عنوان الفتوى : الدعوة إلى الله لها طرائق عديدة
بسم الله الرحمن الرحيم جزاكم الله خيراً على ما تبذلونه من خير للمسلمين، فأنا من المحبين والمعجبين بموقعكم الذي ترتاح له النفس، والقلب، والعقل، سؤالي: هو أنا بلغت الأربعين من عمري، وأحس أن لدي علما شرعيا بفضل الله، بسبب حب الدين والقراءة، وأتقن قراءة القرآن والحمد لله، وقد كنت الأول في دورة أحكام التجويد المتقدمة على المشاركين، ولدي صوت جميل في قراءة القرآن والحمد لله، وأعيش منذ سنوات في حيرة شديدة، ولغاية هذه اللحظة لم أتمكن من الربط بين هذه الأمور الهامة، وهي: ( الدعوة الى الله، ونشر العلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبين قوانين الوظيفة العامة التي تمنع طباعة شيء ونشره، حيث إني ماهر في طباعة الكمبيوتر، ولدي مواضيع من موقعكم أحتفظ بها لدي، كما أن لدي مواضيع هامة جدا تنفع المسلمين فقهية، ونفسية، وصحية، واجتماعية، وغيرها كثير، ولكن لدي خوف من أن أكون ممن يضيع أهله ونفسه ووظيفته، إذا قمت بطباعة وتوزيع هذه المواضيع على الناس، وأخشى أن أتعرض للمسائلة القانونية (علما بأني لا استخدم أوراق، ولا أحبار من مكان عملي إلا الموضوع، وأقوم بنسخه على دسك خاص بي، ثم أطبعه على نفقتي خارج مكان العمل)، هل أنا إذا اقتصرت على الكلام مع الناس دون الطباعة وتوزيع المواضيع أكون آثما، كما قال عم لي أيضا عليك بخاصة نفسك وأهلك، وهل أنا تارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل أنا ممن يكتم العلم عن الناس، فأستحق عقاب الله، لا قدر الله تعالى، أفيدوني نفعني الله وإياكم وجميع المسلمين، ورزقني وجميع المسلمين العلم النافع، وحب الدين، وحب الله ورسوله، وحب الخير للمسلمين، والناس أجمعين.. آمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجزاك الله خيراً على هذه الروح المسؤولة التي تحمل هم الدين والعمل له وإبلاغه لكافة الناس، ونسأل الله عز وجل أن يجعلك من الداعين إليه على بصيرة، قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}، وقال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي {يوسف:108}، هذا ولتعلم أن الدعوة إلى الله عز وجل تأخذ صوراً متعددة من خطبة وموعظة ومقالة وتأليف ونشر مطبوعات وكتب ومذكرات ونحو ذلك، فإذا كان لا يمكنك طباعة ما ينفع المسلمين لسبب ما فثمت صور أخرى للدعوة منها الحديث مع الناس عموماً والزملاء والأهل والأقربين خصوصاً.
وأما مسألة كتم العلم والإثم بذلك فهذا في العلم الذي يتعين وليس في مسألتك، جاء في عون المعبود في شرح حديث: من سئل عن علم فكتمه.... قال: وهذا في العلم الذي يتعين عليه فرضه كمن رأى كافراً يريد الإسلام يقول علموني الإسلام وما الدين وكيف أصلي وكمن جاء مستفتياً في حلال أو حرام.... وليس الأمر كذلك في نوافل العلم.
وإذا كان هذا في نوافل العلم الشرعي فكيف بالعلوم الأخرى غير الشرعية، جاء في شرح سنن ابن ماجه: هذا الوعيد مختص بكتمان علم الدين. انتهى.
والله أعلم.