Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


غزا مسلم بن سعيد الترك فعبر النهر وعاث في بلادهم ولم يفتح شيئا وقفل، فأتبعه الترك ولحقوه على النهر فعبر بالناس ولم ينالوا منه، ثم غزا بقية السنة وحاصر افشين حتى صالحوه على ستة آلاف رأس، ثم دفعوا إليه القلعة، ثم غزا سنة ست ومائة وتباطأ عنه الناس, ولما قطع مسلم النهر وصار ببخارى أتاه كتاب من خالد بن عبد الله القسري بولايته على العراق، ويأمره بإتمام غزاته, فسار إلى فرغانة، فلما وصلها بلغه أن خاقان قد أقبل إليه وأنه في موضع ذكروه، فارتحل، فسار ثلاث مراحل في يوم، وأقبل إليهم خاقان فلقي طائفة من المسلمين وأصاب دواب لمسلم بن سعيد، وقتل أخو غوزك وثار الناس في وجوههم فأخرجوهم من العسكر، ورحل مسلم بالناس فسار ثمانية أيام وهم مطيفون بهم، فلما كانت التاسعة أرادوا النزول فشاور الناس، فأشاروا عليه بالنزول وقالوا: إذا أصبحنا وردنا الماء، والماء منا غير بعيد.

فنزلوا ولم يرفعوا بناء في العسكر، وأحرق الناس ما ثقل من الآنية والأمتعة، فحرقوا ما قيمته ألف ألف، وأصبح الناس فساروا فوردوا النهر وأهل فرغانة والشاش دونه، فقال مسلم بن سعيد: أعزم على كل رجل إلا اخترط سيفه، ففعلوا وصارت الدنيا كلها سيوفا، فتركوا الماء وعبروا.

فأقام يوما ثم قطع من غد واتبعهم ابن لخاقان، فأرسل إليه حميد بن عبد الله، وهو على الساقة: فقال له: قف لي فإن خلفي مائتي رجل من الترك حتى أقاتلهم.

وهو مثقل جراحة، فوقف الناس وعطف على الترك فقاتلهم، وأسر أهل الصغد وقائدهم وقائد الترك في سبعة ومضى البقية، ورجع حميد فرمي بنشابة في ركبته فمات.

وعطش الناس، وكان عبد الرحمن العامري حمل عشرين قربة على إبله فسقاها الناس جرعا جرعا، استسقى مسلم بن سعيد، فأتوه بإناء، فأخذه جابر أو حارثة بن كثير أخو سليمان بن كثير من فيه، فقال مسلم: دعوه فما نازعني شربتي إلا من حر دخله.

وأتوا خجندة، وقد أصابهم مجاعة وجهد، فانتشر الناس.


غزا عنبسة بن سحيم الكلبي أمير الأندلس بلد الفرنج في جمع كثير، ونازل مدينة قرقسونة وحصر أهلها، فصالحوه على نصف أعمالها، وعلى جميع ما في المدينة من أسرى المسلمين وأسلابهم، وأن يعطوا الجزية، ويلتزموا بأحكام الذمة من محاربة من حاربه المسلمون، ومسالمة من سالموه، فعاد عنهم عنبسة، ثم توغل داخل فرنسا وغزا إقليم الرون وبرفانس وليون وبورغونيا حتى وصل أعالي الرون.

وتوفي في شعبان سنة سبع ومائة عند انصرافه من غزو الإفرنج.


هو يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو خالد القرشي الأموي، أمير المؤمنين، وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية.

بويع له بالخلافة بعد عمر بن عبد العزيز في رجب من سنة إحدى ومائة، بعهد من أخيه سليمان أن يكون الخليفة بعد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، توفي يوم الجمعة لخمس بقين من رجب.


تولى هشام الخلافة بعد وفاة أخيه يزيد بن عبد الملك وبعهد منه إليه بذلك.


خرج باليمن رجل يقال له: عباد الرعيني، فدعا إلى مذهب الخوارج، واتبعه فرقة من الناس وحكموا، فقاتلهم يوسف بن عمر الثقفي فقتله وقتل أصحابه، وكانوا ثلاثمائة.


