عنوان الفتوى : سفر المرأة في بعثة بغير محرم
جزاكم الله عنا خير الجزاء على جهودكم،، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منكم وألا يحرمكم الأجر، ويجعل عملكم هذا شاهدا لكم يوم نلقاه.. وبعد أما سؤالي، فأحببتُ أن أبدأه بمقدمة، لعلها تساعد في توضيح الأمر بشكل أفضل: أختي الكبرى تعمل في وظيفة حكومية بإحدى الوزارات، وقد تم ترشيحها مؤخرا لحضور دورة في إحدى الدول الغربية (تحديدا الولايات المتحدة الأميريكية)هي وزميلتها بالعمل لمدة ثلاثة أشهر تقريبا، وبعض الزملاء من الرجال بالعمل، وقد رحبت أسرتي كلها بهذا الأمر ووافقت وشجعت أختي عليه،، إلا أنا فقد رفضتُ تماما هذا الأمر لما يترتب عليه من مخالفة شرعية في سفر أختي بغير محرم خصوصا لدولة كافرة..كما أن سفرها هذا يتيح لها العديد من الميزات ، بما فيها زيادة الراتب طوال فترة السفر إلى أكثر من الضعف، والعديد من الميزات الأخرى، فلم يكن من أختي إلا أن تمسكت بهذا الأمر، رغم علمها بحرمة سفر المرأة بغير محرم، ورغم أني نصحتها بترك هذا الأمر، وعدم بيع رضا الله والأخرة بعرض زائل من الدنيا، إلا أنها أصرت على رأيها، ورفضت السماع لي فضقتُُ ذرعا بذلك.. والله المستعان . وقد حاولت دوما تجنب أي حديث معها حول ترتيبات السفر والوضع هناك، حتى لا أكون مشجعة لها على ذلك فآثم. وقد تم ذلك وسافرت قبل أيام قليلة.. والله المستعان مع العلم أن سكن كل فرد منهم هناك يكون بشقة مستقلة خاصة به لا يشاركه فيها أحدأما سؤالي ، فهو من شقين، و كالتالي: 1/ هل إني بنصحي لها وتذكيري وتنبيهي لها بأن هذا الأمر غير جائز شرعا، وعلمها هي بحرمته، أكون قد أبرأت ذمتي (رغم ضيقي الشديد الذي يعلمه الله من أمر سفرها هذا) أم أني أعتبر مقصرة في النهي عن المنكر أو آثمة؟ 2/ اعتادت أختي أن تعطيني مصروفا في كل شهر عند استلامها للراتب،، ولعلها الآن تزيد هذا المصروف لي، أو تعطيني مبلغا من المال بسبب الزيادة التي ستحصل عليها من هذا السفر، والمخصص الذي سيتم إعطاؤها إياه،، فهل أقبل منها المبلغ أو هذه الزيادة في المصروف؟ كما أنها وعدتني بتحمل ودفع تكاليف (شيء ما كنت أريده وأحتاجه) عند عودتها من السفر، إلا أني لم أسمع لها،، خشية أن تكون استفادتي من هذا المال الذي ستحصل عليه نتيجة سفرها غير جائزة.. فهل أقبل بذلك؟؟ هذا وجزاكم الله عنا خير الجزاء ولا حرمكم الأجر والمثوبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب على أختك مما فعلت وأن يرزقها الإنابة إليه والتوكل عليه وأن يشرح صدرها لقبول أحكام دينها دون أن يكون في صدرها حرج منه ، وما يلزم أختك من التوبة يلزم الذين شجعوها على ذلك كذلك . فقد أخطأت أختك حينما سافرت إلى هذا الدورة بغير محرم إلى بلد تكثر فيه الفتن ويخشى فيه التقي على نفسه ، مع ما في الدراسة هناك (الدورة ) من اختلاط مذموم ، وتوقع الخطر على النفس في أي وقت وفي كل حين ، وقد ذكر العلماء أن المحرم لا يجب عليه أن يمكث مع المرأة التي سافر معها إذا كان البلد الذي ستقيم فيه آمناً، أما إذا غلبت فيه الحوادث وكثرت فيه الفتن فإنه يجب عليه أن يقيم معها حتى تعود هذا فضلاً عن وجوب صحبته لها أثناء سفرها ليعينها على الركوب والنزول والطعام والحاجة ونحو ذلك . وراجعي في هذا الفتويين التاليتين:6015 ،65710 .
ولا شك أن دراسة العلوم مطلوبة لكن بشرط ألا تؤدي إلى محرم أو تؤثر على دين المرء ، والنظر إلى زيادة المال بسبب ذلك نظر قاصر لأن المال عرض زائل سرعان ما يفنى ويذهب وتبقى تبعته على المرء إلى أن يلقى الله تعالى ، وراجعي الفتوى رقم : 18523 .
وقد أحسنت أيتها الأخت حينما نصحت أختك ولم تعاونيها في إجراءات السفر وإعداداته لئلا يقع منك إعانة لها على ما تريد أو تشجيعاً لها على الوقوع في الإثم ولا نرى عليك إثماً بعد نصحك لها ما دامت هذه هي حدود قدرتك . أما عن المال الذي تعطيه لك أختك فلا مانع لك من قبوله مع الزيادة التي ستحصل لك بعد سفرها ، لأن حصولها على المال عند سفرها ليس لمجرد السفر ، وإنما للدورة التي ستقوم بدراستها ، لكن إذا وجدت أن في رفضك لهذا المال زجراً لها عن الذي وقعت فيه وكان ذلك سبيلاً إلى إصلاحها فالمتعين رفض هذا المال ، لأن الهجر وسيلة من وسائل النهي عن المنكر ، والنهي عن المنكر واجب على القادر عليه ، وراجعي الفتويين التاليتين : 18611 ،16505 .
وحكم الشيء الذي ستشتريه لك بعد عودتها هو نفس حكم المال الزائد الذي ذكرناه ، ويشترط في كل الأحوال لقبول جميع عطاياها أن يكون العمل الذي تتقاضى منه هذا المال (الراتب) مشروعاً في أصله .
والله أعلم .