عنوان الفتوى : النظر إلى المخطوبة والعدول عن الخطبة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا شاب عمري 28 سنة خطبت فتاة تعمل كمدرسة في إحدى المدارس الحكومية وعندما طلبت رؤيتها في منزلها رفض أبوها بحجة العادات والتقاليد، ثم أرسلت أهلي لرؤيتها فعادوا لي بكلام مثل ( جمالها وسط ، هناك مشكلة في مشيتها ، قوية الشخصية ، جريئة زيادة عن الحد ) ، ونظراً لما أعرفه عن أهلي من عدم نظرهم للأمور من الناحية التي أنظر فيها للبنت ( وخاصة الشرعية ) أردت رؤيتها بنفسي . فوافقت الفتاة وتمشينا في السوق قليلاً بعد خروجها من عملها . وتبين لي أن ما ذكره أهلي من الصفات موجود فيها وخاصة المشي . فقد كانت مشيتها غير طبيعية ويستطيع أي شخص ملاحظة ذلك . والظاهر فيها أنها ملتزمة دينياً ، وأضيف أنني قد استخرت الله عز وجل أكثر من مرة وأني عندما مشيت معها وحدثتها لم أجد لها مكاناً في قلبي ولم أكن مرتاحاً لها ، فهل أنا مخطئ إن رفضتها علماً أنها وأهلها قد وافقوا على زواجي منها وهم الآن ينتظرون ردي ، وهل أنا مخطئ في رؤيتي لها في الشارع، وماذا أفعل لأكفر عما اقترفت من الأخطاء ، أرجو الرد لأن الموضوع متوقف الآن علي ؟ وجزاكم الله كل خير وأحسن مثواكم .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنظر إلى المخطوبة مشروع، بل حث عليه الشارع لكونه أدعى للألفة ودوام العشرة كما قال صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل . كما في المسند والمستدرك وسنن أبي داود . وقال لرجل أخبره أنه يريد أن يخطب امرأة: انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما . كما في المسند والسنن، قال الحافظ ابن حجر: فيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء. اهـ .

ولا يشترط في ذلك إذنها ولا إذن أوليائها عند جمهور أهل العلم اكتفاء بإذن الشارع ولعموم الأخبار في ذلك مثل حديث جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفعل . زاد أبو داود قال جابر : فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. وللخاطب أن يبعث من أهله من يقوم مقامه في ذلك إن لم يتيسر له النظر بنفسه لأنه صلى الله عليه وسلم بعث أم سليم إلى امرأة وقال : انظري عرقوبيها وشمي عوارضها . رواه الحاكم وصححه ، ويؤخذ من الخبر أن للمبعوث أن يصف للباعث زائدا على ما ينظره فيستفيد بالبعث ما لا يستفيده بنظره، وللخاطب تكرار النظر مرتين أو ثلاثا حتى يحصل الغرض، فإن حصل وجب عليه أن يكف كما بينا في الفتوى رقم : 51914 ، وعليه فلا حرج على السائل في رؤيته للمرأة ونظره إلى ما يدعوه إلى نكاحها إذا لم يكتف برؤية غيره لها ، لكن يجب أن لا يكون هناك خلوة، وكان ينبغي أن يكون ذلك بحضرة أحد من أهلها إبعادا للريبة وسدا لباب الفتنة، ولا يشترط لإباحة النظر إذن من المرأة ولا من وليها، قال صاحب الفروع : وله تكراره وتأمل المحاسن بلا إذن .

ثم إنه لا حرج عليك في عدم نكاحها إن لم تطمئن إليها ولم تجد رغبة نحوها بعد ما نظرت إليها، بل لا ينبغي أن تنكح إلا من رغبت فيه واستجمع من الصفات ما يدعوك إليه، فذلك من دواعي الألفة والمحبة ودوام العشرة، ولتجنب مثل هذا الحرج الحاصل من رفض الخاطب لمخطوبته بعد أن رآها ولم تعجبه فالأولى أن ينظر الرجل إلى من يعزم على خطبتها فإن رأى ما يعجبه ويدعوه إلى نكاحها خطبها وإلا أعرض عنها دون أن يخطبها ثم يدعها وقد يكسر خاطرها بذلك، وتراجع الفتوى رقم : 48290 ، كما ننبهك أيها السائل الكريم إلى أن عمل المرأة منه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع سيما في مجال التدريس، ولمعرفة تفصيل ذلك انظر الفتويين : 522 ، 1665 .

والله أعلم .