عنوان الفتوى : سفر المرأة بغير محرم ومشاركتها في المؤتمرات الشبابية المختلطة
نشكركم على الجهود التي تبذلونها في سبيل توعية المسلم لشؤون دينه ودنياه.. أما بعد: لدينا صديقة تهتم كثيراً بالمؤتمرات الشبابية والتي تحوي الجنسين، وهي تحب السفر مع المؤتمرات لوحدها وأهلها منفتحون ولا يمانعون ذلك أبداً، ومؤخراً سافرت إلى دولة عربية لعقد مؤتمر ضم مشاركين عرب وأجانب من دول عديدة، المهم في الموضوع ولا يخفى على أي منا أن هذه المؤتمرات تشتمل على العديد من الأنشطة والألعاب المشتركة بين الجنسين والتي تقتضي في الكثير من الأحيان الاحتكاك الجسدي بينهما بحجة أنها ألعاب بريئة، ولكن هي لا تنكر حرمة هذه الألعاب وتقول إنها ضدها ولم ولن تشارك فيها بأي حال من الأحوال، الأخطر في الموضوع أن هذا المؤتمر الهدف الرئيسي منه هو التطبيع، حيث إن الجانب الإسرائيلي مشارك به والعلاقات بين الجميع وبين الإسرائيليين على أحسن حال، كنا قد أخبرناها أن السفر من دون محرم هو حرام شرعا ويكون ردها دوما أن أهلها يثقون بها وأنها تثق بنفسها وأنها ليست من ضعاف الإيمان وتقول "إنه ليس شرطا إذا كنت أحب السفر والمؤتمرات أن هذا دلالة على قلة إيماني، فأنا لا أهتم بقشور الدين.. الدين يسر لا تكونوا معقدين ومنغلقين" أود الإشارة إلى أنها أخبرتنا أن العرب هناك وليس فقط الأجانب كانوا يشربون الكحول وهناك من قاموا بممارسة علاقات محرمة، تتمة لفعاليات المؤتمر فإنه سيكون سفرها القادم إلى ألمانيا بعد شهرين، فأخبرناها بأن لا تذهب حيث إنه إذا كان الوضع مزريا في بلد عربي فكيف هو في الخارج، ولكنها رفضت وقالت أنتم تطلبون مني أن أهرب من شرح قضيتنا للعالم، لن أفعل هذا ولن أخذل فلسطين.. (نسيت إخباركم أننا نعيش في فلسطين)، أخبرناها أنه ليس تخاذلا وأن هناك أولويات في الإسلام هي صون الفتاة ورفض التطبيع كما وأخبرناها أن هناك من هم مسؤولون عن إيصال وجهة نظرنا كفلسطينيين دون أن يخاطروا أو يجازفوا بأي شيء، ولكنها رفضت وبشدة واعتبرت طلبنا تقاعسا... هل نحن على صواب، أم نحن مخطؤون وهي صاحبة وجهة النظر الصائبة، أرجو من حضرتكم إيضاح وجهة نظركم إن كنتم تؤيدون رأينا، وأرجو أن ترشدونا إلى الطريقة التي سنقنعها بها، حيث إننا استنفذنا كل الطرق سواء تلك المتعلقة بالدين أو التي تتعلق بالأعراف، ومع ذلك لم يجدي ذلك نفعا؟ شاكرة لكم سعة صدركم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته عن صديقتك هذه من المشاركة في المؤتمرات الشبابية والتي قلت إنها تحوي الجنسين، وما ذكرته عنها من السفر وحدها، وأنها مؤخراً سافرت إلى دولة عربية لعقد مؤتمر ضم مشاركين عرب وأجانب من دول عديدة... وأن تلك المؤتمرات اشتملت على العديد من الأنشطة والألعاب المشتركة بين الجنسين والتي تقتضي في الكثير من الأحيان الاحتكاك الجسدي بينهما... وأنها أخبرتكم بأن العرب هناك يشربون الكحول، وقد قاموا بممارسة علاقات محرمة... وأن سفرها القادم سيكون إلى ألمانيا... هي -في الحقيقة- أخطاء كبيرة من صديقتك هذه ومن أسرتها، ولا يخفى ما في جميع هذا من الآثام والمنكرات، وليس من شك في أن ثمت أموراً لم تذكرها هي لكم، قد تكون أكبر مما ذكرت، ومن الخطأ أيضاً بل وقد يكون من الردة قولها إن النهي عن مثل هذه المحرمات يعتبر من قشور الدين، فالدين كل متكامل، وليس فيه قشور، والاستخفاف بأي شيء منه يعتبر ردة مخرجة عن الملة، والعياذ بالله، وقد علمت مما ذكرناه أنكم على صواب فيما نصحتم به صديقتكم، وأنها هي المخطئة.
وأما إرشادكم إلى الطريقة التي يمكن أن تقنعوها بها، فإن ذلك ليس في وسعنا، طالما أنكم قد استنفذتم كل الطرق، سواء تلك المتعلقة بالدين أو التي تتعلق بالأعراف، ولم يجد ذلك نفعاً، ولكننا نقول لكم إنكم إذا فعلتم كل ما أوجبه الله عليكم من النصح لها ولأولياء أمرها فإنه لا يضركم بعد ذلك ما تفعله هي، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105}، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يأخذ بنواصينا جميعاً إلى صراطه المستقيم.
والله أعلم.