته وسقطت عليه فهشمته، فمات من يومه، وعظم موته على الناس كافة، وشق موته على الأمير نوح الساماني أمير بلاد ما وراء النهر، وحمل إلى الصغانيان إلى والده أبي علي.


هو إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المعروف بأبي إسحق المروزي، ينسب إلى مرو الشاهجان، وهي إحدى حواضر خراسان.

كان إمام عصره في الفتوى والتدريس، وانتهت إليه رئاسة الفقه في العراق بعد ابن سريج، أخذ الفقه عن عبدان المروزي وابن سريج والإصطخري.

أقام ببغداد زمنا طويلا يدرس ويفتي، وتخرج على يديه خلق كثير.

ثم انتقل إلى مصر في آخر حياته، وجلس بها مجلس الشافعي يدرس ويفتي، فانتفع به خلق كثير في الفقه.

صنف كتبا كثيرة؛ منها: " شرح مختصر المزني " و " الفصول في معرفة الأصول " وكتاب " الشروط ".

وقد ضم إلى التبحر في الفقه الورع والتقوى.

وكانت وفاته بمصر.


هو عبيد الله بن الحسن بن دلال بن دلهم، المعروف بأبي الحسن الكرخي، أحد مشايخ الحنفية المشهورين، ولد سنة 260 وسكن بغداد ودرس فقه أبي حنيفة وانتهت إليه رئاسة أصحابه في البلاد، وكان متعبدا صبورا على الفقر عزوفا عما في أيدي الناس، ولكنه كان رأسا في الاعتزال، وقد سمع الحديث من إسماعيل بن إسحاق القاضي، وروى عنه حيوة وابن شاهين، وأصابه الفالج في آخر عمره، فاجتمع عنده بعض أصحابه وتشاوروا فيما بينهم أن يكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان ليساعده بشيء يستعين به في مرضه، فلما علم بذلك رفع رأسه إلى السماء وقال: " اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني ".

فمات عقب ذلك قبل أن يصل إليه ما أرسل به سيف الدولة، وهو عشرة آلاف درهم، فتصدقوا بها بعد وفاته، وقد توفي عن ثمانين سنة.


تجهز يمين الدولة إلى الهند عازما على غزوها، فسار إليها واخترقها واستباحها ونكس أصنامها.

فلما رأى ملك الهند أنه لا قوة له به، راسله في الصلح والهدنة على مال يؤديه، وخمسين فيلا، وأن يكون له في خدمته ألفا فارس لا يزالون، فقبض منه ما بذله، وعاد عنه إلى غزنة.


أنفذ الحاكم العبيدي الفاطمي إلى دار جعفر بن محمد الصادق بالمدينة، فأخذ منها مصحفا وآلات كانت بها، وكان مع المصحف خشب مطوق بحديد وخيزران، وحربة وسرير، حمل ذلك كله جماعة من العلويين إلى الديار المصرية، فأطلق لهم الحاكم أنعاما كثيرة ونفقات زائدة، ورد السرير وأخذ الباقي، وقال: أنا أحق به.


لما شاع صنيع الحاكم في الأمور التي خرق العادات فيها، ودعي عليه في أعقاب الصلوات وظوهر بذلك، أشفق وخاف، وأمر بعمارة دار العلم وفرشها، ونقل إليها الكتب العظيمة، وأسكنها من شيوخ السنة شيخين، يعرف أحدهما بأبي بكر الأنطاكي، وخلع عليهما وقربهما ورسم لهما بحضور مجلسه وملازمته، وجمع الفقهاء والمحدثين إليها، وأمر أن يقرأ بها فضائل الصحابة، ورفع عنهم الاعتراض في ذلك، وأظهر الميل إلى مذهب الإمام مالك والقول به، ولبس الصوف في هذه السنة يوم الجمعة عاشر شهر رمضان، وركب الحمار، وأظهر النسك وملأ كفه دفاتر، وخطب بالناس يوم الجمعة وصلى بهم، ومنع من أن يخاطب يا مولانا، ومن تقبيل الأرض بين يديه، وأقام الرواتب لمن يأوي المساجد من الفقراء والقراء والغرباء وأبناء السبيل، وأجرى لهم الأرزاق، وأقام على ذلك ثلاث سنين، ثم بدا له بعد ذلك، فقتل الفقيه أبا بكر الأنطاكي والشيخ الآخر، وخلقا كثيرا آخر من أهل السنة، لا لأمر يقتضي ذلك، وفعل ذلك كله في يوم واحد.

