عنوان الفتوى : صبر المرأة على زوجها وتحملها له لا يضيع أجره عند الله

مدة قراءة السؤال : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. أنا متزوجة منذ 6 سنوات ورزقني الله من زوجي بطفلتين حبيبتين جداً والحمد لله... أنا بطبعي جادة وأكره التلاعب، كل شيء بالنسبة لي يجب أن يكون واضحا، فالأبيض أبيض والوردي وردي، في بداية خطبتنا تعرض زوجي لمعاناة صعبة امتدت عاما كاملا ساندته خلالها فقد كان يائسا وبحاجة إلي بجانبه فلم أتخل عنه.... خالفت نصيحة أقرب الأقربين مني بضرورة التوقف عن ذلك إلا أنني رفضت كلامهم وازداد تمسكي به قائلة إن الله يمتحن عباده وأنا راضية بامتحانه سبحانه، خصوصا وأنني لم أخالف شرع الله أثناء علاقتي به.... ثم شفي خطيبي وكان لزاما عليه أن يتقدم لعمي كونه ولي أمري بعد وفاة والدي رحمه الله ليحددا معا أمور عقد القران، ألا أنه لم يفعل وانتظر استدعاء عمي له فلبى الدعوة وعاب عليه عمي ذلك منذ ذلك الحين وهو يتحين الفرصة ليتراجع عن خطبتي فكان يثور في وجه عمي المسن المريض بداء السكري وارتفاع الضغط... وجاء يوم عقد القران، ذلك اليوم الذي تنتظره كل فتاة، وبطبيعة الحال كان خطيبي كلما حاول عمي مناقشة شروط زواجي معه صده وثار في وجهه مما أقلق جميع الحضور.... المهم تم التوقيع على عقد الزواج فجاء زوجي وودعني وذهب إلى بيت أهله في نفس البلدة، بعدها لم يتصل بي أو يأتي لزيارتي إلا بعد مضي 3 أيام بعدما كان دائم المجيء إلينا أيام الخطبة مما أقلقني... ثم جاء يوم الدخلة الذي لم يكن مثلما تمنيته، فقد كان أمنيتي أن يدخل بي ذلك الإنسان الذي ساندته وضحيت من أجله كثيراً جداً ألا أنني وجدت إنسانا آخر لم يرحم ضعفي وآلمني رغم توسلاتي الحارة وكأنه كان ينتقم مني لذنب لم أقترفه.... تحملت كل شيء وفي قرارة نفسي أنا مجروحة متألمة وحزينة جداً.... عاملته كما يجب على الزوجة المسلمة أن تعامل زوجها ولم يغب عن ذهني يوما حديث سيد الخلق (انظري أين أنت منه أنه جنتك أو نارك) وثقت به ثقة عمياء ولولا الخوف من الوقوع في الشرك بالله لسجدت له.... استمرت علاقتنا متهورة من جانبه وأنا أختلق له الأعذار وأزداد صبراً.. كنت دائما أحذره من خيانتي وأني سأسامحه لو فعل واعترف لي وسيكون ذلك على قلبي أهون من أن أعلم من مصدر غريب، و كان يحلف كذبا بوفائه المتناهي الذي لا نقاش بعده فكنت أحمد الله على هذا الزوج الطيب العفيف في نظري.... ثم اكتشفت خيانته بعد عام من زواجنا، واجهته بالأمر فكان منه الإنكار والحلف يمينا بصدقه، سامحته رغم يقيني التام بكذبه لأني كنت في الشهور الأخيرة من حملي وأعجبت بذكائه وكذبه رغبة منه في الإبقاء على بيته.... ثم مرت السنوات إلا أن حالي تغير كثيراً وأصبحت عصبية المزاج سليطة اللسان ولا أقول ضعفت ثقتي به بل الأصح اهتزت وهذا أثر سلبا على مردوديتي كزوجة فبعد حسن التبعل وكما قال لي مرارا تحولت من (ملاك يمشي على الأرض إلى وحش ضار دائم الاستعداد للانقضاض).. لم أعد أثق بأي شيء كان وبدأت أجد نفسي حمقاء ترى أن للعفة مكانا في زمن الفتن والمفاسد.... أقسم بالله أني كنت أتزين وأتطيب ولا ألقاه إلا في أبهى حلة، مع العلم بأنه كان آنذاك يعمل في بلد آخر ولا يلقاني إلا نهاية كل أسبوع.. استمرت حياتنا جميلة رغم ظهور شبح الخيانة أمام عيني من وقت لآخر غير أني أطارده وأستمر في العيش مع زوجي في صفاء وهناء راضية بنصيبي في الدنيا وسائلة الله ملاقاته وهو راض عني وحسن الجزاء في الآخرة.. والحمد لله ازددت تمسكا بالدين وصبرا على تجريحه لي بالقول أني أحرم نفسي من لذات الدنيا بالتمسك بالدين.. يعيرني بالتدين ويعير أفراد أسرتي المحافظين أيضا...... أقول إني صبرت لكل هذه الإهانات وغيرها كثير أحتفظ بها في قرارة نفسي ابتغاء وجه الله تعالى خصوصا وأني الآن أنجبت طفلتي الثانية التي هو متعلق بها كثيرا كثيرا كثيرا.... نقاشاتنا ومشاداتنا الكلامية تزداد يوما بعد يوم وفي كل مرة يندم على زواجه مني وأنه يرغب في الفراق مرة يقول لي طلقي نفسك مني لأني لا أملك المال لفعل ذلك ومرة يقول إنه قادر على الطلاق لولا خوفه على طفلتينا ومرة أخرى يسبني ويهينني ويجرح قلبي حين أكون في أصعب الأوقات وحين أحتاج بإلحاح إلى رحمته بي وعطفه وحنانه علي.... يهجرني في الفراش شهراً رغم نومه في نفس الغرفة.... يعيرني بالنحافة رغم اعتدال قوامي وجمالي ويتفنن في وصف زوجة الجار مع علمه بسوء خلقها وكرهها لزوجها وسمعتها السيئة عند الصغار والكبار، كيف أعامل هذا الزوج، هل أضحي بأطفالي وأشردهم بحثا عن سعادتي بفراقه، أم أصبر ولم يبق في جعبتي ذرة صبر، فكيف أتصرف معه، انصحوني وانصحوه هو أيضا، فإني سأطلعه على هذه الرسالة....؟ اسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة... جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا نبشرك بأن صبرك وتحملك ومساندتك لزوجك، وحسن تبعلك وتزينك له لن يذهب سدى، فإن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ونذكرك بباب عظيم ووسيلة كبرى لإصلاح زوجك وهي الدعاء، فابتهلي بين يدي الله تعالى وأكثري من الدعاء لزوجك بالخير والصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة.

