عنوان الفتوى : هل يسأل الصبيان في قبورهم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يسأل الطفل أقل من خمس سنوات بعد الموت؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في سؤال الصبيان فقيل لا يفتنون، لأن المحنة إنما تكون للمكلفين وقيل يفتنون، وحجة من قال إنهم يسألون: أنه يشرع الصلاة عليهم والدعاء لهم وسؤال الله أن يقيهم عذاب القبر وفتنة القبر، كما ذكر مالك في موطئه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة صبي فسمع من دعائه: اللهم أعذه من عذاب القبر.

قالوا: والله سبحانه يكمل لهم عقولهم، ليعرفوا بذلك منزلتهم، ويلهمون الجواب عما يسألون عنه، قالوا: وقد دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة التي فيها أنهم يمتحنون في الآخرة، وحكاه الأشعري عن أهل السنة والحديث، فإذا امتحنوا في الآخرة لم يمتنع امتحانهم في القبور.

واحتج من قال إنهم لا يسألون: بأن السؤال إنما يكون لمن عقل الرسول والمرسل، فيسأل: هل آمن بالرسول وأطاعه أم لا؟ فأما الطفل الذي لا تمييز له بوجه ما، فكيف يقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ ولو رد إليه عقله في القبر فإنه لا يسأل عما لم يتمكن من معرفته والعلم به، ولا فائدة في هذا السؤال، وهذا بخلاف امتحانهم في الآخرة، فإن الله سبحانه وتعالى يرسل إليهم رسولاً، ويأمرهم بطاعته، وعقولهم معهم، فمن أطاعه منهم نجا، ومن عصاه أدخله النار.

وأجابوا عن أدلة الأولين بحديث أبي هريرة ليس المراد بعذاب القبر فيه عقوبة الطفل على ترك طاعة أو فعل معصية قطعاً، فإن الله لا يعذب أحداً بلا ذنب عمله، بل عذاب القبر قد يراد به الألم الذي يحصل للميت بسبب غيره، وإن لم يكن عقوبة على عمله، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه. أي: يتألم بذلك ويتوجع منه، لا أنه يعاقب بذنب الحي لقول الله تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى  {الأنعام:164}، وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم: السفر قطعة من العذاب. فالعذاب أعم من العقوبة، ولا ريب أن في القبر من الآلام والهموم والحسرات ما قد يسري أثره إلى الطفل فيتألم، فيشرع للمصلي عليه أن يسأل الله تعالى أن يقيه ذلك العذاب، ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فليرجع إلى كتاب الروح لابن القيم رحمه الله.

والله أعلم.