وأغلق دار العلم، ومنع من جميع ما كان فعله، وعاد إلى ما كان عليه أولا من قتل العلماء والفقهاء، وأزيد.


استمر محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر المهدي في خلافة الأندلس، إلى أن خرج عليه سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر، فهرب المهدي محمد بن هشام، واستولى سليمان على الخلافة في أوائل شوال سنة 400هـ، ثم جمع المهدي محمد بن هشام جمعا وقصد سليمان بقرطبة، فهرب سليمان وعاد المهدي إلى الخلافة في منتصف شوال، ثم اجتمع كبار العسكر وقبضوا على المهدي، وأخرجوا المؤيد من الحبس، وأعادوه إلى الخلافة في سابع ذي الحجة من هذه السنة، وأحضروا المهدي بين يديه، فأمر بقتله، فقتل، واستمر المؤيد في الخلافة، وقام بتدبير أمره واضح العامري، ثم قبض المؤيد على واضح العامري وقتله، فكثرت الفتن على المؤيد، واتفقت البربر مع سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر، وسار وحصر المؤيد بقرطبة، وملكها سليمان عنوة، وأخرج المؤيد من القصر، ولم يتحقق للمؤيد خبر بعد ذلك، وبويع لسليمان بالخلافة في منتصف شوال من سنة ثلاث وأربعمئة، وتلقب بالمستعين بالله.


كانت بلاد الغور تجاور غزنة، وكان الغور يقطعون الطريق، ويخيفون السبيل، وبلادهم جبال وعرة، ومضايق غلقة، وكانوا يحتمون بها، ويعتصمون بصعوبة مسلكها، فلما كثر ذلك منهم أنف يمين الدولة محمود بن سبكتكين أن يكون مثل أولئك المفسدين جيرانه، وهم على هذه الحال من الفساد والكفر، فجمع العساكر وسار إليهم، وعلى مقدمته التونتاش الحاجب، صاحب هراة، وأرسلان الجاذب صاحب طوس، وهما أكبر أمرائه، فسارا فيمن معهما حتى انتهوا إلى مضيق قد شحن بالمقاتلة، فتناوشوا الحرب، وصبر الفريقان، فسمع يمين الدولة الحال، فجد في السير إليهم، وملك عليهم مسالكهم، فتفرقوا، وساروا إلى عظيم الغورية المعروف بابن سوري، فانتهوا إلى مدينته التي تدعى اهنكران، فبرز من المدينة في عشرة آلاف مقاتل، فقاتلهم المسلمون إلى أن انتصف النهار، فرأوا أشجع الناس وأقواهم على القتال، فأمر يمين الدولة أن يولوهم الأدبار على سبيل الاستدراج، ففعلوا، فلما رأى الغورية ذلك ظنوه هزيمة، فاتبعوهم حتى أبعدوا عن مدينتهم، فحينئذ عطف المسلمون عليهم ووضعوا السيوف فيهم فأبادوهم قتلا وأسرا، وكان في الأسرى كبيرهم وزعيمهم ابن سوري، ودخل المسلمون المدينة وملكوها، وغنموا ما فيها، وفتحوا تلك القلاع والحصون التي لهم جميعها، فلما عاين ابن سوري ما فعل المسلمون بهم شرب سما كان معه، فمات وأظهر يمين الدولة في تلك الأعمال شعار الإسلام، وجعل عندهم من يعلمهم شرائعه، ثم عاد إلى غزنة.


اشتد الغلاء بخراسان جميعها، وعدم القوت، حتى أكل الناس بعضهم بعضا، فكان الإنسان يصيح: الخبز الخبز! ويموت، ثم تبعه وباء عظيم حتى عجز الناس عن دفن الموتى.


