عنوان الفتوى : مدى أثر المرض النفسي على التكاليف الشرعية
ما هو موقف الشرع من علم النفس ؟ بمعنى هل نتائج علماء النفس لها تأثير في الأحكام الشرعية ، فمثلا إذا قال الطبيب النفسي أنت مصاب بمرض التفكير الفصامي فهل هذا يدخل في قوله تعالى ( ولا على المريض حرج)؟ أم أن هذا أمر ليس له تأثير لأن معظم الأمراض الموجودة في المجتمعات يردها أطباء النفس إلى أمراض النفس مثل السرقة والقتل ونحو ذلك وما هو الضابط لهذا الأمر؟ وشكرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمريض لا يخلو من إحدى حالتين: الأولى : أن يذهب عقل المكلف كالجنون والصرع ونحوهما من كل مزيل للعقل .
الحالة الثانية : أن لا يكون المرض مذهبا للعقل ولكنه يضعف الإنسان ويفقده القدرة على القيام بالمتطلبات الشرعية كالعجز عن القيام في الصلاة -مثلاً- أو الصوم . ومثل العجز هنا القدرة عليها مع المشقة.
فالحالة الأولى من المرض تسقط التكاليف عن صاحبها ويرفع عنه القلم لأن العقل هو مناط التكليف، وكل تكليف يشترط العقل (كما قالوا) والدليل قوله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الغلام حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق . رواه ابن حبان والحاكم في المستدرك. وفي صحيح البخاري (باب لا يرجم المجنون والمجنونة، وقال علي لعمر: أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ )
أما الحالة الثانية : وهي حالة العجز عن القيام بالتكاليف أو بعضها مع وجود العقل فهذه أيضاً تسقط عن صاحبها ما عجز عنه من التكاليف ولم يستطعه لقول الله تعالى : لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة : 286 } ولقوله صلى الله عليه وسلم : فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم . متفق عليه
فإذا تقرر هذا علم أن ما يسمى مرضاً في علم النفس مما لا يدخل تحت إحدى الحالتين السابقتين لا يسمى مرضاً شرعاً ما دام الشخص يتمتع بعقله وقدرته .
والله أعلم .