أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ الْحَضْرَمِيَّ ، يَقُولُ : جَلَسْتُ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُمَا يَتَحَدَّثَانِ وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُ جَابِرٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَسْأَلُكَ فِيمَ هَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نِسَاءَهُ ؟ . فَقَالَ جَابِرٌ : تَرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَمْ يَخْرُجْ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَخَذْنَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ فَاجْتَمَعْنَا بِبَابِهِ نَتَكَلَّمُ لَيَسْمَعَ كَلَامَنَا وَيَعْلَمَ مَكَانَنَا فَأَطَلْنَا الْوقُوفَ فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا ، فَقَالَ : فَقُلْنَا قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَانَكُمْ ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْذَنَ لَكُمْ لَأَذِنَ فَتَفَرَّقُوا لَا تُؤْذُوهُ ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ غَيْرَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَتَنَحْنَحُ وَيَتَكَلَّمُ وَيَسْتَأْذِنُ حَتَّى أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ عُمَرُ : فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى خَدِّهِ أَعْرِفُ بِهِ الْكَآبَةَ ، فَقُلْتُ : أَيْ نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا الَّذِي رَابَكَ وَمَا لَقِيَ النَّاسُ بَعْدَكَ مِنْ فَقْدِهِمْ لِرُؤْيَتِكَ ؟ , فَقَالَ : يَا عُمَرُ يَسْأَلْنَنِي أُولَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدِي يَعْنِي نِسَاءَهُ ، فَذَاكَ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي مَا تَرَى ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ صَكَكْتُ جَمِيلَةَ بِنْتَ ثَابِتٍ صَكَّةً أَلْصَقْتُ خَدَّهَا مِنْهَا بِالْأَرْضِ لِأَنَّهَا سَأَلَتْنِي مَا لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَوْعِدٍ مِنْ رَبِّكَ وَهُوَ جَاعِلٌ بَعْدَ الْعُسْرِ يَسْرًا ، قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أُكَلِّمُهُ حَتَّى رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ تَحَلَّلَ عَنْهُ بَعْضُ ذَلِكَ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَةَ ، فَقَالَ : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَا يَدَّخِرُ عَنْكُنَّ شَيْئًا فَلَا تَسْأَلْنَهُ مَا لَا يَجِدُ انْظُرِي حَاجَتَكِ فَاطْلُبِيهَا إِلَيَّ وَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ فَذَكَرَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ اتَّبَعَا أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَجَعَلَا يَذْكُرَانِ لَهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَا لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ : مَا لَكُمَا وَلِمَا هَاهُنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَعْلَى بِأَمْرِنَا عَيْنَا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْهَانَا لَنَهَانَا , فَمَنْ نَسْأَلُ إِذَا لَمْ نَسْأَلْ رَسُولَ اللَّهِ ؟ هَلْ يَدْخُلُ بَيْنَكُمَا وَبَيْنَ أَهْلِيكُمَا أَحَدٌ ؟ فَمَا نُكَلِّفُكُمَا هَذَا . فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهَا ، فَقَالَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا حِينَ فَعَلْتِ مَا فَعَلْتِ مَا قَدَرْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَيْهِمَا شَيْئًا . ثُمَّ قَالَ جَابِرٌ لِأَبِي سَعِيدٍ : أَلَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ هَكَذَا ؟ , قَالَ : بَلَى وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ ، قَالَ جَابِرٌ : فَأَنَا آتِي عَلَى ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا }} , يَعْنِي مُتْعَةَ الطَّلَاقِ وَيَعْنِي بِتَسْرِيحِهِنَّ تَطْلِيقَهُنَّ طَلَاقًا جَمِيلًا , {{ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ }} تَخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَا تَنْكِحْنَ بَعْدَهُ أَحَدًا . فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُخَيِّرَكُنَّ بَيْنَ أَنْ تَخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ وَبَيْنَ أَنْ تَخْتَرْنَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا وَقَدْ بَدَأْتُ بِكِ فَأَنَا أُخَيِّرُكِ ، قَالَتْ : أَيْ نَبِيَّ اللَّهِ وَهَلْ بَدَأْتَ بِأَحَدٍ مِنْهُنَّ قَبْلِي ؟ , قَالَ : لَا ، قَالَتْ : فَإِنِّي أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ ، فَاكْتُمْ عَلَيَّ وَلَا تُخْبِرْ بِذَاكَ نِسَاءَكَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : بَلْ أُخْبِرُهُنَّ فَأَخْبَرَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَمِيعًا فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ , وَكَانَ خِيَارُهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَنْ يَخْتَرْنَ الْآخِرَةَ أَوِ الدُّنْيَا ، قَالَ : {{ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا }} . فَاخْتَرْنَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَنَّ بَعْدَهُ , ثُمَّ قَالَ : {{ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} , يَعْنِي الزِّنَا {{ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ }} , يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ {{ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ }} , يَعْنِي تُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , {{ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ }} , مُضَاعَفًا لَهَا فِي الْآخِرَةِ ، وَكَذَلِكَ الْعَذَابُ {{ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ }} , يَقُولُ فُجُورٌ {{ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى }} , يَقُولُ لَا تَخْرُجْنَ مِنْ بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ , يَعْنِي إِلْقَاءَ الْقِنَاعِ فِعْلَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى وَجْهِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ : اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْسِينَهُ عَالِيَةٌ أَصْوَاتُهُنَّ . فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ تَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ضَحِكْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ بَادَرْنَ الْحِجَابَ ، فَقَالَ عُمَرُ : يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قُلْنَ : أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : كُنَّ عِنْدَهُ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَسْتَكْسِينَهُ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَ كَذَلِكَ