هو العلامة أبو عبيد أحمد بن محمد بن أبي عبيد العبدي الهروي الشافعي اللغوي المؤدب، صاحب "الغريبين" اللغوي البارع، كان من أعلم الناس في الأدب واللغة.

وكتابه "الغريبين في معرفة القرآن والحديث" يدل على اطلاعه وتبحره في هذا الشأن، وكان من تلامذة أبي منصور الأزهري.

قال ابن خلكان: " سار كتابه في الآفاق، وهو من الكتب النافعة, وقيل: كان يحب البذلة - البذلة ترك الاحتشام والتصون، وتدني السلوك- وكان يتناول في الخلوة، ويعاشر أهل الدب في مجالس اللذة والطرب، عفا الله عنه وعنا, وأشار الباخرزي في ترجمة بعض أدباء خراسان إلى شيء من ذلك، والله أعلم ".


كتب ببغداد محضر يتضمن الطعن والقدح في نسب الفاطميين، وهم ملوك مصر فليسوا كذلك، وإنما نسبهم إلى عبيد بن سعد الجرمي، وكتب في ذلك جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول، والصالحين والفقهاء، والمحدثين، وشهدوا جميعا أن الحاكم بمصر: منصور بن نزار الملقب بالحاكم- حكم الله عليه بالبوار والخزي والدمار- بن معد بن إسماعيل بن عبد الله بن سعيد، لا أسعده الله؛ فإنه لما صار إلى بلاد المغرب تسمى بعبيد الله، وتلقب بالمهدي، وأن من تقدم من سلفه أدعياء خوارج، لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، ولا يتعلقون بسبب، وأنه منزه عن باطلهم، وأن الذي ادعوه إليه باطل وزور، وأنهم لا يعلمون أحدا من أهل بيوتات علي بن أبي طالب توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج كذبة، وقد كان هذا الإنكار لباطلهم شائعا في الحرمين، وفي أول أمرهم بالمغرب منتشرا انتشارا يمنع أن يدلس أمرهم على أحد، أو يذهب وهم إلى تصديقهم فيما ادعوه، وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار، ملحدون زنادقة، معطلون، وللإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وأحلوا الخمر، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية.

وقد كتب خطه في المحضر خلق كثير؛ فمن العلويين: الشريف المرتضى وأخوه الرضي، وابن البطحاوي العلوي، وابن الأزرق الموسوي، والزكي أبو يعلى عمر بن محمد، ومن القضاة: ابن الأكفاني، وابن الخرزي، وأبو العباس الأبيوردي، وأبو عبد الله بن النعمان، فقيه الشيعة، ومن الفقهاء: أبو حامد الإسفراييني، والكشفلي، والقدوري، والصيمري، وأبو عبد الله بن البيضاوي، وأبو الفضل النسوي، ومن الشهود: أبو القاسم التنوخي في كثير منهم، وكتب فيه خلق كثير غيرهم.

قال أبو الفرج بن الجوزي: "ومما يدل على أن هؤلاء أدعياء كذبة، كما ذكر هؤلاء السادة العلماء، والأئمة الفضلاء، وأنهم لا نسب لهم إلى علي بن أبي طالب، ولا إلى فاطمة، كما يزعمون؛ قول ابن عمر للحسين بن علي حين أراد الذهاب إلى العراق، وذلك حين كتب عوام أهل الكوفة بالبيعة إليه، فقال له ابن عمر: لا تذهب إليهم؛ فإني أخاف عليك أن تقتل، وإن جدك قد خير بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة على الدنيا، وأنت بضعة منه، وإنه- والله- لا تنالها لا أنت ولا أحد من خلفك ولا من أهل بيتك، فهذا الكلام الحسن الصحيح المتوجه المعقول، من هذا الصحابي الجليل، يقتضي أنه لا يلي الخلافة أحد من أهل البيت إلا محمد بن عبد الله المهدي الذي يكون في آخر الزمان عند نزول عيسى بن مريم؛ رغبة بهم عن الدنيا، وألا يدنسوا بها.