ونقول للزوج: تذكر أخي أن حياتك بيد الله تعالى، وأنه صاحب النعم كلها ظاهرها وباطنها، فكل ما عندك فضل منه، وهو القادر سبحانه على أن يسلب عنك ما وهب، وأن يبدلك بالخير شراً, وبالستر هتكا, وبالغنى فقراً, وبالصحة مرضاً، قال الله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ {الأنعام:46}، فكن لنعم الله شاكراً ولا تكن له كافراً، وانظر الفتوى رقم: 17416.

وعد إلى الله تعالى وقم بحقه، واعمل بطاعته، وأصلح حالك مع زوجتك وأحسن تربية بناتك، واعلم أن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وأن أخذه أليم شديد، ونعجب والله كيف يعير المسلم مسلماً بتمسكه بالدين، وبوقوفه عند حدود الله تعالى، وبطاعته لربه، ونخشى والله على من فعل ذلك الوقوع في الكفر، لأن كلامه هذا يشعر بالاستهزاء بالدين.

ونعود إلى الأخت السائلة فنقول لها إن فعلت ما يجب عليك تجاه زوجك ولم يستقم حاله، ولم يكرمك مع ما قد فعلتِه معه من محبة ومودة وحسن معاملة، وأصر على ترك التدين، والسخرية بالمتدينين، فلا حرج عليك في طلب الطلاق، ولن يضيعك الله أبداً، وعموماً فظننا بزوجك حسن, وأن الله عز وجل سيوفقه للعودة الصادقة إلى الحق وتصحيح المسار إلى الطريق السوي، فنسأل الله له التوفيق والخير والصلاح والهداية.

والله أعلم.