عنوان الفتوى : مسائل في الرجوع في الهبة والإثابة عليها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تحية طيبة لكل العاملين في الموقع وكل من ساهم وأرشد لطريق الهداية بإذن الله.... أنا سني 59سنة بنت وضريرة ومريضة بالقلب وعلى المعاش ومنذ ستة سنين ابن أخي قعد معي ليأخذ بأيدي وأعطيته من معاشي وهو كان يعمل يوما و10 أيام لا يعمل، وكنت أصرف عليه الأكل والشرب وهو عمره 31 سنة، قررت أن أزوجه من فتاة حتى يكمل حياتة الطبيعية ويبقى معي وأتيت له بشقة وأغراض وشبكة، قعد فترة وأتى وقعد معي ونقلنا الأجهزة التي كانت عنده والأغراض إلى بيتي حتى يقيموا معي، وبعد ما ولدت لهم مولودة صغيرة طلبت منه زوجته الرحيل عن بيتي والعودة لمنزلهم، فهل أرجع له الأجهزة الكهربية والشبكة التي اشتريتها له، وأنا الآن علي ديون من مساعدتي له في إتمام زواجه، فهل لو تصرفت في الشبكة والأجهزة الكهربية يكون حلالا أم حراما؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن إنفاق الأخت السائلة على ابن أخيها والقيام بتكاليف زواجه ومنحه شبكة وأثاثا ومواد كهربائية ونحو ذلك أمر حسن نسأل الله تعالى أن يجزل لها الأجر والثواب، ونتمنى منها أن لا تعود فيما قدمته له مطلقا لاسيما إذا كان لا يزال فقيرا معدما.

وأما حكم تصرفها فيما وهبته له هل هو حلال أو حرام؟ 

فجوابه: أنه ينظر إلى قصدها فإن قصدت إباحة انتفاعه بما سلمته إليه فقط فهو لا يزال في ملكها، ويجوز لها أخذه متى شاءت، وإن قصدت الصدقة به فليس لها الرجوع في عينه ولا طلب عوض بدله مطلقا إذا كان قد قبض الصدقة، قال الجلال المحلي رحمه الله: وَلا يَجِبُ فِي الصَّدَقَةِ ثَوَابٌ بِكُلِّ حَالٍ قَطْعًا. صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وأما إذا لم يكن قد حازها فلها الرجوع في عين صدقتها.

 وإن قصدت الهبة فلها حالات:

الأولى: أن تنفي العوض أو لا تقصده عند الدفع فليس لها طلبه بعد ذلك ولا الرجوع في عين الهبة.

الثانية: أن تقصد العوض فلها طلبه وهو قيمة الموهوب يوم القبض على الأصح، فإن رفض الموهوب له من دفع القيمة فلها الرجوع في عين هبتها، وهو ما ذكر من الأعيان في السؤال.

الثالث: أن تطلق فلا تقصد شيئا ففيه خلاف، والأصح أنه ليس لها طلب العوض ولا الرجوع مطلقا.

الرابع: أن تكون قد قصدت العوض وحددته، وهذه الحالة لها صورتان:

الأولى: أن يكون العوض المحدد معلوما فلا بد منه وهو بيع.

الثانية: أن يكون العوض مجهولا فالهبة باطلة ويبقى المال في ملك الواهب.

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المنهاج: ومتى وهب مطلقا فلا ثواب إن وهب لدونه, وكذا لأعلى منه في الأظهر, ولنظيره على المذهب, فإن وجب فهو قيمة الموهوب في الأصح، فإن لم يثبه فله الرجوع, ولو وهب بشرط ثواب معلوم فالأظهر صحة العقد, ويكون بيعا على الصحيح, أو مجهول فالمذهب بطلانه.اهـ

والسبب في عدم جواز التصرف في عين الموهوب بعد قبضه هو أنه بالقبض قد خرج من ملك الواهب ودخل في ملك الموهوب له، فإن رفض الموهوب له أن يعطي العوض فللواهب الرجوع في عين هبته حسب التفصيل السابق. قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله في التحفة: فإن وجب الثواب... فهو قيمة الموهوب: ولو مثليا أي: قدرها يوم قبضه في الأصح، فلا يتعين للثواب جنس من الأموال؛ بل الخيرة فيه للمتهب، وقيل يثيبه إلى أن يرضى ولو بأضعاف قيمته للخبر الصحيح {أن أعرابيا وهب للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها، وقال له: أرضيت؟ قال: لا، فزاده إلى أن قال نعم} واختاره جمع، فإن قلنا تجب إثابته ولم يثبه هو ولا غيره فله الرجوع في هبته لخبر {من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها} صححه الحاكم؛ لكن رده الدارقطني , والبيهقي بأنه وهم، وإنما هو أثر عن ابن عمر. انتهى.

والحاصل: أن هذه المرأة أعرف بقصدها وقد فصلنا أحكام كل نوع فيما مضى.

والله أعلم.