ومعلوم أن هؤلاء قد ملكوا ديار مصر مدة طويلة، فدل ذلك دلالة قوية ظاهرة على أنهم ليسوا من أهل البيت، كما نص عليه سادة الفقهاء".

قال ابن كثير: "وقد صنف القاضي الباقلاني كتابا في الرد على هؤلاء، وسماه: (كشف الأسرار وهتك الأستار) بين فيه فضائحهم وقبائحهم، ووضح أمرهم لكل أحد، ووضوح أمرهم ينبئ عن مطاوي أفعالهم وأقوالهم، وقد كان الباقلاني يقول في عبارته عنهم: هم قوم يظهرون الرفض، ويبطنون الكفر المحض".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهؤلاء القوم- يعني العبيديين- يشهد عليهم علماء الأمة وأئمتها وجماهيرها أنهم كانوا منافقين زنادقة، يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر, وقد علم أن جمهور الأمة تطعن في نسبهم، ويذكرون أنهم من أولاد المجوس أو اليهود، هذا مشهور من شهادة علماء الطوائف: من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وأهل الحديث، وأهل الكلام، وعلماء النسب، والعامة وغيرهم, وهذا أمر قد ذكره عامة المصنفين لأخبار الناس وأيامهم، حتى بعض من قد يتوقف في أمرهم، كابن الأثير الموصلي في تاريخه، ونحوه؛ فإنه ذكر ما كتبه علماء المسلمين بخطوطهم في القدح في نسبهم"


في هذه السنة أذن فخر الملك وزير بهاء الدولة البويهي للروافض أن يعملوا بدعتهم الشنعاء، والفضيحة الصلعاء، من الانتحاب والنوح والبكاء، وتعليق المسوح، وأن تغلق الأسواق من الصباح إلى المساء، وأن تدور النساء حاسرات عن وجوههن ورؤوسهن، يلطمن خدودهن، كفعل الجاهلية الجهلاء، على الحسين بن علي رضي الله عنه.


كان ملك قصدار قد صالح يمين الدولة محمود سبكتكين على مال يؤديه إليه، ثم قطعه اغترارا بحصانة بلده، وكثرة المضايق في الطريق، واحتمى بايلك الخان، وكان يمين الدولة يريد قصدها، فيتقي ناحية إيلك الخان، فلما فسد ذات بينهما صمم العزم وقصدها وتجهز، وأظهر أنه يريد هراة، فسار من غزنة في جمادى الأولى، فلما استقل على الطريق، سار نحو قصدار، فسبق خبره، وقطع تلك المضايق والجبل، فلم يشعر صاحبها إلا وعسكر يمين الدولة قد أحاط به ليلا، فطلب الأمان فأجابه وأخذ منه المال الذي كان قد اجتمع عنده، وأقره على ولايته وعاد.


تأسست إمارة بني نجاح على أنقاض دولة بني زياد، أسسها الأمير نجاح، مولى مرجان الحبشي، حاجب أمير بني زياد بعد انتهاء دولة بني زياد، فقضى على مولاه مرجان وعلى منافسه نفيس، اللذين قتلا الأمير عبد الله بن أبي الجيش آل زياد.

فأعلن نفسه سلطانا على تهامة، وضبط الأمير نجاح تهامة ضبطا تاما، أما الجبال التي كانت خاضعة لأسلافه فإنها أفلتت من يده.

وقامت صراعات بين النجاحيين والصليحيين كثيرا، وشرع نجاح في مراسلة الخليفة العباسي القادر بالله ببغداد معلنا ولاءه وطاعته للدولة العباسية، فأجازه بذلك ونعته بالمؤيد نصير الدين.

وساعده في مقاومة الصليحيين في الحروب الطويلة والتقليدية التي قامت بين الدولتين طيلة عهديهما تقريبا.

وبعد مقتله بالسم عام 452هـ عن طريق جارية جميلة أهداها إليه علي بن محمد الصليحي استولى بنو صليح على المدينة، وضموها إليهم حتى استردها سعيد بن نجاح عام 473هـ-1080م.

