عنوان الفتوى : الإحسان إلى الأم واجب ولو كانت كافرة
أخت أبوها جزائري وأمها نرويجية هرب بها أبوهما هي وأختها من النرويج حين كان عمرها 4 سنوات وأختها 6 سنوات, ليعيشا في مجتمع مسلم وطلق أمهما الكافرة وتزوج بامرأة جزائرية مسلمة التي ربتهما كما لو كانت أمهما الحقيقية، وكانت الأم الحقيقية في البداية تأتي لبناتها مرة في السنة لتزورهما ثم وبعد المشاكل التي وقعت في الجزائر لم تعد تأتيهم بحجة خوفها على نفسها، وتزوجت الأخت ابن أخت زوجة أبيها وجاءت معه إلى ألمانيا، وأمها الحقيقية تزوجت من فرنسي مسيحي وتعيش في فرنسا, فبادرت الأخت بربط علاقة مع أمها الحقيقية لتبرها مع أنها ملحدة وتقول لتتعرف على المرأة التي ولدتها فهي لم تعرفها إلا في صغرها، فذهبت إليها بفرنسا وجاءتها أمها إلى ألمانيا مرتين, في حين أنها منذ تزوجت إلى الآن 3 سنوات لم تزر الجزائر إلا مرة واحدة، وحين سمعت زوجة الأب بهذه العلاقة لم تعد تريد الحديث معها ولا الإجابة على الهاتف إن علمت أنها هي وإن أجابت خطأ تحدثت ببرود وتتشاغل دائما، وقالت تعبت فيك وأنت صغيرة والآن تأخذك مني أمك وأنت كبيرة، هل لها الحق أن ترفض علاقة الأخت بأمها، ماذا على هذه الأخت أن تفعل فهي تقول أن كلتاهما تعتبرها أما لها وهي حائرة، فهل ترضي زوجة أبيها فتقطع علاقتها بأمها، أو تخسر زوجة الأب هكذا، فهي حاولت مراراً وتكرارا تحسين علاقتها بزوجة أبيها وإقناعها أن مكانها محفوظ ولا يعني أنها حين تكون مع أمها تنساها هي لكن دون جدوى، فنرجو المساعدة بنصحكم؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن زوجة أبي هذه الأخت تستحق التكريم والاحترام والبر من هذه الأخت لمنزلتها من أبيها ولما قامت به من تربيتها والإحسان إليها... وكان من تمام إحسانها أن تربيها على أخلاق الإسلام الفاضلة ومن أهمها التسامح وحب الخير للناس جميعاً وصلة الرحم وخاصة صلة الأم وبرها... ولذلك فلا يحق لزوجة الأب أن تمنع هذه البنت من صلة أمها وبرها والإحسان إليها ولو كانت كافرة، فقد أوصى الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين وأكد على حقهما وخاصة الأم، وبين أن كونهما كافرين لا يسقط حقهما في البر والإحسان، فقال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت:8}، وفي الآية الأخرى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ {لقمان:15}، وفي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قدمت على أمي وهي مشركة في عهد قريش قاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة راغبة أفأصل أمي، قال: نعم، صلي أمك.
ولذلك فإن على هذه الأخت أن تصل أمها وتحسن إليها وتدعوها إلى الإسلام بالتي هي أحسن وتبين لها أن هذا من تمام الإحسان إليها الذي أمر به الشرع الإسلامي، والحاصل أن على هذه الأخت أن ترفق بزوجة أبيها وتبين لها أن ما تفعله من صلة أمها ليس تنكراً لها وإنما هو الواجب الذي أمر به الله عز وجل في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يجوز لها شرعاً مقاطعة أمها، وأن عليها طاعتها ما لم تأمرها بمعصية، وللمزيد عليك أن تطلعي على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75263، 32675، 75043، 65903.
تنبيه: المرأة المذكورة في الجواب أم أسماء بنت أبي بكر التي ولدتها وليست أمها من الرضاعة، واسمها قيلة وقيل قتيلة وكان أبو بكر قد طلقها في الجاهلية نص على هذا ابن حجر رحمه الله.
والله أعلم.