عنوان الفتوى : إسقاط الحمل من الزنا... رؤية شرعية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

رجل زنا بامرأة متزوجة وزوجها مسجون‏،‏ ونتج عن هذا الاتصال الجنسي جنين عمره حوالي شهرين‏،‏ وقد ندم كلا منهما أشد الندم وتابا وأنابا إلى الله‏،‏ ولكن إذا استمر هذا الحمل نتج عنه تفكك وتدمير أسرة المرأة وفضيحتها‏،‏ فهل يجوز للمرأة إسقاط حملها وستر نفسها؟الرجاء كتابة اسم المفتي إذ عليه يعول في الاستدلال بالحكم وبارك الله فيكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خيراً

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإنه يجب على هذا الرجل وهذه المرأة أن يتوبا إلى الله تعالى توبة نصوحاً، فإنهما قد ارتكبا ‏جريمة عظيمة، وخانا خيانة بشعة جسيمة، نسأل الله العافية. فقد ثبت في الصحيحين أن ‏عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب ‏عند الله أكبر؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قلت: ثم أي؟ قال: "ثم أن تقتل ولدك ‏خشية أن يطعم معك" قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك" قال: ونزلت هذه الآية ‏تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا ‏يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُون).
وتتمة الآيات : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يضاعف له ‏العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل ‏الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً* ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله ‏متاباً ) [الفرقان:68-71] ولا يجوز لهذه المرأة أن تسقط حملها، لأن إسقاط الحمل جريمة ‏أخرى، والجريمة لا يتخلص منها بارتكاب جريمة، بل الذي ارتكب جريمة الزنا -تلذذاً بما ‏حرم الله- هو الذي عليه أن يتحمل تبعاتها ومضاعفاتها بما في ذلك افتضاح أمر الزانية ‏بالحمل. وأما الجنين فلا ذنب له. فبأي مبرر يكون الضحية؟ ثم إن من جملة الأسباب التي ‏حرم الله تعالى من أجلها الإجهاض أن فيه تسهيلاً للتستر على هذه المعصية الكبيرة، ‏والتخلص من آثارها، مع إمكان الإصرار على ارتكابها مرة تلو المرة، ولا يخفى ما في ذلك ‏من المفاسد العظيمة، والمضار الجسيمة على الفرد والمجتمع.‏
وكان الواجب على هذه المرأة أن تتقي ربها، وتحفظ حق زوجها في غيبته، وأن لا تخونه ‏مثل ما تحب أن لا يخونها، كما يجب عليها أن تبتعد عن مكان الفتن وقرناء السوء، ‏والمواطن التي يمكن أن تنالها فيها مخالب المغوين.‏
وإن أحست من نفسها ثوران الشهوة، وضعفاً عن كبحها، فعليها أن ترفع أمرها إلى ‏المحاكم الشرعية لينظروا في أمر زوجها، فإما أن يساعدوا في إطلاق سراحه إن كان ‏مسجوناً بغير حق شرعي، وإن كان مسجوناً بحق شرعي ساعدوها في زيارتها له بين الحين ‏والآخر، وإذا لم يمكن ذلك طلبت إلى القاضي أن يطلقها من زوجها، لتنكح زوجاً غيره. ‏هذا هو السبيل الشرعي لمن هو في مثل حالها.‏
ولا يحق لها أن تتذرع بالحياء عن مثل الإجراء المشروع، ثم لا يمنعها الحياء من ارتكاب ما ‏حرم الله تعالى من الزنا.‏
والله أعلم.‏