عنوان الفتوى : حب الرجل للمرأة الأجنبية.. نظرة شرعية أخلاقية

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

أنا حاج وأودي فرائضي والحمد لله توفيت والدتي منذ ثلاثة أشهر وحزنت لموتها وكانت رحمها اللهتكره عائلة بيت عمي وأساءت لهم كثيرا منذ 34 سنة عندما كنت أنوي الزواج من ابنة عمي حيث كنا نحب بعضنا حبا شريفا وتعاهدنا على الزواج وسافرت بعد تخرجي للعمل في دولة شقيقة لأكون نفسي وأعود لأتزوجها حتى لو لم توافق أمي، أبي كان قد توفي وأنا في الرابعة من عمري وبعد عدة أشهر رجعت فقيل لي إنها مخطوبة من غيري فذهبت لعندهم وسألتها إن كان أحد قد أجبرها على ذلك، فأجابت إن الضغوط كانت كبيرة جداً وأنا اعتبرتها قد اختارت، وتأثرت وعدت فوجدت أمي التي تمنت ذلك أن يحصل وعملت جاهدة لكي أغض الطرف عن ابنة عمي، المهم أسرعت بخطبة بنت أختها الجميلة لي ومرت الأيام وعشت حياة سعيدة ولكن تتخللها بعض المشاكل التي لم تمنع استمرارنا معا وأحببتها ولكن عواطفي نحو ابنة عمي كانت جامدة ولكنها موجودة ولم أنسها وكنت أحن لكي أعلم عنها الأخبار ولكن كبريائي منعني وخصوصا أنه كان هناك شبه قطيعة بين العائلتين، وعندما توفيت والدتي رأيت أن أذهب لكل أفراد أولاد وبنات عمي الذين أصبحوا عدة عائلات حيث تزوجوا كلهم. ومن بينهم ابنة عمي وزرتهم جميعهم بعد مضي 34 سنة على آخر لقاء بيننا وقبل أن أزور بنت عمي التي كنت مشتاقا لرؤيتها طلبت منها أن تسامح والدتي ومن عند عمل أخت لها حادثتها بالتلفون وسألتها عن أحوالها وهنأتها بأدائها فريضة الحج وللصدفة أننا أديناها السنة الماضية سويا من غير أن يعرف أحدنا الآخر حيث كنت أنا من دولة غربية وهي من بلد عربية وذهبت بصحبة أختها للسلام عليها بعد هذا اللقاء تحركت مشاعرنا وكأن الزمن قد عاد بنا إلى الوراء 34 سنة، لم أسلم عليها بالمصافحة خوفا من أن يحدث اللمس بعض الشعور فيلحق بنا إثم ولم تملّ عيناي منها ، وخفق الفؤاد ولم يتوقف حتى الأن وفاضت عواطفي ومشاعري ولم أستطع البقاء في البلد الذي توفيت به أمي وحيث كان موطني فبل أن أهاجر إلى الغرب وكنت خائفا ومرتبكا ومهزوزاحيث إن الحب القديم غدا كالتيار الجارف، وأنا وهي في هذا السن أنا عمري 63 وهي فوق الخمسين بقليل وعندما عدّت بكيت كثيرا بحرقة وحدثت زوجتي بالأمر فهي كانت تعلم بأنني قبل الزواج منها كنت أريد بنت عمي.حياتي العاطفية أصبحت معقدة فرجعت كالشاب ابن ال28 سنة أحب زوجتي جدا وأحب ابنة عمي بحرقة ولهفة وأحادثها بالتلفون كل يوم وهي متزوجة وعندها ثلاثة أولاد أصغرهم ابن الـ20 سنة وأنا أصغر أولادي 32 سنة أنا الأن أهدأ حالا مما كنت عليه منذ ثلاثة أيام ولو لا عطف زوجتي واحترامها لعواطفي الصادقة النبيلة لحصلت مشاكل وهي لا تقبل أن يكون لها شريكة في حبها أو حبي لها، وكل ما توافق عليه احترامها لمشاعري القديمة كذكريات أما أن يكون الحب قد عاد من جديد فهذا لا ترضاه، وأنا عرضت الزواج على ابنة عمي ولكنها تقول لي أنها لا تستطيع أن تخرب بيتها، وعائلتها تحتاج لها وأنا لا أريد أن أظلم أحدا لا عائلتي ولا عائلتها وحبي لابنة عمي ليس من السهل أن أنساه، فهل هذا الحب يغضب ربي وبه إثم؟ علما بأننا شرفاء في مشاعرنا ولا ننوي الحرام ولكن لا أنكر أننا نذوب حنينا وشوقا لبعض مع الشعور بالخوف من الله في كل أمورنا وأحاديثنا، ما رأي الدين في حبي هذا؟ أدعو الله أن يلطف بنا فأنا أبكي في صلاتي وأتضرع الى الله سحبانه أن يهدينا ويرشدنا سواء السبيل وأقول إنها حالة خاصة.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحب أنواع ومنه حب الرجل امرأة غير زوجته، وهذا لا يلام عليه إن كان وقع من غير قصد، كمن يعشق امرأة نظر إليها فجأة فتعلق قلبه بها، لأنه خارج عن كسبه وإرادته، والله سبحانه إنما يحاسب الإنسان على كسبه وعمله الداخل تحت إرادته، غير أن ما يحاسب عليه الإنسان هو ما ينتج عن هذا الحب من أفعال وأقوال ونحوها، فإذا ابتلي رجل بحب امرأة كحال السائل فاتقى الله تعالى وغض طرفه، حتى إذا وجد سبيلاً إلى الزواج منها تزوجها، لقوله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه.

