كَانَ مِنْ ظَاهَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ آخِرَ الدَّهْرِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ ظَاهَرَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْسُ بْنُ صَامِتٍ وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ وَكَانَ يُفِيقُ فَيَعْقِلُ بَعْضَ الْعَقْلِ فَلَاحَى امْرَأَتَهُ خَوْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ أُخْتَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَزِيدَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فِي بَعْضِ صَحْوَاتِهِ ، فَقَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ نَدِمَ عَلَى مَا قَالَ : فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ حُرِّمْتِ عَلَيَّ قَالَتْ : مَا ذَكَرْتَ طَلَاقًا وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا التَّحْرِيمُ فِينَا قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ فَسَلْهُ عَمَّا صَنَعْتَ ، فَقَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْهُ أَنْ أَسْأَلَهُ ، عَنْ هَذَا فَأْتِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَسَى أَنْ تُكْسِبِينَا مِنْهُ خَيْرًا تُفَرِّجِينَ بِهِ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ . فَلَبِسَتْ ثِيَابًا ثُمَّ خَرَجَتْ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَوْسًا مَنْ قَدْ عَرَفْتَ أَبُو وَلَدِي ، وَابْنُ عَمِّي ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَقَدْ عَرَفْتَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ اللَّمَمِ ، وَعَجْزِ مَقْدِرَتِهِ ، وَضَعْفِ قُوَّتِهِ ، وَعِيِّ لِسَانِهِ ، وَأَحَقُّ مَنْ عَادَ عَلَيْهِ أَنَا بِشَيْءٍ إِنْ وَجَدْتُهُ وَأَحَقُّ مَنْ عَادَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ إِنْ وَجَدَهُ هُوَ وَقَدْ قَالَ كَلِمَةً وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا ذَكَرَ طَلَاقًا ، قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ " فَجَادَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ مِرَارًا ثُمَّ قَالَتْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ شِدَّةَ وْجَدِي وَمَا شَقَّ عَلَيَّ مِنْ فِرَاقِهِ اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ مَا يَكُونُ لَنَا فِيهِ فَرَجٌ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَلَقَدْ بَكَيْتُ وَبَكَى مَنْ كَانَ مَعَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ رَحْمَةً لَهَا وَرِقَّةً عَلَيْهَا فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ تُكَلِّمُهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَغِطُّ فِي رَأْسِهِ وَيَتَرَبَّدُ وَجْهُهُ وَيَجِدُ بَرْدًا فِي ثَنَايَاهُ وَيَعْرَقُ حَتَّى يَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا خَوْلَةُ إِنَّهُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ مَا هُوَ إِلَّا فِيكِ ، فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ خَيْرًا فَإِنِّي لَمْ أَبْغِ مِنْ نَبِيِّكَ إِلَّا خَيْرًا ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَمَا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسَهَا تَخْرُجُ فَرَقًا مِنْ أَنْ تَنْزِلَ الْفُرْقَةُ فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يَتَبَسَّمُ ، فَقَالَ : " يَا خَوْلَةُ ، قَالَتْ : لَبَّيْكَ وَنَهَضَتْ قَائِمَةً فَرَحًا بِتَبَسُّمِ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ : " قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِيهِ " . ثُمَّ تَلَا عَلَيْهَا : {{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا }} إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ , ثُمَّ قَالَ : " مُرِيهِ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً " فَقَالَتْ : وَأَيُّ رَقَبَةٍ وَاللَّهُ مَا يَجِدُ رَقَبَةً وَمَا لَهُ خَادِمٌ غَيْرِي ثُمَّ قَالَ : " مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ " فَقَالَتْ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِنَّهُ لَيَشْرَبُ فِي الْيَوْمِ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ مَعَ ضَعْفِ بَدَنِهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْخِرْشَافَةِ ، قَالَ : " فَمُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا " ، قَالَتْ : وَأَنَّى لَهُ هَذَا وَإِنَّمَا هِيَ وَجْبَةٌ ، قَالَ : " فَمُرِيهِ فَلْيَأْتِ أُمَّ الْمُنْذِرِ بِنْتَ قَيْسٍ فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا شَطْرَ وَسْقٍ تَمْرًا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا " فَنَهَضَتْ فَتَرْجِعُ إِلَيْهِ فَتَجِدُهُ جَالِسًا عَلَى الْبَابِ يَنْتَظِرُهَا ، فَقَالَ لَهَا : يَا خَوْلَةُ مَا وَرَاءَكِ ؟ قَالَتْ : خَيْرًا وَأَنْتَ دَمِيمٌ قَدْ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ تَأْتِيَ أُمَّ الْمُنْذِرِ بِنْتَ قَيْسٍ فَتَأْخُذَ مِنْهَا شَطْرَ وَسْقٍ تَمْرًا فَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا ، قَالَتْ خَوْلَةُ : فَذَهَبَ مِنْ عِنْدِي يَعْدُو حَتَّى جَاءَ بِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَهْدِي بِهِ لَا يَحْمِلُ خَمْسَةَ أُصُوعٍ ، قَالَتْ : فَجَعَلَ يُطْعِمُ مُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ مِنْ ظَاهَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ آخِرَ الدَّهْرِ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ ظَاهَرَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْسُ بْنُ صَامِتٍ وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ وَكَانَ يُفِيقُ فَيَعْقِلُ بَعْضَ الْعَقْلِ فَلَاحَى امْرَأَتَهُ خَوْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ أُخْتَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَزِيدَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فِي بَعْضِ صَحْوَاتِهِ ، فَقَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ نَدِمَ عَلَى مَا قَالَ : فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ حُرِّمْتِ عَلَيَّ قَالَتْ : مَا ذَكَرْتَ طَلَاقًا وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا التَّحْرِيمُ فِينَا قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ فَسَلْهُ عَمَّا صَنَعْتَ ، فَقَالَ : إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْهُ أَنْ أَسْأَلَهُ ، عَنْ هَذَا فَأْتِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَسَى أَنْ تُكْسِبِينَا مِنْهُ خَيْرًا تُفَرِّجِينَ بِهِ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ . فَلَبِسَتْ ثِيَابًا ثُمَّ خَرَجَتْ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَوْسًا مَنْ قَدْ عَرَفْتَ أَبُو وَلَدِي ، وَابْنُ عَمِّي ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ وَقَدْ عَرَفْتَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ اللَّمَمِ ، وَعَجْزِ مَقْدِرَتِهِ ، وَضَعْفِ قُوَّتِهِ ، وَعِيِّ لِسَانِهِ ، وَأَحَقُّ مَنْ عَادَ عَلَيْهِ أَنَا بِشَيْءٍ إِنْ وَجَدْتُهُ وَأَحَقُّ مَنْ عَادَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ إِنْ وَجَدَهُ هُوَ وَقَدْ قَالَ كَلِمَةً وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا ذَكَرَ طَلَاقًا ، قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ فَجَادَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ مِرَارًا ثُمَّ قَالَتْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ شِدَّةَ وْجَدِي وَمَا شَقَّ عَلَيَّ مِنْ فِرَاقِهِ اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ مَا يَكُونُ لَنَا فِيهِ فَرَجٌ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَلَقَدْ بَكَيْتُ وَبَكَى مَنْ كَانَ مَعَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ رَحْمَةً لَهَا وَرِقَّةً عَلَيْهَا فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ تُكَلِّمُهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَغِطُّ فِي رَأْسِهِ وَيَتَرَبَّدُ وَجْهُهُ وَيَجِدُ بَرْدًا فِي ثَنَايَاهُ وَيَعْرَقُ حَتَّى يَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا خَوْلَةُ إِنَّهُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ مَا هُوَ إِلَّا فِيكِ ، فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ خَيْرًا فَإِنِّي لَمْ أَبْغِ مِنْ نَبِيِّكَ إِلَّا خَيْرًا ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَمَا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ نَفْسَهَا تَخْرُجُ فَرَقًا مِنْ أَنْ تَنْزِلَ الْفُرْقَةُ فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ يَتَبَسَّمُ ، فَقَالَ : يَا خَوْلَةُ ، قَالَتْ : لَبَّيْكَ وَنَهَضَتْ قَائِمَةً فَرَحًا بِتَبَسُّمِ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ : قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِيهِ . ثُمَّ تَلَا عَلَيْهَا : {{ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا }} إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ , ثُمَّ قَالَ : مُرِيهِ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً فَقَالَتْ : وَأَيُّ رَقَبَةٍ وَاللَّهُ مَا يَجِدُ رَقَبَةً وَمَا لَهُ خَادِمٌ غَيْرِي ثُمَّ قَالَ : مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَقَالَتْ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِنَّهُ لَيَشْرَبُ فِي الْيَوْمِ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ مَعَ ضَعْفِ بَدَنِهِ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْخِرْشَافَةِ ، قَالَ : فَمُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، قَالَتْ : وَأَنَّى لَهُ هَذَا وَإِنَّمَا هِيَ وَجْبَةٌ ، قَالَ : فَمُرِيهِ فَلْيَأْتِ أُمَّ الْمُنْذِرِ بِنْتَ قَيْسٍ فَلْيَأْخُذْ مِنْهَا شَطْرَ وَسْقٍ تَمْرًا فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا فَنَهَضَتْ فَتَرْجِعُ إِلَيْهِ فَتَجِدُهُ جَالِسًا عَلَى الْبَابِ يَنْتَظِرُهَا ، فَقَالَ لَهَا : يَا خَوْلَةُ مَا وَرَاءَكِ ؟ قَالَتْ : خَيْرًا وَأَنْتَ دَمِيمٌ قَدْ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ تَأْتِيَ أُمَّ الْمُنْذِرِ بِنْتَ قَيْسٍ فَتَأْخُذَ مِنْهَا شَطْرَ وَسْقٍ تَمْرًا فَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا ، قَالَتْ خَوْلَةُ : فَذَهَبَ مِنْ عِنْدِي يَعْدُو حَتَّى جَاءَ بِهِ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَهْدِي بِهِ لَا يَحْمِلُ خَمْسَةَ أُصُوعٍ ، قَالَتْ : فَجَعَلَ يُطْعِمُ مُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ .