عنوان الفتوى : حكم الاستقراض من وقف لوقف آخر
قامت إحدى المؤسسات الوقفية بإقامة بناية سكنية عن طريق مساهمات المتبرعين، ولم تف مساهمات المتبرعين بقيمة البناية فقامت المؤسسة بالاقتراض من فائض ريع وقف خيري عام، وفائض عن حاجته لسنوات عديدة، وترغب المؤسسة في إرجاع المال المقترض من فائض ريع الوقف بالطريقة التالية: 1/ حساب تكلفة الشقق التي بنيت من فائض ريع الوقف الخيري. 2/ جعل قيمتها بسعر مضاعف وإعادة عرضها للراغبين في المساهمة بالوقف، وذلك بأن يدفع المساهم المبلغ المضاعف وتكون الشقة وقفاً لعموم الخير باسمه تحت إدارة تلك المؤسسة. 3/ إرجاع المبلغ المضاعف للوقف.
خلاصة الفتوى: الأوقاف تتعاون فيما بينها، وعمل ناظر الوقف في مال الوقف منوط بالمصلحة.
فإن جواب هذا السؤال من نقطتين:
الأولى: هل يجوز للوقف أن يستقرض من وقف آخر مستغن عن غلته أو عنده فائض من هذه الغلة؟
والجواب أن ذلك جائز، وقد جاء في فتوى للإمام البلقيني أنه سئل عن ناظر تحت يده وقف مستغن من العمارة ووقف يحتاجها ولا متحصل له فهل له أن يستقرض من المستغني للمحتاج؟
فأجاب: له ذلك إن تعين طريقا لعمارة المحتاج إليها، وما وقع من قول بعض المصنفين أنه ليس له ذلك قلنا فيه كلاما ليس هذا محل بسطه، وما ذكرناه هو المعتمد. اهـ
وفي جواب للعيدوسي: يوقف غلات الأحباس (الأوقاف) حتى تدفع للمصرف المعين، ولا يصرف بعضها إلى بعض إلا على سبيل السلف.
وما تقدم من أجوبة العلماء يتجه فيما لو كان الوقف المستغني موقوفا على جهة معينة، أما إن كان وقفا عاما غير محصور فلا مانع من الأخذ منه ولو على غير سبيل الاستقراض.
النقطة الثانية: إذا جاز الاستقراض فإنه لا يحل رد القرض بزيادة لأن ذلك ربا إذا كان مشروطا أصلا، والربا يجري في أموال الوقف كغيره من الأموال، بل لا يجوز ولو لم تكن الزيادة مشروطة لأن قيمة هذه الشقة المباعة أموال وقف ولا يحق لناظر الوقف أن يتصرف في أموال الوقف إلا بما يعود عليه بالمصلحة شأنه كشأن الوصي والقيم في مال اليتيم مع مراعاة شرط الواقف إن كان معتبرا شرعا.
جاء في تيسير الوقوف: وصرحوا أيضا بأن الناظر في مال الوقف كالوصي والقيم لا يجوز لهما التصرف إلا بالحيطة والمصلحة.
والله أعلم.