وإلا صرف قلبه عنها، لئلا يشتغل بما لا فائدة من ورائه، فيضيع حدود الله وواجباته، فهذا لا يؤاخذ على هذا الحب، ولا يلام عليه، وقد ورد في الحديث: من عشق وكتم وعف فمات، فهو شهيد. وفي سنده ضعف، لكن معناه صحيح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر هذا الحديث: لكن المعنى الذي ذكره دل عليه الكتاب والسنة، فإن الله أمرنا بالتقوى والصبر، فمن التقوى أن يعف عن كل ما حرمه الله من نظر بعين، ومن لفظ لسان، ومن حركة بيد ورجل. انتهى

وأما الآخر فهو من دفعه هذا الحب إلى أن يطلق نظره ويشغل قلبه، ويضيع حدود الله وواجباته، فهذا الذي يوصف بالحرمة، ويأثم على ذلك، وهو إن وصل إلى هذا الحد فيكون مرضا يطلب له العلاج، وتقدم في الفتوى رقم: 9360 علاج داء العشق، فيلزم مراجعته.

وعليه، فنوصي السائل الكريم بأن يتقي الله وهو في هذا السن ويراقبه، ويصرف قلبه عن هذه المرأة المتزوجة، وأن لا يكلمها ولا ينظر إليها، ونوصيه أن يصرف همه إلى زوجته وأولاده وأن يداوم على قراءة القرآن والإكثار من الدعاء بأن يعافيه الله من هذا البلاء.

وأن يحذر من إفساد هذه المرأة على زوجها وتدمير أسرتها، فإن هذا من التخبيب الذي نهى الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد واللفظ له، والبزار وابن حبان في صحيحه.

كما نوصيه بالتوبة إلى الله عز وجل مما فعل من النظر إلى هذه المرأة، يقول تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور: 30}.

ولعل ما تغير من أحواله عقاب عاجل على هذا الذنب، فليتق الله وليغض بصره، ومن خير ما يشتغل به من بلغ هذا السن التوجه إلى الله، والاستعداد للقائه والنظر فيما ينفع في الدار الآخرة.

والله نسأل أن يعافينا جميعاً، وأن يحسن ختامنا إنه ولي ذلك، والقادر عليه.

والله أعلم.