ولما كان أولاد الأمير نجاح عند موته دون البلوغ فإنه قام بالأمر عنهم مولى أبيهم مرجان الكهلاني.


هو إيلك الخان علي بن نصر أحد ملوك الكرخانيين _ إيلك الخان: لقب ملوك الكرخانيين التركي- وكان أيلك خان خيرا عادلا محبا للدين وأهله.

دخلت قبائل الكرخانيين في الإسلام في نهاية القرن الرابع، وقد تمكن إيلك الخان أن يأخذ بخارى وسمرقند من السامانيين، ثم حاول أن يتوسع في خراسان، لكن السلطان محمود الغزنوي هزمه في أكثر من موقعة.

توفي إيلك الخان وهو يتجهز للعود إلى خراسان، ليأخذ بثأره من يمين الدولة الغزنوي، وكاتب قدرخان وأخاه طغان خان ليساعداه على ذلك، فلما توفي ولي بعده أخوه طغان، فراسل يمين الدولة وصالحه، وقال له: المصلحة للإسلام والمسلمين أن تشتغل أنت بغزو الهند، وأشتغل أنا بغزو الترك، وأن يترك بعضنا بعضا، فوافق ذلك هواه، فأجابه إليه، وزال الخلاف، واشتغلا بغزو الكفار.


اجتمع البربر فقدموا على أنفسهم سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر، فنهض بالبربر إلى الثغر واستجاش بالنصارى وأتى بهم إلى باب قرطبة فبرز إليه جماعة أهل قرطبة، فلم تكن إلا ساعة حتى قتل من أهل قرطبة نيف وعشرون ألف رجل في جبل هنالك يعرف بجبل قنطش، وهي الوقعة المشهورة، ذهب فيها من الخيار والفقهاء وأئمة المساجد والمؤذنين خلق كثير، واستتر محمد بن هشام المهدي أياما ثم لحق بطليطلة، وكانت الثغور كلها من طرطوشة إلى الأشبونة باقية على طاعته ودعوته، واستجاش بالإفرنج وأتى بهم إلى قرطبة، فبرز إليه سليمان بن الحكم مع البربر إلى موضع بقرب قرطبة على نحو بضعة عشر ميلا يدعى دار البقر، فانهزم سليمان والبربر، واستولى المهدي على قرطبة ثم خرج بعد أيام إلى قتال جمهور البربر، وكانوا قد عاثوا بالجزيرة، فالتقوا بموضع يعرف بوادي أره، فكانت الهزيمة على محمد بن هشام المهدي، وانصرف إلى قرطبة، فوثب عليه العبيد مع واضح الصقلبي فقتلوه وردوا هشاما المؤيد، فكانت مدة ولاية المهدي منذ قام إلى أن قتل سبعة عشر شهرا من جملتها الستة الأشهر التي كان فيها سليمان بقرطبة، وكان هو بالثغر، وانقرض عقبه فلا عقب له، فقام سليمان بن الحكم يوم الجمعة لست خلون من شوال سنة 399هـ وتلقب بالمستعين بالله، ثم دخل قرطبة في ربيع الآخر سنة 400ه، فتلقب حينئذ بالظافر بحول الله، مضافا إلى المستعين بالله، ثم خرج عنها في شوال من السنة بعينها، فلم يزل يجول بعساكر البربر معه في بلاد الأندلس يفسد وينهب ويقفر المدائن والقرى بالسيف والغارة، لا يبقي البربر معه على صغير ولا كبير، ولا امرأة، إلى أن دخل قرطبة في صدر شوال سنة 403، وأحضر هشام المؤيد فخلعه من الخلافة، وأمره بمبايعته، فبويع لسليمان هذا، ثم قبض على القائد واضح قائد هشام المؤيد وقتله.


خلع سلطان الدولة على أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي، وهو أول من تقدم من أهل بيته؛ حيث أسند له إمارة الحلة، فكانت هذه بداية دولتهم التي استمرت إلى عام 545هـ