هو أبو أيوب سليمان بن يسار، ولد في خلافة عثمان سنة أربع وثلاثين, مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان عالما ثقة عابدا ورعا حجة، كثير الصيام، فقيها كبيرا، أبوه فارسي، روى عن مولاته ميمونة، وعن عائشة، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة، كان من أوعية العلم بحيث إن بعضهم قد فضله على سعيد بن المسيب، وكان سعيد بن المسيب يحيل عليه المستفتين, ويقول عنه: "إنه أعلم من بقي اليوم"، يقول الإمام مالك عنه: "كان سليمان بن يسار من علماء الناس بعد سعيد بن المسيب، وكان كثيرا ما يوافقه"، وتوفي في المدينة.


غزا أسد القسري جبال نمروذ ملك القرقيسيان، مما يلي جبال الطالقان، فصالحه نمروذ وأسلم على يديه.

وفيها غزا أسد القسري الغور -وهي جبال هراة- عمد أهلها إلى حواصلهم وأموالهم وأثقالهم فجعلوا ذلك كله في كهف منيع، لا سبيل لأحد عليه، وهو مستعل جدا، فأمر أسد بالرجال فحملوا في توابيت ودلاهم إليه، وأمر بوضع ما هنالك في التوابيت ورفعوهم فسلموا وغنموا.


هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، من سادات التابعين, كان ثقة عالما، مات أبوه وعمره سبع سنوات, تربى في حجر عمته عائشة رضي الله عنها فتفقه عليها، فكان فقيها إماما ورعا كثير الحديث، قال أبو الزناد: ما رأيت أحدا أعلم بالسنة من القاسم بن محمد، وما كان الرجل يعد رجلا حتى يعرف السنة، وما رأيت أحدا أحد ذهنا من القاسم.

قيل: إنه مات بقديد، فقال: كفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها، قميصي وردائي، هكذا كفن أبو بكر.

وأوصى أن لا يبنى على قبره.


هو عنبسة بن سحيم الكلبي -نسبة إلى قبيلة كلب اليمانية، المعروفة بتأييدها للأمويين- والي الأندلس، ومن قادة الدولة الأموية الأفذاذ، له فتوحات واسعة في أوروبا، وقد أصيب بجراحات في بعض الوقائع مع الفرنج، فكانت سبب وفاته، رحمه الله, وكانت ولايته على الأندلس أربع سنين وأربعة أشهر.


غزا معاوية بن هشام أرض الروم ففتح حصنا يقال له طيبة، فأصيب معه قوم من أهل أنطاكية.


دعا أشرس بن عبد الله السلمي نائب خراسان أهل الذمة بسمرقند ومن وراء النهر إلى الدخول في الإسلام، ويضع عنهم الجزية فأجابوه إلى ذلك، وأسلم غالبهم، ثم طالبهم بالجزية فنصبوا له الحرب وقاتلوه، ثم كانت بينه وبين الترك حروب كثيرة.


الفرزدق هو همام بن غالب التميمي أبو فراس، له مواقف وأشعار في الذب عن آل البيت، كان غالب شعره الفخر، توفي وعمره يقارب المائة.

وجده صعصعة بن ناجية صحابي، وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحيي الموءودة في الجاهلية.

قال: الفرزدق وفدت مع أبي على علي، فقال: من هذا؟ قال: ابني وهو شاعر.

قال: علمه القرآن فهو خير له من الشعر.

قال الفرزدق: نظر أبو هريرة إلى قدمي فقال: يا فرزدق إني أرى قدميك صغيرتين، فاطلب لهما موضعا في الجنة.

فقلت: إن ذنوبي كثيرة.

فقال: لا تيأس.

و لما سئل عن قيد في رجله قال: حلفت أن لا أنزعه حتى أحفظ القرآن.

