عنوان الفتوى : المشاكل الزوجية.. الداء والدواء
أنا متزوج ولدي طفلتان، وأعاني من مشاكل مع زوجتي على كثرة نومها في النهار وزيادة سهرها على التلفاز في الليل واهتمامها في بيتها من نظافة وطبخ ورعاية للأطفال. وأنا على قناعة تامة بأنه لا يوجد بيت يخلو من المشاكل. وكل شيء يصلح بالنقاش بعد توفيق الله، ولكن عندما أناقشها في شيء مما ذكرت تستشيط غضبا وتحاول أن تدافع عن نفسها ولو بالكذب، وإذا لم تستطع أن تفلت بكذبها تبكي وتخبر والدتها بما حصل، ومن ثم ينتقل الحوار من زوجتي إلى الحوار مع والدتها التي تدافع عنها لدرجة أنني لم أعد قادرا على الكلام مع زوجتي، وكلما تكلمت معها ينتقل الخبر عن طريق عدم حفظ الأسرار وبعد ذلك تتصل على والدتها والتي ترفع صوتها علي وتحاول بأن أصبح ضعيفا أمام كل هذا وأن أرضخ وأنا لم ولن أتعود على هذا. علماً بأن زوجتي أخبرتني بأن والدتها لم تسمح لوالدها أو زوجها بأن يدخل عليها منذ أكثر من خمس سنوات لأنه تزوج عليها قبل تلك الفترة ثم طلق. وزوجتي الآن عند والديها وذهبت يوم أمس لمحاولة تقريب وجهات النظر واسترجاع زوجتي وذكرت بعض الأحاديث التي تبين وجوب طاعة المرأة زوجها وعظم ذنبها إن لم تفعل وكنت موجها الكلام لزوجتي، فغضبت أمها - وأعتقد بأن الأحاديث أصابتها في مقتل - وقالت إنك لا تأتي إلا بالأحاديث التي تهمك وتنسى الآيات والأحاديث التي تهم المرأة مثل وعاشروهن بالمعروف، وخيركم خيركم لأهله، ورفقاً بالقوارير، ثم بدأت بالنقاش الحاد الذي يعني أنني لن أسترجع زوجتي وكأنك( يا بو زيد ما غزيت). وأنا ولله الحمد مسلم ملتزم بالدين ومحافظ على الصلاة وأحب زوجتي وأحب بناتي. علماً بأن زوجتي عند والديها من اليوم الثالث والعشرين من رمضان هذا العام 1427هـ وهي التي رفضت العودة إلى البيت ولست أنا من أمرها بتركه أو طردها لا سمح الله. هل من أحد يفيدني بكيفية التصرف والتعامل وما العمل؟ أرجو أن لا تحال مشكلتي إلى المواضيع السابقة. وساعدوني على ردع الشيطان عن التفرقة بين الزوج وزوجته. ولكم الأجر إن شاء الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهديك ويوفقك للحق والصواب، وأن يجعل لك من أمرك يسراً.
وينبغي أن تعلم أيها السائل الكريم أن الحياة الزوجية لا تستقيم إلا بالتفاهم وحسن الخلق والتغاضي عن الهفوات ما أمكن، وهذا ما بيناه في الفتوى رقم:2589، والفتوى رقم:8102، .
والواجب على هذه الزوجة أن تطيع زوجها في المعروف، وطاعة المرأة لزوجها سبب لرضا ربها وصلاح حالها، ولا ينبغي للزوجة أن تفتح أذنيها لكلام المحرضين والمفسدين، ولو كان ذلك من أقرب الناس إليها كأمها أو أبيها. ومن أعظم الإفساد إفساد المرأة على زوجها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجهاً، أو عبداً على سيده. رواه أبو داود وغيره، والتخبيب هو: الإفساد، وانظر الفتوى رقم: 49592.
ولا ينبغي إدخال الأهل في المشاكل الزوجية لأن ذلك مما يفاقمها ويزيدها -في الأغلب- كما هو الحال هنا. فعلى زوجتك أن تكف عن نقل أسرار بيتها وما يختلج بين جوانبه إلى أمها أو غيرها . ولتعلم أنها ناشز بخروجها من بيتها دون سبب معتبر لذلك كما ذكرت، وقد بينا حكم النشوز وما يترتب عليه في الفتويين رقم:1103، 30145.
وأمها مشاركة لها في تلك المعصية ما دامت تحرضها على البقاء وتمنعها من الخروج إلى بيت زوجها وهذا من التعاون على الإثم والعدوان. قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ {المائدة:2}
ولكن ينبغي التعامل بحكمة مع هذا كله، ومن ذلك محاولة استرضاء المرأة وأمها وتوسيط من له وجاهة عندهم لحل المشكلة، فإن لم يفد ذلك شيئا فينبغي رفع الأمر إلى المحاكم الشرعية لتلزم المرأة بالرجوع إلى بيتها أو تحكم بما تراه، فهي الفيصل عند استحكام الخلاف واحتدام النزاع. نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتويين رقم: 9226، 67315.
والله أعلم.