عنوان الفتوى : كيفية التوبة لمن وقع في القرض الربوي
أنا شاب مسلم أقيم الصلوات الخمس في جماعة لقد قمت باقتراض مبلغ من البنك أريد أن أحلله يا سيدي لقد اشتريت به سيارة باص وهي تعمل ولله الحمد بعد شرائها حصل لي بها حادث وصرفت عليها الكثير لإصلاحها غير تكاليف علاجي فهل هذا يعتبر من المكفرات؟ أريد يا أخي الفاضل أن تنصحني بما أفعل والله ما أخذت هذا المال إلا بعد ما قال أحد العلماء في مصر بالحرف: من قال المعاملة مع البنك حرام فقد أفتى وهذا ليس بالدليل بأن أحلل هذا المال ولكني أنا على استعداد أن أفعل أي شيء على أن أتخلص من هذا المال وأنا يا أخي الكريم نادم نادم نادم على هذا المال أفدني بالله عليك كيف الخلاص كيف الخلاص فأنا أخذت آراء بعض الإخوة الأفاضل في أن أقوم ببيع السيارة وأتبرع بمالها كله للخلاص نصحوني بأن هذا الفعل غير صحيح فأفدني بالله عليك ماذا أفعل لكي أحمي نفسي من عذاب الله في الدنيا والآخرة فأنا نادم على ما قمت به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: ما أقدمت عليه من الاقتراض بفائدة ربوية: ولا شك في أن ذلك حرام، لأن الربا من كبائر الذنوب، وتحريمه من المعلوم من الدين بالضرورة، وقد ورد على ذلك النهي الأكيد والوعيد الشديد، والآيات والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، ومن أفتى بجواز الفوائد الربوية فقد شذ وزل وضل وأضل، ولا يجوز لأحد متابعته في فتواه.
والأمر الثاني: كيفية التوبة لمن وقع في القرض الربوي: فالواجب على من فعل ذلك هو أن يتوب إلى الله من العمل الذي قام به، وإن استطاع أن يرد للبنك رأس المال فقط من غير فوائد فهو الواجب، فإن ألزموه بالفائدة فليدفعها ويتحملون هم وزرها، ولا يجب على من فعل ذلك أن يبيع ما اشتراه بذلك القرض ولا أن يرد المال المقترض فوراً إذا كان من له الحق -وهو البنك- آذنا بتأخير الرد، لأن هذا المال قد قبض بعقد فاسد وهو القرض الربوي والمقبوض بعقد فاسد يجب رده لصاحبه إلا أن يأذن صاحبه بالتأخير وهو هنا أذن.
ولا يلزم من فعل ذلك أن يتصدق بقيمة ما اشتراه بالقرض أو بجزء من ذلك، وبما أنك أخي السائل نادم على ما فعلت وتائب منه، فنرجو أن يتوب الله عليك وأن يتقبلك في عباده الصالحين.
والأمر الثالث: ما يصيب المؤمن من المصائب: لا شك أنها كفارة له من الذنوب والآثام ورفعة له في الدرجات بإذن الله تعالى، فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل ما أصابك كفارة لك، وأن يتقبل منا ومنك، وأن يخلف علينا وعليك بخير.
والله أعلم.