قال له بعضهم: ألا تخاف من الله في قذف المحصنات؟ فقال: والله لله أحب إلي من عيني اللتين أبصر بهما، فكيف يعذبني؟.

أما جرير فهو جرير بن عطية بن الخطفي، أبو حزرة، الشاعر البصري.

اشتهر جرير برقة شعوره وحسن خلقه.

سمته أمه جريرا -وهو الحبل الغليظ- لأن أمه رأت وهي حامل به أنها ولدت جريرا يعني الحبل، فسمته بذلك، توفي وهو ابن اثنين وثمانين عاما، وكان في عصره من الشعراء الذين يقارنون به الفرزدق، والأخطل، وكان بين الثلاثة تناظر بالأشعار وتساجل، وكان جرير أشعرهم وأخيرهم.

لما مات الفرزدق وبلغ خبره جريرا بكى وقال: أما والله إني لأعلم أني قليل البقاء بعده، ولقد كان نجما واحدا وكل واحد منا مشغول بصاحبه، وقلما مات ضد أو صديق إلا وتبعه صاحبه.

وكذلك كان، مات جرير بعده بأشهر.


قاتل مسلمة بن عبد الملك ملك الترك الأعظم خاقان، فزحف إلى مسلمة في جموع عظيمة فتواقفوا نحوا من شهر، ثم هزم الله خاقان زمن الشتاء، ورجع مسلمة سالما غانما، فسلك على مسلك ذي القرنين في رجوعه إلى الشام، وتسمى هذه الغزاة غزاة الطين، وذلك أنهم سلكوا على مغارق ومواضع غرق فيها دواب كثيرة، وتوحل فيها خلق كثير، فما نجوا حتى قاسوا أهوالا صعابا وشدائد عظاما.


هو أبو سعيد الحسن بن يسار البصري، ولد قبل سنتين من نهاية خلافة عمر بن الخطاب في المدينة عام 21هـ.

كانت أمه تخدم أم سلمة، وربما أرسلتها في الحاجة فتشتغل عن ولدها الحسن وهو رضيع فتشاغله أم سلمة بثدييها فيدران عليه فيرتضع منهما، فكانوا يرون أن تلك الحكمة والعلوم التي أوتيها الحسن من بركة تلك الرضاعة من الثدي المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان وهو صغير تخرجه أمه إلى الصحابة فيدعون له، وكان في جملة من يدعو له عمر بن الخطاب، قال: اللهم فقهه في الدين، وحببه إلى الناس.

وقد كان الحسن جامعا للعلم والعمل، عالما رفيعا فقيها ثقة مأمونا عابدا زاهدا ناسكا، كثير العلم والعمل، فصيحا جميلا وسيما، وقدم مكة فأجلس على سرير وجلس العلماء حوله واجتمع الناس إليه فحدثهم.


هو محمد بن سيرين أبو بكر بن أبي عمرو الأنصاري، مولى أنس بن مالك النضري، كان أبوه من سبي عين التمر، أسره في جملة السبي خالد بن الوليد، فاشتراه أنس بن مالك ثم كاتبه.

ولد ابن سيرين لسنتين بقيتا في خلافة عثمان، كان من جلة التابعين، قال هشام بن حسان: هو أصدق من أدركت من البشر.

ولما مات أنس بن مالك أوصى أن يغسله محمد بن سيرين، قال ابن عون: كان محمد يأتي بالحديث على حروفه.

قال أشعث: كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال والحرام تغير لونه حتى يكون كأنه ليس بالذي كان.

قال مورق العجلي: ما رأيت أحدا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين.

كان مشهورا في تعبير الرؤى والأحلام، وأما الكتاب الموجود اليوم على أنه من تأليفه فغير صحيح، فهو لم يؤلف كتابا في تفسير الرؤى، وتعبيراته للرؤى مبثوثة في كتب التراجم والتاريخ.


هو عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان، أحد القراء السبعة، إمام أهل مكة في القراءة، ولقي فيها عددا من الصحابة، وكان فصيحا بليغا مفوها، أبيض اللحية، طويلا، جسيما، أسمر، أشهل العينين، يخضب بالحناء، عليه السكينة والوقار، توفي في مكة.


