عنوان الفتوى : وازني بين مفسدة ظلم زوجك ومفسدة الطلاق وعواقبه

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

تزوجت به وهو متزوج لأنه يدعي أن زوجته تسبب له كثيراً من المشاكل ولا تساعده على الدعوة وهو يقول كل حياتي لله ولخدمة هذا الدين، شدني حديثه هذا فقررت الزواج به بعدما تعبت من حياتي بين أهلي لأن الكل يلومني لماذا لم أتزوج وكأن الأمر بيدي قبلته، وقلت في نفسي هذا هو الرجل التقي الورع الذي كنت دائما أحلم به لنصرة ديننا الحنيف مصداقا لقوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ولأنني من المغرب وهو من ماليزيا سهلت عليه كل الإجراءات للزواج رغم أن الأمر ليس بالسهل في بلادي لم أشترط عليه أي شيء غير التقوى أنوي الخلاص من نظرات أهلي التي تسوم كسهم قاتل في قلبي فقط من باب الإشارة كنت مستقلة بحياتي أعمل في مدينة أخرى غير بلدتي الأصل نظرا لظروفي المادية الضعيفة وأمي المريضة التي أعمل من أجل مساعدتها وهي أيضا تعاني من جبروت أبي الذي لا عمل له ولا مسؤولية فقط مشاكل ومخدرات بل حتى إخوتي صاروا على نهجه إلا أنا وأخي التوأم ونحن الأصغر في البيت، إذن خلاصة القول أريد زوجا تقيا كي يتقي الله في وفي ظروفي القاسية التي مررت بها وأحصن نفسي من ذئاب المجتمع الذين يرونني فريسة سهلة المنال... بعد أسبوعين من الزواج بدأت أرى رجلا آخر يأخدني إلى العمل معه ويهددني لقد انتهى شهر العسل يجب أن تبحثي عن النقود لكي تساهمي في التذاكر وأشياء أخرى، أصابني بالذهول إذ كيف أعمل وأنا لا أتقن لغتهم والإنجليزية ومشاكل في الطبخ رغم أنني طباخة ماهرة طبعا طبخ بلدي كل شيء لوم وسب وتكسير لأثات البيت وأنا لا أفهم لماذا يتصرف هكذا طول مدة حملي مشاكل وصراخ وضرب والآن بعد أن أصبح عمر ابنتي سنة اكتشفت أن كل ذلك بسبب زوجته الأولى التي تحرضه علي بل يشاركها في كل ما يتعلق بي حتى في مشاكلي الصحية وأنا أعاملها والله على ما أقول شهيد بكل حنان واحترام لأنني أخشى الله في ظلمها... يستهزؤون مني و يسخرون مني لأنني أجنبية عنهم وتتعالى ضحكاتهم على مسامعي وأصبر لأن القرار صعب بالنسبة لي في ظروفي السابقة والآن ابنتي هذه المعاناة دامت ما يقارب سنتين والآن وهذا الصباح بالضبط طلبت الطلاق لأنني لا أستطيع أن أستمر في حياة مع رجل كل الوقت ينتقدني مثلا يلومني لماذا لم أكمل تعليمي الجامعي رغم أنني شرحت له الأمر مرات كثيرة ، خلاصة هذا كله لا تقدير ولا احترام لي مهما تبعلت ومهما عطفت عليه ومهما أحببته بل حتى قبلتي له ينزعج منها أحاول ما أمكن أن أرضيه ولكن أحتار دليلي معه ولا أريد أن أستمر وسأدفع الثمن غاليا أمام نظرة أهلي لي لأنني أنا التي اخترته وأنا التي أرغمت الكل على تقبله ... فأرجو أن ترشدوني لما فيه الخير وجزاكم الله عني كل خير.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويفرج كربك، وأن يعينك على ما أنت فيه، إنه نعم المولى ونعم النصير.

ثم اعلمي بارك الله فيك أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان، وشأن المؤمن فيها الصبر على ما يصيبه من أقدار فينال بذلك غفران الزلات ورفع الدرجات، واسمعي ربك جل شأنه يقول:  وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.

وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.

ويقول صلى الله عليه وسلم: يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتد البلاء، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يعيش على الأرض ما عليه خطيئة. رواه  أحمد وصححه الألباني.

فالزمي أختاه الصبر واعلمي أن مع العسر يسرا، وأن بعد الظلمة ضياء، هذا فيما يتعلق بنصيحتنا لك نحو هذه الهموم، أما فيما يتعلق بحال هذا الزوج، فالواجب عليه الكف في الحال، ثم التوبة والاستغفار فيما يسببه لك من أذية، وليعلم أن الله تعالى سائله عن ذلك، وأطلعيه على جواب لنا برقم: 69.

أما أنت فاجتهدي في نصح هذا الزوج ووسطي أقاربه وأهل العلم من بلده في أن يكف عن تلك الأمور، فإن تاب وغير من طبعه وعاملك معاملة حسنة ولم يفضل عليك ضرتك فاحمدي ربك على صلاح الأحوال، وإن لم يقبل النصح وبقي على ما هو عليه من التعامل فلا جناح عليك في طلب الطلاق منه.

على أننا نرى أن توازني بين مفسدة ما تعانيه من العناء معه ومفسدة الطلاق وعواقبه، ثم إذا رأيت أن مفسدة الطلاق ورجوعك إلى البيئة السابقة أعظم مفسدة فلتتحملي مفسدة أذى الزوج وكلامه، نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين.

والله أعلم.