عنوان الفتوى : لا يشرع تغيير المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر منه

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

تزوج أبي رحمه الله من أخرى، وأنجب منها ولدا وبنتا؛ وبعد زواحه منها حدثت مشاكل كثيرة بيننا – نحن أبناؤه وبناته – وبين زوجة أبينا، انتهت بطلاقه منها. وبعد ذلك مرض أبي مرضاً عضالاً وتوفي على إثره بعد عشر سنوات من مصارعته لهذا المرض. الله وحده يعلم كم حاولت التّقرب من إخوتي خلال تلك السنوات لدرجة أنّ أمّهم تقدّمت ضدي ببلاغ عند الشرطة تتهمني بمحاولة خطف أخي! والله يعلم أنني لم أفكر بهذا مجرد تفكير! قبل وفاة أبي بعامين، تقربت مرة أخرى من إخوتي-لاسيما وأنهما قد شبّا وأصبحا في عمر يستطيعان فيه تميز الأشياء، ويعلم الله أنني كنت ولا زلت أعتبرهما كأبنائي – مع أنني أصغر إخوتي وأخواتي من أمّنا! والله الذي لا إله إلا هو؛ إنني كنت قد خصصت مبلغاً متواضعاً لهما كمصروف، هذا بالإضافة إلى ما تتقاضاه أمهما من نفقة تقتطع من راتب أبي التقاعدي، ولما أحسست بأنهما لا يستفيدان من هذا الراتب الذي كنت قد خصصته لهما، قمت بشراء ثياب خاصة لكليهما على سبيل المثال بدلاً من إعطائهما النقود باليد خوفاً عليهما من أن تقوم أمهما بالاستيلاء عليها! مشكلتي سيدي تتلخص في طمع زوجة أبي السابقة، فهي تحرص كل الحرص على الإضفاء على كلٍ من أخواي مسحة الفقر والبؤس، حتى يتسنى لها أخذ المساعدات من مصادر مختلفة؛ وبعد وفاة أبي، وعندما صارحتها برغبتي في أن أكون الوصي الشرعي على أختي القاصرة، أخذت في مماطلتي واختلاق الأعذار! رغبتي في أن أكون وصياً شرعياً على أختي القاصرة تنبع من حرصي عليها وعلى مصلحتها، حيث كنت قد علمت برغبة أمها بتزويجها من ابن خالها – شقيق زوجة أبي السابقة، وكذلك رغبتها في التقدّم للجهات الحكومية لبيان أن هذه القاصرة بحاجة إلى رعاية، وأنها هي وكيلتها الشرعية، وليس لهما من مُعيل سوى الله! أمّا أخي، فقد رسب في الثانوية العامة، مع أنني كنت قد تكفلت بشراء الكتب الخاصة له، وبمتابعته في المدرسة وبمساعدته بتكاليف الدروس الخصوصية، وبالإنفاق عليه، وعندما تناقشت معه ووعدته إن هو أعاد المحاولة مرة أخرى ونجح، فإنني سوف أتكفل بكل تكاليف دراسته الجامعية، في المقابل: رفضت والدته، وأصرت على انخراطه في سلك العسكرية، وذلك لرغبتها السريعة في الحصول على راتبه واستغلاله وإبعاده عنها! أنا لا أستطيع التدخل في حياة أخي، لاسيما وأنه قد وصل سن الرشد، ولا أستطيع مناقشة أمّه كذلك؛ لأنها أمّه في نهاية الوقت، لكن قلبي ينفطر على أختي، وحتى أضمن عدم استغلال أختي، فالوصاية الشرعية مهمة لي، ويعلم الله كم تكلّفت حتى تقتنع أمها بذلك! ولكني للآن أنا في حيرة، فإن تنازلت للأم عن مطلبي في وصاية أختي، لاسيما وأن زوجة أبي السابقة تعلم كم أنا أحبهم، ومن غير المعقول أن أتوقف عن الإنفاق عليهما بسبب هذه الوصاية، في المقابل، والله يعلم مدى صدقي بأن كل الذي أريده منهما هو ما فيه خير لهما، حتى وإن كان ضد مصلحتي! في النهاية أرجو إبداء المشورة والنصح والإرشاد لي في هذه القضية، بمعنى هل أستمر بالإنفاق عليهما حتى وإن لم أكن وكيل أختي الشرعي؟ وما موقفي إن استغلت زوجة أبي السابقة كونها وكيلة أختي وقامت بمخاطبة الهيئات الخيرية والحكومية للمساعدة مع أن والدي له راتب تقاعدي كانت نفقتها ونفقة أولادها تقتطع منه قبل وفاته، وبعد وفاته أصبح الراتب كله لأختي القاصرة! هل شرعاً أنا مطالب بكشف ممارسات زوجة أبي للهيئات حتى وإن اكتسبت عداوة إخواني من زوجة أبي السابقة؟ أنا محتار ولا أعلم ماذا أفعل لاسيما وأننا في وقت لم يعد فيه الناس كما كانوا، فحتى والد زوجة أبى السابقة يرفض التدخل، وهي لا تستمع لأقاربنا ولنصحهم! أنا في حيرة شديدة وأدعو لها ولإخوتي بالهداية – يا رب وفّق الجميع لما تحب وترضى.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

خلاصة الفتوى:

نفقة الأخت الفقيرة واجبة على أخيها الوارث إن كان ميسورا، وهو وليها في النكاح، وتغيير المنكر لا يشرع إذا كان سيؤدي إلى منكر أكبر.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبخصوص أخيك فقد ذكرت أنه قد بلغ سن الرشد، وأنه انخرط في العسكرية، وعليه فقد استغنى بنفسه فيما يظهر، وبالتالي فنفقته غير واجبة عليك، فإن وصلته بمال على سبيل الهبة فلك الأجر إن شاء الله، وأما أختك الصغيرة فإن كانت أمها وأخوها لا يكفيانها وكانت مع ذلك فقيرة محتاجة فيستحب أن تنفق عليهما أنت وسائر إخوتك إذا كان عندكم ما تنفقون به عليهما زائدا على نفقاتكم، فإن تبرعت أنت بكفايتها دون سائر إخوتك فلك الأجر إن شاء الله، ولا تجب نفقتهما على واحد منكم لكونكم غير وارثين لأن شقيقها يحجبكم جميعا عن الإرث، وراجع الفتوى رقم: 56842.

وإذا علمت أن زوجة أبيك تخاطب الجمعيات والهيئات الخيرية لتحصل على مال زائد عن حاجتها وحاجة أولادها فقم بنصيحتها ولو بطريقة غير مباشرة عن طريق من له تأثير عليها وعن طريق شريط أو كتاب تضعه بين يديها، ولا نرى أن تقوم بإبلاغ الهيئات الخيرية عنها ما دمت ترى أنك بذلك ستكتسب عداوة إخوتك لأن قطع الرحم أعظم منكر عند الله، فقد قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}وتغيير المنكر لا يشرع إذا كان سيؤدي إلى منكر أكبر، ومعلوم أن هذه الهيئات تقوم بالتحقق من حاجة السائل قبل إعطائه، وراجع الفتوى رقم:26058 ، والفتوى رقم: 78716.

والله أعلم.