قام هشام بن عبد الملك بعزل خالد بن عبد الله القسري البجلي وولى بدلا منه يوسف بن عمر الثقفي، وقد اختلفت الروايات بشأن سبب عزله.


خرج بحضرموت طالب الحق عبد الله بن يحيى الكندي إمام الإباضية؛ تغلب عليها واجتمع عليه الإباضية.

ثم سار إلى صنعاء وبها القاسم بن عمر الثقفي فوقع بينهم قتال كثير، انتصر فيه طالب الحق وهرب القاسم وقتل أخوه الصلت، واستولى طالب الحق على صنعاء وأعمالها، ثم جهز إلى مكة عشرة آلاف وبها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان فغلبوا على مكة وخرج منها عبد الواحد، وكان على الجيش أبو حمزة المختار ثم سار إلى المدينة وحصل قتال بينهم فاستولى كذلك على المدينة، ثم توجه إلى الشام فأرسل له مروان جيشا بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطية الذي هزم جيش أبي حمزة وأكمل سيره إلى المدينة ومكة وصنعاء.


استطاع عاصم بن جميل أن يهزم حبيب بن عبد الرحمن الفهري، فدخل القيروان وولى عليها عبد الملك بن أبي الجعد، وسار هو خلف حبيب حتى قتله فأصبح للصفرية نفوذهم الكبير في المغرب، ثم لما انهزموا أمام الإباضية اتجهوا نحو المغرب الأقصى والأوسط، واستطاع أبو قرة تأسيس دولة في ناحية تلمسان، كما استطاع أبو القاسم سمكو بن واسول إرساء قواعد دولة بني مدرار في سجلماسة.


فيها خرج أهل خراسان على المنصور مع الأستاذ سيس حتى اجتمع له فيما قيل ثلاثمئة ألف مقاتل من بين فارس وراجل، سائرهم من أهل هراة وباذغيس وسجستان، واستولى على أكثر خراسان، وعظم الخطب فنهض لحربه الأخثم المروروذي.

فقتل الأخثم واستبيح عسكره، فوجه المنصور- وهو بالراذان- خازم بن خزيمة إلى المهدي، فولاه المهدي محاربة أستاذ سيس وضم إليه القواد.

فسار حازم بن خزيمة في جيش عظيم فالتقى الجمعان وصبر الفريقان وقتل خلق كثير، حتى قيل إنه قتل في هذه الوقعة سبعون ألفا وأسروا أربعة عشر ألفا، وانهزم الأستاذ سيس في طائفة إلى جبل, ثم أمر حازم بالأسرى فضربت أعناقهم كلهم، وكانوا أربعة عشر ألفا، ثم حاصر أستاذ سيس مدة.

ثم نزل على حكمهم، فقيد هو وأولاده، ثم أعدم, وأطلق أصحابه، وكانوا ثلاثين ألفا.

وكتب إلى المهدي بذلك، فكتب المهدي إلى المنصور، وقيل إن أستاذ سيس ادعى النبوة وأظهر أصحابه الفسق وقطع السبيل.

وقيل: إنه جد الخليفة المأمون أبو أمه وهي مراجل بنت سيس كانت إحدى إيماء الرشيد أنجبت منه المأمون فقط.


هو الإمام، فقيه الملة، أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى التيمي ولاء، فقيه العراق إمام الحنفية، أحد الأئمة الأربعة المشهورين أصحاب المذاهب المعروفة، يقال: إنه من أبناء الفرس ولد سنة 80, وكان حسن الوجه حسن المجلس، شديد الكرم حسن المواساة لإخوانه، وكان ربعة من الرجال، وقيل كان طوالا تعلوه سمرة، أحسن الناس منطقا وأحلاهم نغمة.

