عنوان الفتوى : حكم وضع زكاة الغير بصندوق التبرعات على طريق الخطأ
كل عام وأنتم بخير ، حدث لي اليوم أول أيام عيد الفطر شك في أمر ما ، أنني قبل صلاة العيد قمت من مجلسي لأتصدق وأتوضا فإذا بأخت من الأخوات طلبت مني بأن أضع زكاتها في صندوق الزكاة فأخذت منها ووضعت كل مبلغ على حدة في يدي إلا أنني عند باب الخروج رأيت إحدي الأخوات فاضطررت أن أضع المبلغين في يد واحدة وكنت على عجلة من أمري وهو أني تركت أطفالي بالداخل وأنني أريد أن أتوضا قبل أن تبدأ صلاة العيد ووضعت المبلغين في صندوقين مختلفين ومن هنا يأتي الشك وهو أني بعد أن وضعتهما ساورني شك بأنني وعن طريق الخطأ قد أكون بدلت يعني المبلغ الخاص بالأخت وهو10$ بدلاً من وضعه في صندوق الزكاة أكون وضعته في صندوق الدونيشن (التبرعات)، وأنا أسأل الآن لأني قلقة من هذا الموضوع والمشكلة أنني وضعتهما بسرعة للأسف من غير ما أتأكد من المبلغ وليس الصندوق (للعلم أنني لم أر كم هو المبلغ المتصدق مني حتى أحقق مبدئيا اليد اليسري لأتعرف ما باليد اليمني)، وأنا أرجو منكم أن تفيدوني وأن تنصحوني ماذا أفعل في هذا الأمر إذا حدث ذلك فعلا فماذاعلي فعله وخاصة أني لن أستطيع أن أتأكد منه وأريد أن أكون إن شاء الله في بر الأمان ورضيت ضميري؟ جزاكم الله عنا كل الخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر أن ما ذكرته السائلة الكريمة من الزكاة والصدقة تعني به زكاة الفطر، وزكاة الفطر فقد اختلف العلماء في مصارفها على ثلاثة أقوال: قال جمهور العلماء بجواز قسمتها على الأصناف الثمانية التي تصرف فيها زكاة المال، وهم المذكورون في قول الله جل وعلا: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.
وذهب المالكية وبعض أهل العلم إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين. وقال الشافعية إنها تقسم على الأصناف الثمانية أو من وجد منهم، وعليه فإذا كان صندوق الدونيشن (التبرعات)، ويصرف ما يوضع فيه في مصارف الزكاة فلا شيء عليك فيما فعلته، لأنك وضعت المال في مصرفه.
وإن كان ما يوضع في صندوق الدونيشن (التبرعات) يراد لشيء غير مصاريف الزكاة، فإنك -إذاً- تكونين قد أخطأت فيما ذكرتِه من احتمال كونك وضعت بعضاً من زكاة أختك في غير موضعها، وبذلك يلزمك ضمان ما وضعته منها في غير موضعه، لأن الأمانة تضمن بالتفريط فيها وبخلطها، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: الإيداع توكيل بحفظ مال تضمن بسقوط شيء عليها... وبخلطها. قال الخرشي شارحاً: قد علمت أن الوديعة أمانة، الأصل فيها عدم الضمان إذا تلفت إلا أن يحصل تفريط فتضمن فإذا سقط عليها شيء من يد المودع بفتح الدال فأتلفها أو سقط شيء بسببه فإنه يضمنها لأن ذلك جناية خطإ وهي والعمد في أموال الناس سواء.... وفي معرض خلطها قال: يعني أن المودع بالفتح إذا خلط الوديعة بغيرها بحيث يتعذر أو يتعسر تمييزها فإنه يضمنها حينئذ بمجرده وإن لم يحصل فيها تلف...
وإذا كنت لا تعرفين القدر الذي يحتمل أنك وضعته في زكاة أختك في غير موضعه فالواجب أن تجتهدي في تحديد قدره.
والله أعلم.