عنوان الفتوى : ظلم الزوجة وأخذ مالها بغير طيب نفس منها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أنا أم لأربع بنات صغيرات وزوجي طباعه قاسية يوبخني دائما ويضربني ويهينني أمام بناتي، ويوجد لدي إرث من والدي يريد أن ينازعني عليه وهو قطعة أرض مع إخوتي الذين أبدوا استعدادهم لإعطائي نصيبي من الإرث سواء كان أرضا أو أن أبيعها لهم ويعطوني نقودا مقابل الأرض، ومع تهديد زوجي لي بطلاقي أو الزواج بأخرى ومحاولته أن يفسد بيني وبين إخوتي الذين أثق بهم، ورغم الضغوط المتكررة منه أصبحت في حيرة من أمري أخاف إن أنا أعطيته النقود أن يطلقني أو يتزوج بأخرى حسب تهديداته وتوبيخاته وضربه لي بالرغم من معاملتي الحسنة له ويحرمني حتى من زيارة أقاربي من الدرجة الأولى، فماذا أفعل أريد حكما شرعيا أو فتوى، وهل أحتفظ بهذه الأرض مع إخوتي مع عدم إعطائها له حتى لا يتصرف بها كما يهوى مع العلم بأن الظروف المعيشية جيدة والحمد لله، زوجي يشتغل في وظيفة ذات معاش لائق حتى لا نقول إنه فعل ذلك لأن الظروف المعيشية سيئة ولكم جزيل الشكر ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أوصى الله سبحانه وتعالى بالزوجات في كثير من الآيات ، قال تعالى:  فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34} وقال تعالى :  وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19 } وقال:  فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19 }  وغير ذلك من الآيات .

وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بهن ، ومن وصاياه الوصية الخاتمة في حجة الوداع، والتي قال فيها صلى الله عليه وسلم: ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن . رواه  الترمذي  ، وقال: هذا حديث حسن صحيح،   وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا، وقال:  اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة.  رواه  ابن ماجه 

فلا يجوز ظلم الزوجة ، بأي نوع من الظلم سواء كان ماديا أو معنويا ، فلا يجوز ضربها إلا كعلاج للنشوز بعد استنفاد الوسائل الأخرى من الوعظ والهجر ، ولا يجوز أخذ شيء من مالها إلا ما طابت به نفسها، كما قال الله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً {النساء:4} .

 أما أخذ مال الزوجة بغير طيب نفس منها ،  فذلك أمر يخالف الدين ويأباه الخلق الكريم،  ومن أكل أموال الناس بالباطل، قال الله سبحانه: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}،

وإذا كان الله جل جلاله قد نهى الأزواج عن أخذ شيء مما أعطوه مهوراً لأزواجهم إلا عن طيب نفس منهن فمن باب أولى النهي عن أموال الزوجة التي حصلت عليها بإرث و نحوه، وانظري الفتوى رقم: 32280 ،  فننصح الزوج بأن يتقي الله في زوجته ، وأن لا يظلمها بأخذ مالها بغير حق ، أو بضربها وإهانتها ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، ولا يجوز له منعها من صلة أرحامها ، فإن صلة الأرحام واجبة، وقد حذر الله سبحانه من قطعها، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22 } 

 وأما الزوجة فمن حقها التصرف في مالها بما تريد من بيع وهبة ، وغير ذلك ، ولا يجب عليها إعطاء الزوج منه شيئا ، ويجب عليها طاعته في المعروف ، وعدم الخروج من البيت لزيارة أقاربها إلا بإذنه ، وتكتفي بصلة أقاربها بالاتصال بهم والإرسال إليهم ، وتراجع الفتوى رقم 19419 .

وننصحها بالصبر على الزوج حفاظا على الأسرة والأولاد ، ولها أن تتألف قلبه بإعطائه شيئا من مالها ، حتى لا يقدم على طلاقها .

والله أعلم .