أدرك أبو حنيفة أربعة من الصحابة، رضوان الله عليهم وهم: أنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى بالكوفة، وسهل بن سعد الساعدي بالمدينة، وأبو الطفيل عامر بن واثلة بمكة، ولم يلق أحدا منهم ولا أخذ عنه، وأصحابه يقولون: لقي جماعة من الصحابة وروى عنهم، ولم يثبت ذلك عند أهل النقل.

وقيل: أنه رأى أنس بن مالك، رضي الله عنه.

 وأخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان وسمع عطاء بن أبي رباح وهو أكبر شيخ له, وأبا إسحاق السبيعي ومحارب بن دثار والهيثم بن حبيب الصواف ومحمد بن المنكدر ونافعا مولى عبد الله بن عمر، وكان معروفا بالزهد والورع وكثرة العبادة، والوقار والإخلاص وقوة الشخصية، كثير التعطر، لا يتكلم إلا جوابا، ولا يخوض فيما لا يعنيه.

قال ابن المبارك: ما رأيت رجلا أوقر في مجلسه، ولا أحسن سمتا وحلما من أبي حنيفة.

كان خزازا يبيع الخز.

قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة فقال: نعم، رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته.

لم يرض أن يلي القضاء لأحد، وطلبه المنصور للقضاء فأبى، وكان منها حبسه، وقيل: مات في الحبس ببغداد، قال إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة: "مررت مع أبي بالكناسة – موضع بالكوفة- فبكى، فقلت له: يا أبت ما يبكيك فقال: يا بني، في هذا الموضع ضرب ابن هبيرة أبي عشرة أيام، في كل يوم عشرة أسواط، على أن يلي القضاء، فلم يفعل".

وقيل: إنه توفي وهو يصلي.


خرج يوسف بن إبراهيم، المعروف بالبرم، بخراسان، منكرا هو ومن معه على المهدي سيرته التي يسير بها، واجتمع معه بشر كثير، فتوجه إليه يزيد بن مزيد الشيباني، وهو ابن أخي معن بن زائدة، فلقيه فاقتتلا، حتى صارا إلى المعانقة، فأسره يزيد بن مزيد وبعث به إلى المهدي، وبعث معه وجوه أصحابه، فلما بلغوا النهروان حمل يوسف على بعير، قد حول وجهه إلى ذنبه، وأصحابه مثله، فأدخلوهم الرصافة على تلك الحال، وقطعت يدا يوسف ورجلاه، وقتل هو وأصحابه، وصلبوا على الجسر.

وقد قيل: إنه كان حروريا، وتغلب على بوشنج وعليها مصعب بن زريق، جد طاهر بن الحسين، فهرب منه، وتغلب أيضا على مرو الروذ والطالقان والجوزجان، وقد كان من جملة أصحابه أبو معاذ الفريابي، فقبض معه.


كان المهدي قد سير جيشا في البحر، وعليهم عبد الملك بن شهاب المسمعي إلى بلاد الهند في جمع كثير من الجند والمتطوعة، وفيهم الربيع بن صبيح، فساروا حتى نزلوا على باربد، فلما نزلوها حصروها من نواحيها، وحرض الناس بعضهم بعضا على الجهاد، وضايقوا أهلها، ففتحها الله عليهم عنوة واحتمى أهلها بالبلد الذي لهم، فأحرقه المسلمون عليهم، فاحترق بعضهم، وقتل الباقون، واستشهد من المسلمين بضعة وعشرون رجلا، وأفاءها الله عليهم، فهاج عليهم البحر، فأقاموا إلى أن يطيب، فأصابهم مرض في أفواههم، فمات منهم نحو من ألف رجل فيهم الربيع بن صبيح، ثم رجعوا، فلما بلغوا ساحلا من فارس يقال له بحر حمران عصفت بهم الريح ليلا، فانكسر عامة مراكبهم، فغرق البعض، ونجا البعض.


كان سبب إلغاء نسب آل زياد الذي كان معاوية قد استلحقه، وكان يقال له: زياد بن أبيه، هو أن رجلا من آل زياد قدم عليه يقال له الصغدي بن سلم بن حرب بن زياد، فقال له المهدي: من أنت؟ فقال: ابن عمك.

