عنوان الفتوى : اتهام الأم بالسرقة ظلما وفضحها من أعظم الموبقات

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم الإسلام في من يتهم والدته بسرقة ذهب زوجته أمام الناس وعلى الملأ مع أن الجاني رجل متعلم وتربوي وفي النهاية يتضح الأمر وكان أخو الزوجة هو من قام بهذا الفعل، بتخطيط من زوجة الجاني وذلك ليفسد العلاقة بين الجاني ووالدته ليخلو البيت للزوجة وأهلها ومنع أهل الزوج من دخول البيت بدعوى السرقة؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعله هذا الابن بأمه عقوق وعار وشنار، لا ينبغي أن يصدر من جاهل سفيه فكيف بالمتعلم النبيه؟! فبرور الوالدين واجب وإيذاؤهما محرم، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، ومن ذلك قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، ولما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: أمك ثلاثاً، ثم قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأم: الزم قدميها، فإن تحت قدميها الجنة.

وفي حرمة إيذائهما يقول الله تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23}، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين وعصيانهما من أكبر الكبائر حين قال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين... إلخ. رواه البخاري ومسلم.

ولا شك أن هذا الابن قد أخطأ خطأً عظيماً وارتكب وزراً مبيناً في حق أمه حيث اتهمها بالسرقة وفضحها على رؤوس الأشهاد وهي براء من ذلك: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}، وقد بينا حرمة اتهام المسلم لغيره بالسرقة لمجرد الظن والتخمين وذلك في الفتوى رقم: 21346.

فما بالك إن كان المتهم أحد الوالدين فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ويعتذر لأمه وينطرح بين يديها حتى تسامحه وتغفر له جرمه، ولا يعد إلى ما يؤذيها أبداً فهي أحق الناس بحسن صحبته، ومن لم يحسن عشرة أمه التي حملته كرها ووضعته كرهاً فعلى من يحسن.

وليعلم ذلك الرجل وغيره أن من الأزواج والأولاد عدواً للمرء يوبقونه ويهلكونه ويفسدون بينه وبين رحمه، بل بينه وبين أمه كما هو الحال هنا فليحذرهم غاية الحذر، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ {التغابن:14}، ولا ينبغي أن يكون إمعة في يد زوجته تقلبه كيف تشاء، فقد جعل الله له القوامة في بيته، كما في قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}، فليحسن صحبة أمه، وليتودد إليها كي تسامحه، وليأخذ على يد زوجته السفيهة وليأطرها على الحق أطراً، ولا يدعها تزرع العداوة والبغضاء بينه وبين أهله وذوي رحمه.

ثم إننا نقول لتلك الزوجة: إن الزوجة الصالحة هي التي تجمع بين الرجل وأهله ولا تفرق بينهم، وتكرمهم ولا تهينهم، وإذا أردت أن تملكي زوجك وأهله فبالإحسان لا بالإساءة والهجران. وقديماً قيل:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم   * لطالما ملك الإنسان إحسان

ولمعرفة ما يلزم السارق صغيراً كان أو كبيراً انظر الفتوى رقم: 23877.

والله أعلم.