عنوان الفتوى : يقع الطلاق و إن لم تسمعه أو تعلم به الزوجة
حلفت على زوجتي بالطلاق ثلاث مرات بأن لا تفعل شيئا- وفعلته في مرتين -لمجرد التهديد وليس بنية الطلاق والله أعلم، والمرة الثالثة حلفت بأن تشرب الحليب بأمر الدكتور وكانت متكاسلة في مرة الحليب فسد وشربت منه وهو فاسد، وهل هذا صحيح ومرة قلت لها أنت طالق ولم تسمع الكلمة ، قلتها علنا أمام أمي وأبي وآخر مرة قلت لو فعلت هذا الشيء وحلفت يمين الطلاق وفعلته وقلت أمامك يا رب لو فعلته تكون طالقا بغضب شديد ولم أعرف النية التي يمكن تكون نية التهديد وليس الطلاق، وأنا فعلا مخطئ وربنا يسامحني أفيدوني أفادكم الله، أريد الرد على وجه السرعة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتعليق الطلاق بشرط، كقول الزوج لزوجته إن فعلت كذا فأنت طالق، أو إن لم تفعلي كذا فأنت طالق ونحوه، إن قصد به الزوج الطلاق وقع الطلاق بفعل الزوجة لما نهاها عنه، أو بعدم فعلها ما أمرها به، وإن قصد به التهديد والمنع ففيه خلاف: الجمهور على وقوع الطلاق به، وبعض العلماء على أنه يمين، تكفر بالكفارة المعروفة، كما أن التلفظ بكلمة الطلاق قاصداً الطلاق الشرعي يقع به الطلاق وإن لم تعلم به الزوجة.
وأما تعليق الطلاق على شرب الحليب، وتكاسل الزوجة عن شربه حتى تغير، فيرجع إلى نية الزوج وقصده، فالأيمان مبناها على القصد، فإن قصد به شرب الحليب على صفته المعروفة، فيقع الطلاق لأنها لم تشرب الحليب المقصود في اليمين، وإن قصد شرب الحليب على أي صفة وإن تغير، فلا يقع الطلاق حينئذ، قال ابن قدامة في المغني: (ويرجع في الأيمان إلى النية) وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقاً لظاهر اللفظ أو مخالفاً له. انتهى.
قال في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: والمسألة في سماع أبي زيد من الأيمان بالطلاق قال فيه في رجل تغذى مع امرأته لحما فجعلت المرأة لحما بين يديه ليأكله فأخذ الزوج بضعة، فقال لها: كلي هذه فردتها، فقال لها: أنت طالق إن لم تأكليها فجاءت هرة فذهبت بها فأكلتها فأخذت الهرة فذبحتها فأخرجت البضعة فأكلتها المرأة، هل يخرج من يمينه، فقال: ليس ذبح الهرة، ولا أكلها، ولا إخراج ما في بطنها، ولا أكله من ذلك بشيء، ولا يخرجه ذلك من يمينه في شيء يحنث فيه، فإذا كان ساعة حلف لم يكن بين يمينه وبين أخذ الهرة قدر ما تتناولها المرأة وتحوزها دونها، فلا شيء عليه، وإن توانت قدر ما لو أرادت أن تأخذها وتحوزها دونها فعلت فهو حانث. ابن رشد مثل هذا حكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون.
وهو صحيح على المشهور من المذهب من حمل الأيمان على المقاصد التي تظهر من الحالفين، وإن خالف في مقتضى ألفاظهم، لأن الحالف في المسألة لم يرد إلا أن أن تأكلها وهي على حالها مستمرة مساغة لا على أنها مأكولة تعاف. انتهى.
والحاصل مما تقدم أن الحلف بالطلاق على قول الجمهور معلقاً على شرط يقع الطلاق بوقوع الشرط وإن لم ينو الطلاق، وأن اليمين مبني على قصد الحالف به، وأما التلفظ بالطلاق دون علم الزوجة فيقع به الطلاق، فإذا بلغ عدد الطلقات ثلاثا أو أكثر فقد بانت الزوجة، وعلى كل حال يجب على السائل مراجعة المحكمة الشرعية في بلده لأنها المختصة بهذا الأمر.
والله أعلم.