فقال: أي بني عمي أنت؟ فذكر نسبه، فقال المهدي: يا ابن سمية الزانية! متى كنت ابن عمي؟ وغضب وأمر به، فوجئ في عنقه وأخرج، وسأل عن استلحاق زياد، ثم كتب إلى العامل بالبصرة بإخراج آل زياد من ديوان قريش والعرب، وردهم إلى ثقيف، وكتب في ذلك كتابا بالغا، يذكر فيه استلحاق زياد، ومخالفة حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فأسقطوا من ديوان قريش.


قام جماعة من الخوارج الإباضية بقيادة عبد الرحمن بن رستم، ببناء مدينة تاهرت، وكانت مقرهم، وهادن إمامهم عبد الرحمن ولاة القيروان مثل حكام الدولة الصفرية في سجلماسة.


حج المهدي بعد توليه الخلافة بعام, ولما رأى ضيق مساحة مسجد الحرم, ومعاناة الحجاج من الزحام؛ أمر بتوسعته، فاشترى الأراضي والدور المحيطة بالمسجد وأزالها، وقد شملت التوسعة الجهتين الشمالية والجنوبية, وأمر بنقل أساطين الرخام من الشام ومصر إلى ميناء جدة، ثم نقلت على عربات إلى مكة, أما الأروقة فقد عملها على أساطين الرخام، وسقفت بخشب الساج, وقد انتهت أعمال التوسعة الأولى سنة 164 وبلغت حوالي:7950م2، فصارت مساحة المسجد: 23390م2.


أمر أبو عبد الله محمد المهدي، أثناء زيارته للمدينة المنورة، بالزيادة فيه، فزاد فيه 30 مترا من الناحية الشمالية فقط, واستمر العمل في البناء 4 سنوات من سنة 161 وانتهى منه سنة 165.


هو الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن: من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، إمام اللغة المعروف، ولد سنة 100هـ ونشأ بالبصرة، وأخذ النحو والقراءة والحديث عن أئمة العربية وكبار الرواة، رحل إلى البادية فسمع الفصيح وجمع الغريب، حتى نبغ في اللغة فأصبح علمها المشهور، وعنه أخذ سيبويه، انكب على العلم يستنبط ويعلم ويؤلف، مع تقشف في المعيشة وزهد، قيل: كان أولا على مذهب الخوارج الإباضية، ثم رجع إلى مذهب أهل السنة، وهو أول من ابتكر علم العروض، وابتكر المعجمات ووضع الخط على الشكل المستعمل، ألف في العروض والخط والشكل والنقط والإيقاع، وأما أهم مؤلفاته فهو كتاب "العين" وهو معجم مرتب على حسب مخارج الحروف، مبتدئا بحرف العين، فسمي بذلك، لكنه لم يتمه، وكان سبب موته أنه اصطدم رأسه بسارية في المسجد ارتج منها دماغه، فكانت سبب موته.


لما توفي يزيد بن حاتم المهلبي، والي إفريقية، وكان قد استخلف عليها ابنه داود، فانتقضت جبال باجة، وخرج فيها الإباضية، فسير إليهم داود جيشا فظفر بهم الإباضية، وهزموهم، فجهز إليهم جيشا آخر، فهزمت الإباضية، فتبعهم الجيش، فقتلوا منهم فأكثروا، وبقي داود أميرا إلى أن استعمل الرشيد عمه روح بن حاتم المهلبي أميرا على إفريقية.


كان أول الأمر في قرطبة عندما فتحها المسلمون أن بنوا المسجد فيها بجانب الكنيسة العظيمة فيها، ثم لما ازداد عدد المسلمين وضاق عليهم المسجد، نظر عبدالرحمن الداخل في أن يوسعه فاشترى من النصارى كنيستهم بعد أن دفع لهم ما أرادوه من المال، وأوسع في ذلك، فأمر بتحويله إلى مسجد وضمه للقديم، وكان ذلك في عام كامل.